التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية
الآلهة و العقائد و الميثولوجيا الكنعانية-الأوغاريتية ... الجزء الثالث
تحدثنا في الحزء الثاني من هذه السلسلة عن الآلهة الكنعانية، مميزاتها وصفاتها، هذه الآلهة التي سجلت في الميثولوجيا الكنعانية كان لها التأثير الكبير على الكنعانيين ومن حولهم على حد سوء، بالإضافة إلى تلك الآلهة، فقد عرف الكنعانيون جملة من الأساطير المميزة التي حفظها الزمن حتى يومنا هذا، تلك الأساطير التي بقية قصة يرددها الأجيال جيل بعد جيل جعلت منها مادة بحثية مهمة لابد من تصنيفها والاطلاع عليها.
الأساطير الكنعانية :
أسطورة بعل
من يتتبع تماثيل بعل في متحف (دمشق) ومتحف (بيروت) ويتفحص الهيئة التي تجسدت بها هيئة التماثيل، ومن يكن له بعض الثقافة عن آلهة السومريين والأكديين، سيقف على حقيقة مفادها، أن الاعتقادات القديمة، حول تصور الحياة في المنطقة متداخلة وربما انتقلت من خلال بلاد الشام الى إفريقيا وأوروبا ، فمن الأسماء التي أطلقها الكنعانيون على (بعل) ـ وهي كثيرة ـ ومنها (هدد) وهو الطقس عند الكنعانيين في حين الإله (أدد) عند السومريين والأكديين والذي ورد في ملحمة (كلكامش) هو إله الرعد.
في نماذج لتماثيل (بعل) في متحفي (دمشق وبيروت) وجدت هيئة بعل في حوالي 1900 ق م، يمد اليد اليمنى للأمام واليد اليسرى الى الأسفل، ويعتمر غطاء للرأس، مع أنف على شكل منقار وجسد نحيل، ويظهر معه ثور أو أسد في بعض النماذج. ولكن في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، تخلى (بعل) عن مساعدة الثور أو الأسد، وبدا بشكل قاسي ويحمل وجه شيطاني و يرفع يده اليمنى للأعلى ويمد اليد اليسرى للأمام وعيون غائرة أو جاحظة وفم مفغور، وهذا النموذج موجود في متحف (حلب) من الحضارة الأوغاريتية ، وهذا النموذج يبقى مستمرا للنهاية .
تكثر الأساطير عن صراع (بعل) مع (يم) ، وأسطورة دعوة (بعل) ل (عناة) لزيارته للكشف عن سر الطبيعة ، وأساطير صراع بعل مع القوى السفلية ، وصراعه مع (شليط) و( عتك) و (إيل) و (إشت) والكثير من الأساطير التي تغلغلت في التراث الشعبي في المنطقة ، وانتقلت الى إفريقيا
أسطورة أدونيس
في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، توارت أساطير (بعل) وقوته في السواحل السورية واللبنانية والفلسطينية المتاخمة أصلا لحضارتي وادي النيل والعراق. وظهرت أسطورة أدونيس في المدن اللبنانية أولا، فمدينة (جبيل) وكان اسمها (آدون) ومعناها السيد أو الرب، وهو اسم مماثل في العراق حيث (أدون) هو إله رافديني يمثله (دموزي) السومري و (تموز) البابلي وهما يمثلان المراعي والخصاب والجمال، وبقيت العلاقة الثنائية بين (تموز وعشتار) أساسا لأساطير الحب في العالم القديم ، وانتقلت عبادة (أدونيس) من شرق المتوسط الى مصر، حيث كان له معبد في مدينة فاروس وهي الإسكندرية.
ولادة أدونيس
كانت (مورا) فتاة جميلة جدا تفاخرت ذات يوم مع الإلهة (فينوس) بنعومة شعرها، فحقدت عليها (فينوس) وحكمت عليها بأن تقع في حب آثم مع (أبيها) واستعانت بالملاك (كيوبيد) بأن يرشقها بسهام الحب وهي نائمة، فرشقها فوقعت بحب والدها ، وكان الخاطبون يتقاطرون على (مورا) في حين ترفضهم كلهم، وطلبت من مربيتها
أن تعينها في وضع خطة لتلتقي مع أبيها وتمارس معه الحب دون أن يعلم ،
فأخبرت المربية والدها بأن أحد جواريه تريد معاشرته ، فاستجاب للطلب فوضعت وشاحا أو قناعا على وجه (مورا) وتم لها ذلك وكررت اللقاء، حتى اكتشفها والدها فأشهر سيفه ليقتلها ، فهربت بالليل واختفت ، وتضرعت للآلهة بعد أن اقترب موعد ولادتها من الحمل الخاطئ ، وطلبت من الآلهة أن تتحول الى شجرة فاستجابت الآلهة وتحولت (مورا) الى شجرة، فتمددت أصابع رجليها لتتحول الى جذور اخترقت الأرض، وتحولت يديها الى أغصان وفروع وعظامها الى خشب ، وجلدها الى لحاء وهكذا تحولت شجرة (المر أو العفص) التي هي (مورا) الى شجرة مقدسة لا يزال الكثير من الناس حتى اليوم يقدسون أو يعتقدون بدور تلك الشجرة أو نماذج منها يختارونها في جبال سوريا و لبنان والأردن ، ويربطون بها قطعة من قماش لمن تريد أن تتزوج أو يخطبها أحد الشبان.
دنت ساعة الولادة، فانشق اللحاء وخرج الوليد لتلتقطه (الحوريات) ويغسلنه بدموع أمه ووضعه فوق العشب، وكان طفلا جميلا جدا يشبه الآلهة.
خلاف فينوس و برسفونة على أدونيس
كانت فينوس تراقب ولادة أدونيس، فتعلق فؤادها بجماله وشغفها حبا، فأوكلت تربيته بعد أن خطفته ووضعته بصندوق وأعطته لأختها (برسفونة) ملكة الجحيم، وعندما كبر وقعت (برسفونة) في حبه فتقاتلت الأختان عليه فاحتكمتا عند كبير الآلهة (جوبيتر) أو (زوس) فقسم السنة الى ثلاثة أقسام، كل قسم من أربعة أشهر، قسم لفينوس وقسم لأختها وقسم يكون أدونيس حرا يقضيه مع أي منهما، فاختار فينوس ليقضي معها ثلثي العام والثلث الآخر مع شقيقتها.
تحذير فينوس لأدونيس
لم تكن فينوس لتترك أدونيس في الأربعة أشهر التي يقضيها مع شقيقته، بل كانت تطوف حوله بعربتها التي تجرها (بجعات مجنحة).. لتختلي به، فاختلت به في أحد المعابد، فولد لهما خنزير ، نتيجة الخطيئة فلحق الخنزير بأدونيس وعضه بأنيابه في فخذه، فارتمى وأخذ يصرخ ودماءه تسيل على الرمال وقد كانت فينوس هي من حذرته من خلال سرد قصص لقوة الإثم في ممارسة الجنس بالمعابد.
دم أدونيس
سمعت فينوس أنين أدونيس فهرعت فلما رأت دماءه، شقت ثوبها، ولطمت وجهها، وقررت أن تلون الأزهار البيضاء بحمرة دمه، فظهرت (شقائق النعمان) بلونها الأحمر المعروف و هناك عيدا للطائفة اليزيدية في شمال العراق، يحتفلون فيه بشهر (إبريل / نيسان) كيف هو الاهتمام بزهور شقائق النعمان، وكيف وضعوا مجاميع من تلك الأزهار على أبواب وشبابيك بيوت قريتهم برنامج بثته قناة الموصلية العراقية في 20/4/2007.
أسطورة إشمون
إشمون هو إله النار وهو إله صيدا.. وقد عُبد هذا الإله في بيروت وقرطاج وقبرص وسردينيا وشمال إفريقيا ، وكان اسمه في مدينة صور اللبنانية (ياسومون) وهو إله الطب عند أهل صور وقد أعطي اسمه لزهور (الياسمين) وقيل أن (إشمون) هو (شامون) ويعني الإله الثامن من حيث ترتيبه بين أخوته.
أسطورة شدرافا
وهو إله الطب الواقي من لسعات الأفاعي والعقارب والحشرات، ولذلك أينما ظهر له تمثال، ظهر مع أفعى، ومنه أخذت إشارة الصيدلة الراهنة، وقد ظهر هذا الإله في القرن الخامس قبل الميلاد، وأقيم له معابد في كل من صور وصيدا وإيليس و معد و قرطاج.
أسطورة حرون
كانت كلمة (حر) التي اشتق منها اسم الإله (حرون) تعني الشمس، وكانت العرب تشير الى كوكب المشتري باسم (حر) وكان الإله المصري (حورس) وهو ابن الإله (رع) هو إله الشمس ويرمز إليه بالصقر.
أما الإله الكنعاني (حورون) أو (حوران) فهو مرتبط بنسبه بالإله (شاليم) وكان يعبد في شمال العراق (حران) وجنوب سوريا (حوران) وظل تمثاله أو صورته في مسلة (مؤاب) جنوب الأردن الى القرن الثاني أو الثالث عشر الميلادي، حيث تم سرقته.. كما وجد له صورة في (شيحان) في الأردن بنفس الفترة.
أسطورة شبش
لم تحظ الشمس بأهمية دينية أو ميثولوجية عند الكنعانيين، وظلت هامشية، إذ طغى (بعل) و(حورون) اللذان أخذا صفتها على الإله (شبش) الذي يمثلها، وقد اختلفت الديانة الكنعانية عن العراقية والمصرية في تقديم الأخيرتين للشمس على غيرها في الديانة.
أسطورة يرح القمر
كان للقمر حضورا ـ على قلته ـ أوفر من حضور الشمس، وقد كان يظهر بشكلين أنثوي وذكري، في حين كانت الشمس تظهر بشكل أنثوي، ولا زال هذا التصنيف ماثلا حتى اليوم.. والشكل الأنثوي وارد من الرافدين باسم الآلهة (نيكال) التي تم نزوح عبادتها من (حران) شمال العراق الى سوريا.. أما الشكل الذكري، فكان (يرح) الذي كان يُعبد في اليمن وجزيرة العرب باسم (ورخ) وتقول أساطير الجزيرة أن (يرح) هو ناتج زواج (الإلهة) نيكال مع إله ثمرات الصيف.
أسطورة حمون
من أكثر الآلهة غموضا، ففي حين أنه كان إله (حماة) إلا أنه وجد أنه الإله الوحيد عند البربر في شمال إفريقيا، قبل قدوم الكنعانيين (الفينيقيين) إليها، وكان يسمى (حمون المباخر) أو (سيد المباخر) وقد اقترح العلامة (ستاركي) تفسيرا لذلك، معتمدا على وجود أنصاب كثيرة له في شمال إفريقيا، يقدم فيها البخور وهناك من يعتقد أنه إله مصري هو نفسه (آمون) [توت عنخ آمون].
ويذهب أصحاب هذا الاعتقاد الى أنه وجد في واحة (سيوه) معبدا (لآمون) وكانت هيئته هيئة كبش يحمل الشمس بين قرنيه وهو نفس الشكل الذي وجد له في ليبيا وعند البربر.
أسطورة تانيت
إلهة قديمة جُلبت لشمال إفريقيا في الألف الثاني قبل الميلاد، ويُعتقد أنها (عناة) وهي إلهة معروفة بالمشرق، والعراق، وهي (إناتا) والبربر يقدمون تاء التأنيث على الأسماء فأصبحت (تاناتا) وهي الإلهة التي وجدت على نقوش فخارية في مصر قبل (الفراعنة) ويذهب البعض الى أنها نفسها (أثينا) الإلهة اليونانية ولكن أصلها (سومري) قديم وهي إلهة الأمومة والخصوبة عند البربر، وزوجها عند البربر هو الإله (بعل حمون) ! وقد ظلت عبادتها قائمة للقرن الثالث الميلادي، وتأثرت إسبانيا وأوروبا بعبادتها حيث بنا لها القيصر (سبتموس سفيروس) وهو من أصل إفريقي معبدا في روما.
القصص والملاحم الكنعانية
قصص الجيل الأول من البشر
آدم
ليس هناك قصة كنعانية مستقلة عن (آدم) وإن تداخل القصص السومرية والعبرية والعربية مع الكنعانية من خلال امتزاج التراث الذي يناقش مثل تلك الوقائع يجعل علينا من الصعب إيجاد رواية كنعانية مئة بالمائة. فقصة آدم وحواء و الأفعى لا تخلو من مؤثرات سومرية واضحة في التراث الكنعاني، ولا عجب من ذلك فمنشأ تلك القصص كان في جنوب العراق، ولطالما كانت أحد الفرضيات القوية حول منشأ الكنعانيين هي جنوب العراق، فيمكن أن يكون التشابه له ما يسنده من وجهة عملية وقد يكون الفارق في القصة الكنعانية هو استبدال الأفعى ب (تيفون) كبير الشياطين المتخصص بإغواء آدم.
وأن موضوع الهبوط من الفردوس الى الأرض، له دلالات كنعانية مستقلة، حيث يُعتقد أنه هبط على جبل حرمون الكنعاني (جبل الشيخ حاليا).. وأن ولديه هابيل وقابيل أقاما طويلا في سهل البقاع ويُستدل من المعتقدات الشعبية أن هناك قبورا لقابيل وهابيل وشيت في منطقة البقاع.
ولو فككنا اسم (آدم) لأصبح (أد + أم) وأد هو الإله وأم في لغة الكنعانيين ريح أو روح.. فيصبح روح الله ونفخنا به من روحنا.
قابيل وهابيل
هناك ما يُروَى عن أن دمشق هي مكان هبوط آدم على الأرض، وهي المدينة والمكان الذي شهد جريمة قتل قابيل لهابيل، وأن اسمها قد اشتق من تلك الواقعة، فدم هو دم هابيل و (شق) هو الفعل الذي قام به قابيل لشق الأرض ودفن أخيه بدمه، ليواري سوءته.
وينتشر بين سكان جبل (قاسيون) شمال دمشق أن الجريمة وقعت على قمته، وهناك صخرة كبيرة هي المكان الذي كانت تقدم عليه القرابين.
شيث
هو الابن الذي تناسلت منه الأنبياء، وهو في لغة (كنعان) اسمه (سيتون) وهو من بنى صيدا، أما قابيل فقد هرب مع زوجه وبنا مدينة (بعلبك) ومنها خرج النسل الشرير!
وقد توافقت رواية الكنعانيين مع رواية اليهود في التوراة عن أن تتبع نسل شيت يأخذ الشكل التالي من الأجداد الى الأبناء( شيت.. أنوش.. قينان.. مهلئيل.. يارد.. أخنوخ.. متوشالح.. لامك.. نوح) ولم يُعرف عند الكنعانيين أسماء مقابلة لهؤلاء في التوراة.
قصص الجيل الثاني
لا بد من الإشارة مرة أخرى أن تداخل مصادر المعلومات التراثية والأسطورية في المنطقة العربية، جعل من الصعوبة فك الارتباط بين تلك المصادر، وقد ظهر واضحا أثر الرؤية اليهودية في معظم تلك النصوص التي يتداولها الباحثون.
كنعان
يذكر التوراة في (سفر التكوين) أن كنعان هو أحد الأبناء الأربعة لحام (كوش، مصراييم، فوط، كنعان) وهنا تبدأ المغالطة الأولى لإبعاد الكنعانيين عن أصولهم السامية.. ثم أن ربطهم بالمصريين من خلال ذكر آلهة ومعابد وتآخي مدن، لا يخلو من تحليل كيدي، مفهومة غاياته.
صحيح أن المدن الكنعانية والمصرية كانت على علاقة، لكن تلك العلاقة المتينة لا نجدها إلا في النصوص العبرية، فلا ذكر لمثل تلك الحميمية والصلة القوية، لا في نصوص الكنعانيين ولا في نصوص المصريين.
فاليهود الذين أخرجوا أولا (كنعان) من دائرة الساميين ووضعوه في دائرة الحاميين من حيث النسب، لم يكتفوا بذلك بل ربطوا الكنعانيين بالكريتيين من خلال حام، فجعلوا (مصراييم) ابنا لحام، وجعلوا له أولادا ( لوديم وعناميم ولهابيم ونفتوحيم وفتروسيم وكسلوجيم) الذين خرج منهم فلشتيم (فلسطين).. وكفتوريم (الكريتيين).. والمعروف أن الفلستو هم أقوام من حوالي بحر إيجة غزت فلسطين (أرض كنعان).. ولا يستبعد أن تكون (كريت) أصلا تابعة للكنعانيين (من اسمها كريت: قريت: مدينة: جزيرة).. لكن الغاية الدفينة عند اليهود واضحة ، تريد أن تجعل من الكنعانيين غرباء في العرق وغرباء من حيث المكان عن الساميين.
وهناك خديعة ثالثة في هذه المسألة كررها اليهود وتناقلها المؤرخون العرب، وترسخت في نفس التراث العربي والإسلامي، وهي تلك التي تزعم أنه بعد الطوفان اضطر نوح للعمل كفلاح فزرع العنب وعمل الخمر منه وسكر وتعرى فجاءه حام ورآه عاريا فذهب وأخبر أخويه (سام ويافث) بما رأى ، فحملا رداء على أكتافهما ومشيا الى الخلف حتى سترا عورة أبيهما. وعندما أفاق أخبراه بما فعل حام فدعا على كنعان بأن يجعل أبناءه عبيدا لأبناء سام ويافث وهنا المكيدة الواضحة، فلماذا كنعان بالذات؟ وحام هو من عمل عملته المزعومة، وله أولاد كثر؟
فينيق
فينيق هو الاسم الذي أطلقه الإغريق للدلالة على الكنعانيين الذين كانوا يسكنون سواحل البحر المتوسط الشرقية ويجوبون البحر وينشرون فيه حضارتهم، وهناك مجموعة أفكار (ميثولوجية) تناقش الظروف التي ظهر بها اسم فينيق.
الأول: طائر الشمس أو الطائر المحترق
هناك احتمال قوي أن هذا الاعتقاد مصري الأصل، وهو مشتق من (بنو) وهو الذي ظهر ببداية الخليقة ووقف على صخرة على شكل مسلة (بن بن Bin Bin) ويقترب شكل هذا الطير من شكل اللقلق أو أبو قردان أو مالك الحزين، وهو رمز الإله المصري (حورس).. وهذا الطائر يرمز للانبعاث الدائم.
واستطاع (هيرودتوس) أن ينقل صورة شائقة عن هذا الطائر، عندما قال أنه يشبه العنقاء وقال بأنه يظهر كل 500 عام مرة واحدة وأنه يولد أولا في أعماق الصحراء وما أن يولد فإنه يطير حاملا معه جثة والده ويحط بها على مذبح (معبد مدينة الشمس) في مصر حيث يحترق بأعشاب المر، وتجري هذه المراسيم في جنائزية عظيمة يحظرها الحكام والكهنة.
كما يذكر القديس (هيرونيم) شيئا مخالفا، حيث يقول أن الطائر أصله هندي يولد هناك ويعيش 50 عاما ثم يأتي الى (فينيقيا) ويبقى فيها ثلاثة أيام ثم يعود الى الهند، وفي الأيام الثلاثة يحصل له ما يلي:
اليوم الأول
يجمع الأعشاب الطبية الموجودة في فينيقيا ليصنع منها عشا يضعه على هيكل الأسرار في (بعلبك) ويضمخ طائر الفينيق هذا العش برائحة العنبر التي تخرج منه وينام فيه الليل كله.
اليوم الثاني
تمس أشعة الشمس الأعشاب والعطور فتحترق ويحترق معها الطائر، وتبقى في العش دودة.
اليوم الثالث
تمس أشعة الشمس الدودة فينبت لها جناحان وتعود هيئة طائر الفينيق إليه فيطير ويعود للهند.
لا يستبعد أن يكون (أبو الهول) المصري هو ذكر طائر الفينيق!
الثاني: النخلة والتمر (شجرة الفينيق) فوانيكس
قدس السومريون شجرة النخيل وانتقل تقديسهم الى عموم شعوب المنطقة، وكانت هي رمز الحياة و كانت تسمى (فينيق!) وهي بفصيلتها التي تعود لتنهض بعد موت أمها تتطابق مع سلوك طائر الفينيق.. فهي رمز للبعث المستمر.. وإن تقديس الكنعانيين للنخلة رغم خلو بلادهم من النخيل دلالة أخرى على أصولهم العراقية.
المصادر:
الحياة الدينية في المجتمع الأوغاريتي\ حكيم صالح. دمشق: المديرية العامة للآثار والمتاحف ،2010
أناشيد البعل\ حسني حداد ، د. سليم مجاعص. بيروت: امواج للنشر و التوزيع، 1995
المعتقدات الكنعانية\ خزعل الماجدي. عمان: دار الشروق، 2001
قاموس الآلهة و الأساطير\ ف.رولينغ، محمد وليد خياطة. ط1. دمشق: الأهالي للطباعة و النشر، 1987.
مغامرة العقل الأولى\ فراس السواح. دمشق: دار علاء الدين، 1978.
دين الانسان\ فراس السواح. دمشق: دار علاء الدين، 2002.
الآلهة و العقائد و الميثولوجيا الكنعانية-الأوغاريتية ... الجزء الأول
الآلهة و العقائد و الميثولوجيا الكنعانية-الأوغاريتية ... الجزء الثاني