البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
النوم في غرف باردة يحسّن من الصحة الاستقلابية
من المعروف أنّ النوم مهم للصحة، لكن الجديد في موضوعنا اليوم هو دراسة حديثة تشير إلى إمكانية وجود طريقة سهلة للاستفادة من النوم بالطريقة الأمثل: وذلك بتخفيض درجة الحرارة في غرفة النوم.
إنّ غرف النوم الأبرد يمكن أن تغير من مخزون الجسم من الدهون البنية (الدهون البنية توصف حالياً بأنها "الدهون الجيّدة")، وبالتالي تحسّن من صرف الطاقة والصحة الاستقلابية، حتى ضمن ساعات النهار.
يعتقد معظم العلماء حتى يومنا هذا أنّ البالغين لا يملكون دهوناً بنيّة. ولكن حديثاً ما تم اكتشاف القليل من هذه الدهون في منطقة الرقبة وأعلى الظهر عند الكثير من البالغين.
تكمن أهمية هذا الأمر في أنّ الدهون البنية فعّالة استقلابياً، على عكس الدهون البيضاء الأكثر شيوعاً وانتشاراً في الجسم. حيث أظهرت الدراسات على الفئران أنّ هذه الدهون تقوم بسحب السكر من مجرى الدم لتحرق السعرات الحرارية وتحافظ على درجة حرارة الجسم الداخلية.
يبدو أنّ عملية مشابهة تحدث عند البشر، ففي دراسة جديدة قام باحثون من المعهد الوطني للصحة بمراقبة خمسة متطوعين أصحاء لمدة أربع أشهر، وافق المتطوعون خلالها على البقاء والنوم لمدة 10 ساعات يومياً في غرف منَظّمة حرارياً، مع إبقاء باقي تفاصيل حياتهم النهارية دون تغيير.
خلال فترة الدراسة قام المتطوعون بارتداء ثياب المشافي للحد من تأثير الملابس على درجة الحرارة، كما تمّ تنظيم وجباتهم للإبقاء على دخل ثابت من الحريرات.
تمّت مراقبة مستويات سكر الدم والانسولين وصرف السعرات الحرارية عند المتطوعين، كما تمّ قياس كمية الدهون البنية بعد كل شهر من أشهر الدراسة الأربعة. حيث كان الباحثون يحددون درجة حرارة ثابتة لكل شهر؛ فكانت 24 ثم 19 فـ24، وأخيراً 27 درجة مئوية، باعتبار درجة حرارة 24 مئوية درجة حرارة معتدلة للجسم والأخريات تمثلان حالة البرودة والدفء.
تبيّن أنّ درجات الحرارة المنخفضة قد غيّرت جسم المتطوعين بشكل مُلفت. فكان من المفاجئ أنّ كمية الدهون البنية لديهم قد تضاعفت تقريباً بعد أربعة أسابيع من النوم في درجة حرارة 19 مئوية.
ليس هذا فقط فحسب، فقد تحسنت حساسية الانسولين المرتبطة بتغيرات نسب السكر في الدم، وازداد نشاط استقلاب الدهون بشكل عام. كما وُجدت تغيرات في نسب بعض الهرمونات والبروتينات المنظمة للاستقلاب عامة والدهون خاصة.
كما أحرق المتطوعون سعرات حرارية أكثر خلال النهار في فترة النوم في درجة الحرارة الباردة (لكن فترة الدراسة كانت غير كافية لتسبب فقداناً في الوزن). إلّا أنّ هذه الزيادة في حرق السعرات الحرارية كان مصحوباً بازدياد في الشهية، ولا يمكن الجزم بتأثير ذلك على المدى البعيد
وكان من اللافت تراجع كل تلك التحسينات الاستقلابية بعد العودة لدرجة الحرارة المعتدلة، وحدوث بعض التغيرات المعاكسة عند درجة حرارة 27 مئوية مثل وتناقص نسبة الدهون البنيّة مقارنة مع المسح الأول.
وتقترح الدراسة إمكانية استخدام هذه النتائج لمحاربة السمنة التي تغزو العالم، فحسب دراسة سابقة، ارتفعت درجة حرارة غرف النوم الأمريكية أكثر من درجتين على مدى العقود الثلاثة الماضية (تصاحبت هذه الفترة مع زيادة انتشار السمنة).
الرسالة من هذه النتائج هي أنه بإمكان أي شخص أن يحسّن من صحته الاستقلابية بدون بذل أي جهد، وذلك فقط بخفض حرارة غرفة النوم بضع درجات.
المصادر: