الفيزياء والفلك > فيزياء
خطوة جديدة نحو استخدام الضوء بدلاً من الإلكترونيات التقليدية في الحواسيب
صمم مهندسون في جامعة ستانفورد جهازاً يشبه الموشور، بإمكانه تقسيم حزمة ضوئية إلى ألوان مختلفة وحني الضوء بزوايا قائمة، هذا التطور سيؤدي في النهاية للتوصل إلى الحواسيب التي تستخدم البصريات بدل الكهرباء لنقل البيانات.
تم ذلك باستخدام ما دعوه بـ "الوصلة البصريّة" (optical link)، وهي شريحة رقيقة من السيليكون محفور عليها خطوط متقطعة تشبه الباركود. عندما يسقط شعاع الضوء على هذه الوصلة تنفصل الحزمتين الضوئيتين ضمن هذا الشعاع واللتان لهما طول موجي بشكل متعاكس وبحث تعامد كل منهما حزمة الضوء الأصلية مشكّلتين معها شكل حرف T. تقول البروفيسورة في الهندسة الكهربائية جيلينا فوكوفيك Jelena Vuckovic التي تقود البحث: "بإمكان الضوء نقل كمية أكبر من البيانات مقارنةً بالأسلاك، ويلزم طاقة أقل لنقل الفوتونات مقارنة بالإلكترونات"، وكان فريقها قد طور أثناء عمله السابق خوارزمية أتمتت عملية تصميم البنى البصرية ومكنتهم من خلق بنى نانوية للتحكم بالضوء لم يكن من الممكن تخيلها مسبقاً. أما الآن فتعمل Vuckovic وطالب الدكتوراه في الهندسة الكهربائية ألكسندر بيغوت Alexander Piggott على توظيف هذه الخوارزمية لتصميم، وبناء واختبار وصلة متوافقة مع شبكات الألياف البصرية الموجودة حالياً.
صُنعت الوصلة المصممة في جامعة ستانفورد عبر حفر خطوط متتالية صغيرة داخل السيليكون الذي يقسم أمواج الضوء كموشور في أبعاد صغيرة. وقد صممها الفريق مستفيداً من المعرفة الدقيقة لتغير سرعة انتشار الضوء عندما يمر عبر مواد مختلفة. فسرعة الضوء في الخلاء ثابتة وتساوي تقريبا 300000 كيلومتراً في الثانية ولكن هذه السرعة تتغير من وسط لآخر، إذ تقِلّ سرعة الضوء في الأوساط الأخرى، ويدعى المقدار الذي يصف هذه الخاصية في مادة ما بقرينة انكسار المادة والتي تساوي إلى سرعة الضوء في الخلاء مقسومة على سرعته في هذه المادة. فقرينة الانكسار للهواء مثلاً لها قيمة قريبة من الواحد أما الماء فقرينة انكساره 1.3 . والأشعة تحت الحمراء تنتقل عبر السيليكون كذلك أبطأ حيث تكون قرينة انكسارها 3.5.
صَمّمت الخوارزمية بنية من أشرطة سيليكون وفراغات من الهواء بالتناوب بطريقة محددة. مستفيدين من فكرة أن الضوء عندما يعبر من وسط إلى الوسط الذي يليه، ينعكس قسم من الحزمة الضوئية ويمر القسم الاخر ( كما يحدث عندما تنظر نحو الزجاج بخط مائل، فترى الخارج وترى انعاكس لصورة غرفتك أيضاً). فعندما يمر الضوء عبر الخطوط المتتالية من السيليكون يتداخل الضوء المنعكس مع الضوء الوارد بطريقة معقدة. تمت الاستفادة من هذا التداخل الدقيق لتوجيه حزمة ذات طول موجة معين نحو اليسار، وحزمة ذات طول موجة مختلف نحو اليمين، وكل ذلك يجري داخل شريحة سيليكونية رقيقة طولها 8 ميكرونات (الميكرون يساوي واحد على مليون من المتر).
عندما تم اسقاط حزمتين ضوئيتين يوافق طوليهما الموجيين الأطوال الموجية الأكثر استخداماً في شبكات الألياف البصرية، والمسماة العصابة C والعصابة O أعادت البنية المكونة من خطوط السيليكون المتتالية توجيه العصابتين أحدهما بجهة اليسار، والأخرى بجهة اليمين بشكل معامد لجهة الحزمة الأصلية. صمم الباحثون هذا النمط من شرائط السيليكون وهم يعلمون بالأساس ماهي الوظيفة التي سيؤديها. فبما أنهم أرادوا أن يتم توجيه العصابة C والعصابة O باتجاهين متعاكسين جعلوا الخوارزمية تصمم بُنية لإتمام ذلك. فقد كانوا يرغبون أن يكون البرنامج قادراً على تصميم البنية المطلوبة بحجم محدد وذلك فقط بمعرفة مميزات الحزمة الضوئية الداخلة والخارجة. تقول Vuckovic : "لعدة سنوات، صنع الباحثون في مجال الفوتونيات النانوية بنىً باستخدام هندسات بسيطة وأشكال منتظمة إلا أن الشكل الذي تراه والتي تم انتاجها بواسطة هذه الخوارزمية لم يصنع أحد شيئاً مماثلاً لها من قبل".
بدأت الخوارزمية عملها مع تصميم بسيط من السيليكون فقط. بعد ذلك وعبر مئات التعديلات الطفيفة أوجدت هذه الخوارزمية بنىً من الشرائط المتقطعة أفضل وأفضل لإنتاج الحزمات الضوئية المطلوبة. وكانت التصميمات السابقة في البنى الفوتونية النانوية قائمة على الأشكال الهندسية المنتظمة وعلى حدس المصمم. إلا أن الخوارزمية الجديدة بإمكانها تصميم هذه البنية فقط في 15 دقيقة على الحاسوب. كما تم استخدامها لتصميم أشكال عديدة من هذه الأجهزة، التي ستشكل أنماطاً مختلفة أكثر في التواصل البصري لنقل المعلومات.
يقول Piggott : "الخوارزمية هي المفتاح. فهي تعطي الباحثين أداة لابتكار مكون بصري لتأدية مهمة محددة، وفي الكثير من الحالات مكونات كهذه لم يكن من الممكن لها أن توجد من قبل. كما أنه لا توجد طريقة لصنع هذا النوع من الأجهزة بطريقة تحليلية.
المصدر: هنا