البيولوجيا والتطوّر > التطور
الطفيليات وتطور الحضارة عند الرئيسيات... هل من رابط بينهما؟
لا شكَّ أنَّ التعلُّمَ من الآخرينَ واختراعَ طرقٍ جديدةٍ للتواصل مع الجماعاتِ المختلفة قد ساهم في تطورِ الحضارة، ولكن كان لهذين السلوكين بعضُ التكاليفِ كما الفوائد. حيث أنَّ دراسةً جديدةً نُشرَت في ديسمبر/كانون الأول 2014 قامَ بها الفريقُ العالميُّ لعلماءِ الأحياء التطوّرية كانت قد ألقت الضوءَ على الكيفية التي يؤثِّر بها التعرضُ للعواملِ المُمرِضة (وهو أحدُ تكاليفِ التواصل مع الآخرين وتبادل الخبرات معهم)، في تطور الحضارة عند الرئيسيات من غير البشر.
تَقترح نتائجُ الدراسة أنَّ الأنواعَ التي يتعلم أفرادها من بعضهم البعض تُعاني من طيفٍ واسعٍ من العواملِ المُمرِضة أو الطفيليات التي تنتقلُ من فردٍ لآخر، فيما تُعاني الأنواع ذاتُ السلوكِ الاستكشافي الكثيرَ من العوامل المُمرضة التي تنتقل عبر العناصر البيئية كالمياه والتربة.
يقول أحدُ الباحثين المشاركين بالدراسة أنَّ الدراساتِ حولَ الاحتكاك بين المجموعات غالباً ما تُركزُ على فوائدِ سلوكٍ مُعين، مُغفِلة تكلفته ونتائجه السلبية، في حين تُثبِت هذه الدراسةُ أنَّ العواملَ الممرضة التي تنتشر اجتماعياً بين الأفراد تزدادُ في حال محاولةِ تعلُّم أيِّ سلوكٍ جديد، لأنّ ذلك قد يستدعي مزيداً من الاحتكاكِ بين الأفراد، وكذلكَ الأمر بالنسبة للعوامل الممرضة الآتية من البيئة والتي تزداد فرصةُ الإصابةِ بها في حال محاولةِ استكشاف هذه البيئة بعناصرها المختلفةِ و البحثِ عن مواردَ جديدةٍ للعيش.
على سبيلِ المثال: تعيش قرود الشمبانزي في جماعاتٍ تتمتَّعُ بتنوعٍ كبيرٍ في السلوكِ و التصرفات، كالحَفرِ تحت الأرضِ بحثاً عن الطعام، أو محاولةِ تناول أنواعٍ جديدةٍ من الحشرات. لم يعلم العلماء من قبل فيما إذا كانت زيادةُ العوامل الممرضة المُكلِفة قد أجبرت جماعاتِ الشمبانزي على زيادة الاستكشاف بحثاً عن مواردَ جديدةٍ - كالبحث عن مصادرَ جديدةٍ للغذاء-، أم أنَّ استكشافَ المواردِ البيئية بكثرةٍ يزيدُ التعرض للعوامل الممرضة.
يقول الباحثون أنَّ نتائجَ هذه الدراسةِ تُلقي الضوءَ أيضاً على الطرُقِ التي قام بها البشر و الرئيسيات الأخرى بمحاولةِ تقليصِ تكلفةِ هذه العوامل الممرضة - كالبحث عن النباتاتِ الطبية مثلاً- مما يساعدنا على فهمِ الآلياتِ التي ساعدَت على قيامِ الحضارة البشرية.
ومن الجديرِ بالذكر أنَّ فريق البحثِ قد خرجَ بنتائجهِ بناءاً على قاعدة بياناتٍ تمَّ استخلاصُها من آلافِ الدراساتِ السابقة التي تخصُّ الرئيسياتِ والطفيلياتِ وأنماطَ الحياةِ لديها.
ملحق:
الرئيسيات Primates: الرئيسياتُ هي رتبةٌ تنضوي تحت فصيلةِ الثديياتِ وتشمَل عدداً من الحيواناتِ كالقردةِ والغوريلا وأيضاً الإنسان. تحوي رتبةُ الرئيسيات على خصائصَ متشابهةٍ في ما بينها كالأصابعِ القادرةِ على التحرُّك والأظافر وتجويفِ العينين في الجمجمةِ وتركيبِ الجمجمة نفسِها وضخامَةِ الدماغِ مقارنةً بالجسمِ كَكُل.
المصدر: هنا