الفيزياء والفلك > علم الفلك
مع أن جميع المجرات تبتعد عن بعضها، لماذا تندفع مجرة الاندروميدا باتجاهنا؟
هناك مجرة عملاقة كتلتها ضعف كتلة مجرتنا تتجه مباشرةً نحونا. وستصطدم بنا، هذا التصادم سيمزق مجرتنا لأجزاء، و ستتجمع هاتان المجرتان لتشكلا مجرة جديدةإهليلجية أكبر.
كل ما يمكننا فعله الآن - ونحن نعلم أن الكارثة قادمة- هو أن نسأل فقط: لماذا؟ لماذا يحدث هذا؟أليس الكون في توسع،والمجرات تتجه مبتعدة عنا في كل الاتجاهات؟ ألا يجدر بمجرة المرأة المسلسلة أن تتجه مبتعدة لا أن تقترب ؟ما القصة اذن؟
القصة هي أن الغالبية العظمى من المجرات تسافر مبتعدة عنا بسرعة هائلة،هذا ما اكتشفه ادوين هابل في عام 1929، وكلما كانت المجرة أبعد بالنسبة لنا كلما كانت أسرع بالابتعاد عنا.
قدرت أحدث حسابات NASA عام 2013 معدل التوسع بـ 70.4 كيلومتر في الثانية لكل مليون فرسخ نجمي ( فرسخ نجمي وحدة فلكية تستخدم لقياس المسافات وتساوي 3.26سنة ضوئية ) ، أي أن مجرة تبعد عنا حوالي المليار سنة ضوئية ستبتعد عنا بسرعة نتيجة لتوسع الكون بسرعة 22،000 كيلومتر في الثانية أي أن سرعة ابتعادها تساوي حوالي 7% من سرعة الضوء، أما عند مسافة 100 مليون سنة ضوئية ستكون السرعة فقط 2،200 كيلومتر في الثانية.
تبعد مجرة Andromeda المرأة المسلسلة 2.5 مليون سنة ضوئية فقط. وهذا يعني أن توسع الكون يحملها بعيداً فقط بسرعة 60 كيلومتر بالثانية. لكن على مايبدو انها ليست بالسرعة الكافية لتجنب التصادم. فقوة التجاذب بين درب التبانة والمرأة المسلسلة كبيرة بما يكفي للتغلب على تأثير التوسع ،وكأن هناك حبل جاذبية خفي يربط المجرتين سوياً، يجرنا نحو حتفنا المحتوم . حيث تتجه المرأة المسلسلة نحونا بسرعة 110 كيلومتر في الثانية ومن المؤكد أن سرعه إقترابها ستكون أكبر لو لم يكن الكون يتوسع.
فقط عندما تبلغ المسافة مئات الملايين من السنوات الضوئية حينها سيتغلب التوسع على الجاذبية .أما على المستوى المحلي أو على نطاق المسافات القريبة مقارنةً لحجم الكون كاملاً يكون معدل توسع الكون متناهٍ في الصغر، وهذا مثلا ما يمنع النظام الشمسي من التفكك نتيجة لتوسع الكون وهو السبب نفسه الذي يجعل من مجرة المرأة المتسلسلة تقترب منا وتصطدم بمجرة درب التبانة بعد حوالي الـ 4 مليار سنة.
اكتشاف الطاقة المظلمة في عام 1998 زاد من تعقيد الأمر . فالكون ليس في توسع فقط بل سرعة التوسع تتزايد. في النهاية المجرات البعيدة عنا سوف تتحرك مبتعدة بسرعة الضوء. وحدها المجرات المحلية سوف تربط سويةً بقوى الجاذبية وستبقى مرئية في السماء أي نراها بوضوح بالعين المجردة،في النهاية كلها ستندمج سويا وكل شي اخر سوف يسقط في الافق الكوني ويضيع بالنسبة لنا الى الابد.
ولكن لا داعي للقلق كثيراً، فالنجوم متباعدة وتفصلها عن بعضها مسافات شاسعة مقارنة بحجم النجم (أقرب النجوم الينا يبعد عنا حوالي أربع سنوات ضوئية) وفعلياً سيكون تصادم النجوم ببعضها نادراً اثناء تصادم المجرتين. فحتى ولو كانت البشرية مازالت موجودة بعد حوالي 4 مليارات سنة، فهذا التصادم الذي يستغرق بدوره عدة مليارات من السنين لن يكون شيئا مثيراً لقلقنا.
المصدر: هنا
NASA/JPL-Caltech