الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية
تأثير الايبوبروفين ومستقلباته في البيئة
هل فكّرنا يوماً في مصير الدّواء الّذي نتناوله؟
أَمِن الممكن أن يعالجنا ويضرّ بما حولنا؟ أيضرّ بالبيئة؟ بالثّروة السّمكيّة مثلاً؟
في مقالنا هذا نستعرض مادةً دوائيّةً شائعة الاستخدام العلاجي وهي الإيبوبروفين (مضادّ التهابٍ لا ستيروئيديّ)، وكيف من الممكن أن يكون له ولنواتج استقلابه تأثيرٌ سلبيٌّ على البيئة من حولنا.
----
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺈﻳﺒﻮﺑﺮﻭﻓﻦ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺄﺩﻭﻳﺔ اﻟﺄﻛﺜﺮ ﺩﺭﺍﺳﺔً ﻓﻲ البيئة المائيّة، إلّا أنّ هناك نقصاً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻣﺼﻴﺮﻩ ﻭﻣﺼﻴﺮ المواد الناتجة عن استقلابه سواء في جسم الإنسان أو في محطّات الصّرف الصّحي من خلال الكائنات الدقيقة الموجودة هناك.
لكن ماهو تأثير هذه المواد؟
في ﺩﺭﺍﺳﺔٍ أُجريت على مياهٍ جاريةٍ في البيئة المائيّة، وُجد أنّ للأدوية ولمواد أخرى موجودة في الأنهار والجداول تأثيرات سلبية على مبيض الأسماك و كيفيّة تزاوجها. وقد حذر العلماء من هذه المواد حتى عندما تكون بتراكيز بسيطة ليست كافية لإحداث ضرر ظاهري.
"نحن بحاجةٍ لأن نوجّه انتباهنا للتّأثيرات على السّلوك، خاصةً مع المنتجات الدّوائيّة". هذا ما قالته Melissa Schultz الكيميائيّةٌ في كلية ووستر في أوهايو، وهي تقوم بدراسة تأثير المواد المضادة للبكتيريا التي تضاف للصابون ومواد التنظيف كالتريكلوزان وتريكلوكاربان triclosan and triclocarban.
ففي دراسةٍ لها حول تأثير هذه المواد على البيئة المائيّة، أشارت إلى كون التّأثيرات الدّقيقة هي المعضلة الرّئيسيّة، فمن السّهل أن تكشف إن كانت السّمكة تعاني تغيراتٍ تشريحيّةً ظاهريّةً، كأن تكون خنثى أو لا تملك خصائص جنسيّةً ثانويّةً بالغةً، بينما يتطلّب تحديد الآثار على سلوك التّزاوج عملاً غايةً في الدّقة.
ماذا عن الإيبوبروفين؟
وجدت Dalma Martinović -وهي عالمة سمومٍ بيئيّةٍ- في دراسة لها تأثيراتٍ مقلقةً على سمك الزيبرا (Danio rerio) الّذي وُضِع في خزاناتٍ تحوي 50 ميكروغراماً لكل لتر ( 50 جزء بالمليار) من 'الايبوبروفن.
فوجدت أن 'الايبوبروفن' كما هو معروف يعمل على تثبيط إنزيمين COX-1 و COX-2 الّذين هما جزء من المسار الذي ينتج البروستاغلاندين الذي له دورٌ في الالتهاب عند البشر. ولكن عند الأسماك للبروستاغلاندينات دور إضافي هام كفرومونات*، تلعب دوراً في المبيض وفي بدء السلوك الجنسي عند السّمك.
وقد وجدت العالمة انخفاضاً هاماً في سلوك التكاثر كالمطاردة وملامسة الأنوف عند الذكور المُعرّضين للايبوبروفين.
من الجدير بالذكر وجود هذا الدواء في عينات بيئية بمستويات تصل حتى 20 ميكرو غراماً لكل ليتر، وهذا أخفض قليلاً من المستويات المستخدمة في دراسة Martinović.
أشارت كلا الباحثتين إلى أنّ السلوكيّات المتأثّرة يمكن أن يكون لها نتائج على قدرة الأنواع السّمكيّة على التّكاثر في الطبيعة. وأنّ التأثيرات على السّلوك ربّما تكون أكثر شيوعاً وحساسيّةً من التّغيرات التّشريحيّة والفيزيولوجيّة الطّارئة.
James Lazorchak - عالم الأحياء المائيّة من وكالة الحماية البيئيّة في الولايات المتّحدة سينسيناتي أوهايو، لم يشارك بأيّة دراسةٍ، لكنّه يتّفق على أننا بحاجةٍ لتوجه انتباهنا تجاه السّلوك وخاصّةً مع المستحضرات الدّوائيّة.
*الفرمونات مواد كيميائية تطلق خارج الجسم عند بعض الأنواع ولها تأثير علس سلوك أفراد نفس النوع الذين يتلقون هذه الفرمونات.
المصادر :