التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
البلوغ المبكر والمتأخر
تحدثنا في المقال السابق عن البلوغ ومراحله والتغيرات المرافقة له ويمكنكم قراءة المقال السابق للكومبيوتر من هنا وللموبايل من هنا . نتابع اليوم سلسلة البلوغ والمراهقة بالحديث عن حالتي البلوغ المبكر والبلوغ المتأخر:
1- البلوغ المبكّر: Precocious Puberty
وهو الحالة التي يتطوّر فيها الجسم فيزيولوجيّاً وهرمونيّاً استعداداً للبلوغ في مرحلة مبكّرة، حيث تظهر علامات البلوغ (نمو الثديين و شعر العانة) قبل أوانها؛ كأن تظهر لدى الفتيات قبل سن الثامنة، ولدى الفتيان قبل سن التاسعة. نسبة الاناث الى الذكور في البلوغ المبكر هي 10 أضعاف
يسبّب البلوغ المبكّر مشاكل عديدة منها؛ شبّة النمو المبكر والتي تسبّب طول القامة، ولكن نضج العظام السريع يمكن أن يسبب توقفاً في النمو الطولي (الخطّي) بشكل مبكّر للغاية، والذي سيؤدي بدوره إلى قصر القامة لدى البالغ في وقتٍ لاحق.
حيث أن ظهور الثدي أو الحيض بشكل مبكّر لدى الفتيات، وزيادة الرغبة الجنسية لدى الفتية يمكن أن تُحدِث إضطرابات عاطفيّة لدى بعض الأطفال.
إن النمو المبكّر للشعر والثديّين يُعتبر أمراً شائعاً في الحالة الطبيعيّة، يشبه البلوغ المبكّر، ولكنه غير متطوّر لديهم أو أنه يتطور ببطء. يُشير نمو الثديّين المبكر عادةً لدى الفتيات دون سن الثالثة بشكل مستقل دون أعراضٍ أخرى، أو النمو المبكر لشعر العانة دون ظهور علامات أخرى للبلوغ لدى الأطفال دون السن 7-8 سنوات إلى حدوث بلوغ مبكّر كاذب.
إجراءات كالتاريخ المرضي، الفحص السريري، خط النمو كلها تساعدنا في التمييز بين المتغيرات الطبيعية من النضج الجنسي الصحيح.
الأطفال ذوو البلوغ المبكر قد يعانون من التوتر بسبب التغيرات الفيزيائية والهرمونية التي تصيبهم وهم أصغر من السن الملائم لفهمها، كما يمكن أن تتم إغاظتهم من قبل الأقران بسبب تغيراتهم الجسمية.
الفتيات اللواتي يحدث عندهن الطمث قبل سن التاسعة والعاشرة من العمر قد يصبن بالانعزال ويعانين صعوبة في استخدام الفوط النسائية.
كلا الجنسين (وعادة عند الذكور أكثر من الإناث) قد يحصل لديهم زيادة في الرغبة الجنسية مما يؤدي إلى أفعال كالاستمناء أو تصرفات جنسية غير مناسبة وذلك في عمر باكر.
بعض الدراسات وجدت أن الأطفال ذوي البلوغ المبكر يظهرون بشكل مستمر مشاكل سلوكية وتصرفات اجتماعية أقل كفاءة من أقرانهم، وعند البعض منهم تظهر الدراسات استمرار المشاكل العاطفية في فترة المراهقة لديهم.
إن الاضطراب المصاحب للطمث المبكر يمكن تخفيفه إذا قام الأهل بتشجيع وتحضير فتياتهم لهذه الحدثية الفيزيولوجية بمجرد ملاحظة وصول الفتيات إلى المرحلة الثالثة أو الرابعة من مراحل تطور الثدي قبل البلوغ.
البلوغ المبكر يسرع النمو مما يجعل هؤلاء الأطفال أطول من أقرانهم بشكل ملحوظ.
ولأن نمو العظم يتسرع أيضاً فإن النمو يكتمل في سن مبكرة غير اعتيادية مما يجعل الحصيلة النهائية هي القامة القصيرة.
كلمة أخيرة يجب قولها عن البلوغ المبكّر، إن البلوغ المبكر في الواقع يؤثّر على عددٍ كبير من الفتيات، عندما يبدأ سن البلوغ قبل فترة من العمر المعتاد (بين 8 -14 عاماً) فإنه من الممكن أن يُلحِق بالفتاة ضرراً جسيماً.
• تكون الفتاة في هذه المرحلة غير مستعدّةٍ للتخلّي عن مرحلة الطفولة، ومواجهة التغيّرات في شكل جسمها، وارتداء حمالة صدر، وبدء حدوث الحيض لديها، حالة جسدية أكبر من أن تكون نفسية.
• تصبح ضمن مرحلة جسديّةٍ أكبر مقارنةً بصديقاتها، يصل تأثير ذلك عليها إلى حدٍّ مؤلم اجتماعيّاً مما يجعلها تبتعد عن أصدقائها وتشعر بالوحدة بعض الشيء، أو قد تضطر للتواصل مع فتياتٍ أكبر منها سنّاً تتشابه معهنّ جسديّاً، مما يزيد الضغوطات الاجتماعية على عاتقها.
• يمكن أن تصبح موضع شبهة جنسية؛ بناءً على نضج جسدها بشكل مبكّر، كما تصبح موضوع حسد وسخرية من قِبل الفتيات الأُخريات، ومزاح من قِبل أصدقائها الذكور، كما تصبح موضع اهتمام جنسي غير مرغوب به من قِبل الذكور الأكبر منها سنّاُ، كما ينظر لها الكبار بعين الشك، ومراقبة تصرفاتها الجنسية كالظهور بشكل أنثوي (نسوي) حتى في هذه السن المبكرة. فكيفما تبدو يتمّ التعامل معها.
• شئنا أم أبينا؛ لقد بدأت رحلتها مع الأنوثة و بدأت بالتساؤل والقلق هل سيصبح جسمها مثالياً وجذاباً من الناحية الجنسية وموافقاً للمعايير الشكلية التي يتم عرضها من قبل الإعلام؟ الأمر الذي سيضغط عليها ويدفعها لتقليد النجمات الاستعراضيات اللواتي يتم عرضهن في هذا العالم الاستغلالي.
• بالتأكيد فإن الأنثى تشعر بالقلق حيال تغيّرات جسدها الخارجة عن إرادتها.
2- تأخّر البلوغ: Delayed Puberty
وهو الحالة التي يمر بها البعض بسن البلوغ دون أن تظهر عليهم أي من علامات البلوغ.
ماهي أسباب تأخّر البلوغ؟
يمكن أن يتأخر البلوغ لعدّة أسباب؛ غالباً ما يكون بسبب نمط النمو في العائلة، كتأخّر البلوغ عند أحد والديهم أو أخوالهم أو أعمامهم أو إخوتهم وهو ما يُدعى ب (تأخر البلوغ البنيوي)، لايحتاج إلى علاج، كلُّ مافي الأمر أنهم سيتأخر بلوغهم عن أقرانهم في وقتٍ لاحق.
من الممكن أن يتأخّر البلوغ أيضاً تبعاً لمشاكل طبيّة، كالناس الذين يعانون من أمراض مزمنة؛ مثل داء السكري، التليّف الكيسي، أمراض الكلية، داء الربو، حيث أنّ هذه الأمراض تعيق عملية نمو أجسادهم.
العلاج المناسب لهذه الأمراض قد يقلّل من احتمال تأخّر البلوغ.
سوء التغذية، الذي يحدث لدى المراهقين الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي (القمه وهو مرض يمنع المراهق نفسه فيه عن الطعام لحاجات شكلية)، غالباً ما يفقدون الكثير من أوزانهم مما يعيق عملية نموّهم، كما هو الحال بالنسبة للفتيات اللواتي يمارسن الرياضة بشكل كبير وتبقى أجسادهن هزيلة، قد يحتجن إلى نسبةٍ معيّنة من الدهون قبل أن يمروا بمرحلة البلوغ.
يتأخر البلوغ ايضاً في حال وجود مشاكل في الغدة الدرقية أو النخامية؛ حيث أنّ هذه الغدد هي التي تفرز الهرمونات المسؤولة عن نمو الجسم وتطوّره.
كما أ يتأخر حدوث البلوغ لدى البعض نتيجة وجود خللٍ في صبغياتهم؛ التي تحتوي على الحمض النووي الDNA الذي يدخل في عمليّة بناء خلايا جسمنا، حيث أن وجود أيّ خلل في الصبغيات سيؤدّي حتماً إلى حدوث نمو غير طبيعي.
أكبر مثالٍ على ذلك: هو متلازمة تيرنر، حيث يكون الصبغي X عند الأنثى مفقوداً أو غير طبيعي، مما يسبّب للفتاة مشاكل في النمو، وتطوّر المبيضين، وإنتاج الهرمونات الجنسيّة.
أما عند الرجال متلازمة كلاينفلتر، حيث يكون لديهم صبغي إضافي (XXY بدلاً من XY)، هذه الحالة تبطّئ النمو لديهم.
ما الذي يستطيع فعله الطبيب؟
يستطيع الأطباء مساعدة المراهقين الذين يعانون من تأخر سن البلوغ، حيث يقومون بإجراء فحص جسدي لهم، والتحقّق من تاريخهم الطبي، وصحة عائلتهم وأنماط النمو لديهم، كما يتطلب الأمر إجراء تحاليل طبيّة للتأكد من سلامة الغدة الدرقيّة والنخامية، والصبغيات، ومعاينة عمر العظام والتأكد من نموها بشكلٍ طبيعي عن طريق الأشعة السينيّة. وبعدها يتخذ الطبيب القرار اما بالمراقبة أو التدخل الدوائي لعلاج السبب الذي سبب هذا التأخر أو اعطاء الهرمونات.
المصادر:
Rosenfield، Robert L. (2002). "Chapter 16: Female puberty and its disorders"
Oxford Handbook of Clinical Specialties 9th Edition، p.184، Oxford University Press، 2013