الهندسة والآليات > التكنولوجيا
WattUp أحدث تقنيات الشحن اللاسلكي
أظن أن أغلبنا قد صادف أحدهم وهو يجلس بالقرب من المقبس الكهربائي وغير قادر عن الابتعاد كي لا يفصل هاتفه المحمول عن الشاحن ويتمكن من إكمال محادثته.. وجميعنا من دون شك فكر كم ستكون الحياة مريحة لو تمكنا من شحن هواتفنا وأجهزتنا المحمولة لاسلكيا.
كثر الحديث خلال العامين الماضيين عن شحن الأجهزة لاسلكياً، وقد تم التوصل لعدة أجهزة قادرة على إنجاز هذه المهمة لكنها تتطلب وضع الجهاز المراد شحنه بشكل قريب جدا من جهاز الشحن. لاحقاً تمكن علماء من معهد MIT من تطوير جهاز يقوم بتزويد الأجهزة البعيدة بالطاقة باستخدام الحقل المغناطيسي (magnetic field). لكن مؤخرا تم كشف النقاب عن جهاز واعد جديد في معرض الالكترونيات الخاص بالمستهلكين المقام في مدينة لاس فيغاس (2015 Consumer Electronics Show in Las Vegas). بدون شك سيغير هذا الجهاز مفاهيمنا بالطريقة التي نقوم فيها بشحن أجهزتنا إلى الأبد.
قامت شركة الالكترونيات (Electronics Company Energous) بتطوير تقنية اسمها WattUp تقوم بعملية شحن لاسلكي للتجهيزات المتصلة عبر البلوتوث بجهاز أشبه ما يكون بالراوتر، وتزويدها بالاستطاعة عند العمل ضمن مجال التردد من (5.7 إلى 5.8) غيغا هيرتز. تستطيع تقنية WattUp حمل استطاعة 0.25 واط لـ 12 جهاز، كما يمكن أن تزود أربعة أجهزة باستطاعة تصل إلى 4 واط في حال كانت ضمن مسافة 1.5 متر. ويصل مدى التغطية الأعظم إلى 4.5 متر، لكن الاستطاعة المقدمة عند هذا البعد تنخفض إلى حدود 1 واط. وبالمقارنة مع الشواحن التقليدية الشائعة، نجد أن شاحن أجهزة iPhone يقوم بتزويد الأجهزة باستطاعة تصل إلى 5 واط أي أنها أعلى من الاستطاعة التي تقدمها تقنية WattUp لكن يجب أن نوضح إلى أن الهدف الأساسي لتقنية WattUp ليس شحن الأجهزة بأقصى سرعة ممكنة، وإنما ضمان عدم انخفاض قيمة شحن البطارية وهذا شيء جيد بحد ذاته. تتميز تقنية WattUp بقدرتها على التميز بين الأجهزة التي تقوم بتزويدها بالطاقة. أي أن إرسال الطاقة ليس عشوائي، حيث يمكن ضبط إعدادات التطبيق الخاص بالتحكم في هذه التقنية. مثلا: نستطيع برمجة الجهاز على إبقاء مستوى شحن أحد الأجهزة الخليوية المتصلة به عند مستوى 100% طالما تواجد ضمن مجال التغطية ، في حين لا يتم إرسال الطاقة لفأرة الحاسب اللاسلكية حتى ينخفض مستوى شحن بطاريتها إلى عتبة 5%. وفي حال تواجد عدة وحدات شحن لاسلكية (WattUp) في المنزل فسيتم شحن الأجهزة المتصلة من قبل الوحدة الأقرب (المبدأ مشابه للاتصال بنقاط الشبكة اللاسلكية).
وللمهتمين بمكونات هذه التقنية أو هذا النظام إن صح التعبير، فالنقاط التالية ستوفر شرحا مبسطا لأهم مكونات النظام:
1. وحدة الإرسال في (WattUp (Transmitters: تعتمد مرسلات النظام على تقنية الهوائيات متعددة المداخل والمخارج (MIMO – Multiple Input Multiple Output). التي تستطيع إرسال طاقة تصل إلى 23 dBm خلال زاوية تغطية موجهة بحدود 120 درجة بعرض طيف ترددي 900 ميغاهيرتز (بين 5.7 و 5.8 غيغاهيرتز).
يقوم المرسل في بداية عمله بعملية مسح للبيئة المحيطة باستخدام أشعة ذات استطاعة منخفضة تمكنه من التعرف على ما يحيط به من أجهزة استقبال وحواجز (جدران، أرض، سقف ...). حيث تصل الأشعة المتشتتة (والتي يسلك كل منها مساراً مختلفاً بتأثير الانعكاس والانكسار على الحواجز) إلى هوائيات المستقبل في النظام. مما يمكن النظام من إنشاء نماذج تداخل بناءة أو هدامة (تجميع الأشعة والتداخلات بشكل متحكم به). هذه النماذج ستشكل أفضل توجيه لإرسال شعاع الطاقة إلى الأجهزة المراد شحنها. تسمى هذه التقنية بتقنية تشكيل الجيب (Pocket-Forming Technology)، هذه التسمية مشتقة من أن نماذج الأشعة بعد التراكب ستكون أشبه ما يكون بالجيب المحيط بالجهاز المستقبل. وهكذا يستطيع النظام إرسال الطاقة إلى 12 جهاز كحد أقصى في دائرة تغطية بقطر 5 أمتار.
2. وحدة الاستقبال في (WattUp (Receivers: كما ذكرنا في حديثنا عن القسم المرسل بأن WattUp ستقوم بتوجيه شعاع الطاقة من خلال تقنية تشكيل الجيب (Pocket-Forming Technology). يتم تجميع الطاقة بواسطة المستقبل بالإعتماد على مصفوفة من المواد الفائفة (metamaterial array). ثم تقوم دارة متخصصة (ASIC – Application Specific Integrated Circuit) بتحويل الإشارة الراديوية إلى تيار مستمر يقوم بعملية الشحن المطلوبة.
ينبغي توضيح أن عملية إرسال الطاقة لا تتم إلا على طلب الجهاز المستقبل بعد تأسيس وصلة اتصال بين المرسل والمستقبل (مرحلة تأسيس الوصلة يمكن تشبيهها بمراحل الاتصال الأولية مع راوتر الانترنت اللاسلكي المعتاد حيث يتم التأكد من عدة معلومات قبل تزويد الجهاز بالانترنت). المسؤول عن هذه العملية هي برمجيات التحكم بالنظام. حيث يقوم بجمع معلومات مثل بارامترات التعريف (identifying parameters)، معدل طاقة المستقبل، حالة الشحن، حالة الوصلة اللاسلكية واتجاه الجهاز المستقبل للطاقة. هذه المعلومات ستمكن النظام من التحكم بوحدة الإرسال (مستويات الطاقة وشكل الحزمة المرسلة).
3. تطبيق WattUp: يمكن التحكم بتقنية WattUp من خلال التطبيق المعتمد من قبل الشركة المطورة أو من خلال صفحة انترنت (Web Portal). حيث يمكن من خلال التطبيق تعريف الأجهزة المستقبلة والتحكم بكمية الاستطاعة المقدمة لكل جهاز.
فيما يلي بعض الميزات التي يقدمها التطبيق:
· تحدد الأولوية للأجهزة المستقبلة بالاستطاعة.
· تحديد مستويات الاستطاعة التي سيتم تزويد الأجهزة المستقبلة بها علماً أن المستويات متزايدة بمقدار 0.25 واط.
· تحديد مستوى أدنى لاستطاعة الأجهزة المستقبلة (في حال وصول الجهاز المستقبل إلى الحد الأدنى يتم تزويده بالاستطاعة بشكل تلقائي).
· إمكانية إنشاء جداول زمنية لتحديد فترات الشحن لكل مستقبل خلال اليوم.
· سماح أو منع شحن الأجهزة المستقبلة وهي قيد الاستخدام.
· إعلام المرسل في حال تم وصل الجهاز المستقبل بمصدر شحن تقليدي.
· إتاحة المجال للمستخدمين للتعرف على المواقع التي تحوي تقنية WattUp على الخريطة وفيما إذا كانت التقنية متاحة بشكل مجاني أو مدفوع.
وبعد هذا السرد المفصل عن تقنية WattUp وميزاتها، لا بد من استعراض العوائق والعيوب التي تواجهها هذه التقنية حاليا.
أحد هذه العيوب هو أن فعالية النظام لا تتجاوز 70% نتيجة تأثير الإرسال عبر الهواء. إلا أن الشركة المطورة تعد بتحسين الفعالية لتقترب من 100%. إلا أن العيب الأكبر هو عدم توافق البطاريات الموجودة في الأجهزة الخليوية مع هذه التقنية! حيث يلزم استخدام بطارية خاصة تسمى WattUp-enabled battery pack. إلا أن الشركة المطورة تؤكد أن هذا النوع من البطاريات سيكون موجوداً في الأسواق أواخر عام 2015 وبسعر مقبول.
وفي الختام نأمل بأن تكون هذه التقنية بداية لعصر جديد نستغني فيه عن الشواحن السلكية.
المصادر:
مصادر الصور: