الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء
أغرب وسائل الدّفاع عن النّفس في مملكة الحيوانات
أن تكون فردًا من المملكة الحيوانيّة، يعني أنّ عليك أن تكون متيقّظًا دومًا، فإمّا أن تكون قاتلًا أو مقتولًا! فامتلاك وسائل دفاع عن النّفس ضرورة ملحّة لتبقى على قيد الحياة. إليكم أغرب وسائل الدّفاع عن النّفس، التي قد تثير استغرابك أحيانًا و اشمئزازك أحيانًا أخرى!
لنبدأ من الحيوانات التي قد يصل بها الدفاع عن النفس إلى درجة كسر عظامها، بغية تجنّب المفترسين و منها:
"الضّفدع ذو الشعر" أو كما يسمّى "الضّفدع المخيف"، فعند تعرّض هذا الضّفدع لهجوم مفترس، يكسر عظام أصابع قدمه، فتثقب هذه العظام جلده مشكّلةً ما يشبه مخالب القطّة. ويعتقد العلماء أنه بعد زوال الخطر و تهديد المفترس تسترخي عضلات الضفدع لتعود المخالب لمكانها .
"السّلمندر ذو الأضلاع الإيبيري"
يتبنّى هذا الحيوان أيضًا سلوكًا دفاعيًا يقوم على إيذاء نفسه عند تعرّضه للهجوم. فهو يدفع بأضلاعه إلى الخارج لتثقب جلده ،ثمّ يُفرز سُماً عبر هذه الثّقوب. أما المفترس المتحمّس للغذاء الذي ينتظره، فيتلقّى بدايةً وكزة حادّة تجرحه ليدخل بعدها السّم مسببًا له الضربة القاضية. تلتئم بعدها جراح السلمندر بشكلٍ مدهش دون أن تترك أيّة ندبة، مما دفع بالعلماء لمحاولة محاكاة ما يحدث بجراح السلمندر لحل مشكلة الجروح و التئامها عند البشر.
هل شعرت يوماً ما بالغضب لدرجة الشعور بأنّك على وشك " الانفجار"؟ يبدو أنّ هذا التّعبير مبالغٌ فيه، لكنّك ستندهش عندما تعلم أن بعض الحيوانات تملك هذا السلوك " الانفجاري" لتدافع عن نفسها ، لنتعرف عليها :
"النّمل الحفّار الماليزي Camponotus saundersi "
يمتلك هذا النّمل غدداً داخليّة مليئة بالسّم، وعندما يشعر بالتّهديد يتقلّص بطنه فتنفجر هذه الغدد و يتطاير السّم على المفترس.
"الأرضة" أو ما يسمّى "النّمل الأبيض Neocapritermes taracua " المنتشر في غويانا الفرنسية (غويانا منطقة توجد في الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية ، و تشمل غويانا وسورينام وغويانا الفرنسية وأجزاء من فنزويلا والبرازيل). تمتلك الأرضة ما يشبه العبوّة النّاسفة، فهي تفرز بلورات زرقاء سامّة إلى جيوب خارجيّة في جسدها، تتفاعل هذه البلّورات مع لعاب المفترس، فإذا ما عضّ المفترس الأرضة تنفجر الجيوب لتشلّه و من ثمّ تقتله، و مع الأسف تلاقي الأرضة نفس المصير، لكنّها على الأقل تموت ميتة مشرّفة!
أمّا بالنسبة لأكثر الوسائل الدفاعية إثارة للاشمئزاز، فتكون بإفراز مواد مقززة لإبعاد الأعداء و من الأمثلة على ذلك:
"الخنفساء المدفعيّة "bombardier beetle
جعلت هذه الخنفساء من شرجها مدفعًا يُطلق سائلاً حاراً لتحذّر كلّ من يحاول الاقتراب منها، فهي تمتلك مخزناً غُدَديّاً تخزّن فيه مادتين بشكل منفصل، يحوي أحد أقسام الغدد الهيدروكينون و بيروكسيد الهيدروجين، أمّا الآخر فيحوي مزيجاً من الأنزيمات المحفّزة للتفاعل، عندما تعصر الخنفساء المخزن تمتزج المواد و تتفاعل لينتج عنها خليط سائل بدرجة حرارة تقارب درجة الغليان.
ليست هذه الخنفساء الوحيدة التي تستخدم شرجها للدّفاع عن نفسها، بعض الحيوانات تُفرز مواد قد تسبب العمى لعدوّها :
"حوت العنبر القزميّ"
لربما يوحي اسمه بأنّه حوتٌ صغيرٌ جميل كباقي الحيوانات الصغيرة، كما قد تظنّه معرّضًا لهجوم الأحياء المفترسة الجائعة كالحيتان الأكبر منه مثل الحوت القاتل" Orca"، اطمئن فهو لن يسمح لأحد بالاقتراب منه كونه يملك عضوا مفرزا فوق شرجه، و عند تعرّضه لأيّ تهديد ينفث هذا العضو سائلا قاتما في الماء، ينشره كما لو كان فنانًا يرسم لوحةً بريشته، وكأنّه يطفئ الضوء قليلًا ليتمكّن من الهرب.
"خيار البحر Sea cucumber"
لا يخجل خيار البحر أيضًا من طرح مواد من شرجه بغية الدّفاع عن نفسه، فهو يقلّص جسده عند تعرّضه للهجوم، فتخرج أمعاؤه و بعضُ أحشائه لتكبّل مفترسه و تعيق حركته، و بعض أنواع خيار البحر تحوي أحشاؤها مادة الهولوثورين السّامة، لتلقّن المفترس درسًا لن ينساه. من منّا كان يعلم أنّ للشرج استخدامات مثيرة كهذه!
عند الإنسان و أغلب الحيوانات لا يُعد البراز ذو جدوى دفاعية، لكن بالطبع ليس جميعها، فبعض الحيوانات تعتمد على برازها كأملها الوحيد في البقاء على قيد الحياة و منها:
"خنفساء البطاطا potato beetle"
تتغذّى هذه الخنفساء على نبات سام يسمّى ظل اللّيل، ثمّ تغطّي نفسها ببرازها الحاوي على هذه المادة السّامة، صانعةً لنفسها حصنا برازيّا!
الخنفساء المسماة "خنفساء أوراق الحبوب "Cereal Leaf Beetle "أو Oulema melanopus" "
هذه الخنفساء أيضًا تتبنّى نفس المبدأ، فهي تحتفظ ببرازها على شكل مخاط لزج مشكّلًا حقيبة ظهر نتنة.
و الآن ، ما رأيكم بالأساطير التي تتحدث عن مصاصيّ الدّماء و الكائنات المخيفة؟ حسناً ، على ما يبدو فإنها لا تنافي الواقع تماماً، فبعض الحيوانات لديها وسائل دفاع عن النّفس تشبه أفلام الرّعب، و إليك هذه العيّنة:
"سحليّة تكساس القرناء Texas Horned Lizard"
ليس شكلها الأقرن وحده ما يدعو للخوف، بل إنّ هذه السّحليّة قادرة على رفع ضغط الدّم في رأسها لدرجة أنّ الأوعية الدّموية في أجفانها تنفجر و تخرج منها ضخّات من الدّم الممزوج بمفرزات أخرى مقرفة، لمسافة تصل إلى خمسة أقدام. و لسوء حظ هذه السّحلية فإنّ كل هجوم عليها سيكلفها ثلث كمّية دمها، تخسره بهذه العمليّة، لكنّ ذلك يبقى أفضل بكثير من أن تُؤكل.
و فيما يبدو أن الوسائل المدهشة كثيرة ، فمن منّا يتصوّر أنّ كتكوتًا صغيرًا جميلًا لم ينبت ريشه بعد قد يبدي سلوكًا عدائيًا!
عندما يتعّلق الأمر بالتهديد قد تختفي معالم البراءة لفترة، فصغار "الفلمار Fulmar" ) أحد أنواع طيور القطب الشمالي) تُنتج معدتها زيتًا فاسدًا جاهزًا للقذف على وجه من يحاول افتراسها، ظاهريًّا لا يبدو ذلك سوى مداعبة بسيطة للمفترس، إلّا أنّ مفعوله قويّ فهو يلبّد ريش المفترس مانعًا إيّاه من الطيران.
لننتقل إلى أسماك الهاغ "Hagfish" الفريدة من نوعها و الفريدة بأسلوب دفاعها عن نفسها.
فهي أسماك جميلة و مثيرة كونها تُعد كمستحاثات حيّة ، بمعنى أّنها تشبه تقريبًا أسماك الهاغ التي وُجدت قبل 300 مليون سنة ، و تُعد هذه الفصيلة رابط مهم بين الفقاريات و اللافقاريات، فلم يُعرَف غيرها من الحيوانات التي تمتلك قحف و لا تمتلك عمود فقري. أمّا عن طريقة دفاعها عن نفسها، فعندما يعضّها مفترس، تُفرز من ثقوبها مواد غرويّة، تتفاعل هذه المواد بسرعة مع الماء المحيط بها لينتشر بطريقة استعراضية ، و هذا ما يسد غلاصم المفترس مسبّبًا اختناقه.
المصدر:
الصور: