البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
لمحة عن معهد بابراهام - كامبردج
معهد بابراهام للعلوم الحيوية هو معهد بحثي من طراز عالمي رفيع، يقع في قلب حرم بابراهام للبحوث قرب مدينة كامبردج في بريطانيا وهو تابع لجامعة كامبردج. تتلخص أهداف المعهد بالوصول إلى موقع قيادي عالمياً في مجال الأبحاث التي تركز على علوم البيولوجيا الخلوية والجزيئية الأساسية، مع إيلاء اهتمام خاص للأبحاث الهادفة إلى تحسين مظاهر وأعراض عملية التقدم بالسن خلال دورة حياة الإنسان اليوم لجعلها أكثر صحة وأخف وطأة.
تتناول أبحاث المعهد أسئلة بيولوجية أساسية كعملية النمو التطوري للخلايا والكائنات وكيفية استجابتها للبيئة المحيطة. كما يركز المعهد بشغف خاص على فهم كيفية تقدمنا بالسن ودراسة الآليات التي تحكم وتقود هذه العملية التي كثيراً ما شغلت بال العلماء والمجتمعات على حد سواء (كفهم كيفية اختلاف استجابة كبار السن للعدوى مقارنة بصغار السن)، وللإجابة عن هذه الأسئلة يقوم باحثو المعهد بتفحص تنظيم التعبير المورثي وآليات التحكم بوظائف الخلية عبر عمليات الإشارة المختلفة، ودراسة التغيرات في الأنظمة الحيوية للأعضاء بما فيها الجهاز العصبي، ولإتمام مهمتهم يستعينون بأنظمة نماذج محاكاة للخمائر والديدان والفئران بالإضافة لدراسة مجموعات بشرية.
تلقى أبحاث المعهد دعماً مادياً استراتيجياً من مجلس أبحاث التقانات الحيوية والعلوم البيولوجية (BBSRC) الذي يموّل المجالات الأربعة الأساسية لأبحاث المعهد وهي: علم التغيرات فوق الوراثية (epigenetics) وعلم إشارات الخلايا اللمفية (lymphocytes signaling) وعلم ديناميكيات الأنوية (nuclear dynamics) وعلم الإشارة (signaling)، كما يتلقى المعهد دعماً من مصادر أخرى كمجلس البحث الطبي والتعاونات البحثية مع المؤسسات الخيرية الطبية والصناعية.
وهنا نقدم شرحاً مختصراً عن هذه المجالات البحثية الأساسية للمعهد:
• علم التغيرات فوق الوراثية (epigenetics): يتحدد نشاط مورثاتنا بما يفوق حدود تسلسل الـDNA، والعلامات فوق الوراثية هي تعديلات كيميائية قابلة للعكس والتوريث تُغيّر نشاط المورثات وتتوضع فوق الـDNA والكروماتين (ومن هنا جاءت تسمية علم التغيرات فوق الوراثية). هذه التعديلات تلعب دوراً هاماً في تحديد نوع الخلايا في الجسم ويمكن أن تتأثر بالعوامل البيئية والغذائية، كما أنها تتناقص مع التقدم بالسن.
• علم إشارات الخلايا اللمفية (lymphocytes signaling): تحرس هذه الخلايا الجسم من الأمراض عبر تحريض استجابات مناعية وتكوين ذاكرة عن الإصابات السابقة، وتهدف أبحاث المعهد في هذا المجال إلى فهم العمليات التي تنظم نمو وبقاء ووظيفة هذه الخلايا.
• علم ديناميكيات الأنوية (nuclear dynamics): ينطوي الخيط الوراثي الممثل لكامل الجينوم (ما عدا جزء من الـDNA خاص بالجسيمات الكوندرية) في حيز ضيق جداً ضمن نواة الخلية في بنية ثلاثية الأبعاد ودون أن يفقد قابليته للانتساخ والتعبير المورثي بدقة عالية، وهذا ما تركز أبحاث علم ديناميك الأنوية على فهمه لما له من تطبيقات جمة على مجال الصحة والأمراض.
• علم الإشارة (signaling): تهدف أبحاث علم الإشارة في المعهد إلى دراسة البروتينات التي تتحكم بالتواصل بين الخلايا والتي تشكل مسالك الإشارة لتنظيم تطور الخلايا واستجابتها لبيئتها المحيطة، وهي جوهرية لضمان دوام صحة الإنسان.
يخضع المعهد لإدارة شركة بابراهام لتقنيات العلوم الحيوية والتي تدير كامل الحرم البحثي الذي ينتمي إليه المعهد والذي يحتل مركز الصدارة في دعم مشاريع العلوم الحيوية للمراحل المبكرة (early-stage) في بريطانيا، وتهدف الشركة لخلق رابطة وثيقة بين البحث العلمي وعالم الأعمال في محاولة لتشجيع الابتكار ومشاركة الإرث العلمي والفكري للمعهد عن طريق منح التراخيص للشركات وتعزيز الصلة بين الوسط الأكاديمي والعالم التجاري، ويتعاون المعهد حالياً مع أكثر من 80 شريك صناعي كشركات الأدوية الكبرى وغيرها من شركات التقانات الحيوية الصغيرة والمتوسطة والتي يقع بعضها داخل حرم بابراهام البحثي.
سوف نستعرض الآن باختصار بعض وسائل النشاط البحثي للمعهد:
• المعلوماتية الحيوية (bioinformatics): يهدف هذا القسم لتقديم خدمات الكمبيوتر والبرمجة الحيوية للمجموعات البحثية التابعة للمعهد والشركات الأخرى الموجودة في الموقع أو خارجه.
• الكيمياء البيولوجية (Biological chemistry): هذا العلم هو نتيجة التداخل بين الكيمياء والبيولوجيا ويتطلب مهارات في الكيمياء الصنعية والحيوية. تتضمن مهام القسم محاولة الإجابة عن الأسئلة البيولوجية من خلال المهارات الكيميائية كتطوير طرق تحليل جديدة أو تقديم النصح حول الطريقة الأنسب لِوَسم الجزيئات البيولوجية أو اقتراح استراتيجيات لإيجاد مثبطات مناسبة لدراسة عملية بيولوجية ما.
• استهداف المورثات (Gene targeting): تهدف الأقسام المخصصة له لتقديم خدمات متكاملة لتوفير سلالات الفئران المعدلة وراثياً لباحثي المعهد أو الباحثين الخارجيين. وتتضمن هذه الخدمات: تصميم نظم استهداف المورثات، التحليل الجزيئي لنسائل الخلايا الجذعية الجنينية، إدخال الخلايا الجذعية الجنينية إلى الجنين المضيف أو البيضة الملقحة، تحضير الـDNA لعملية التثقيب الإلكتروني للخلايا الجذعية الجنينية وغير ذلك من الخدمات.
• تقنية التدفق الخلوي (Flow cytometry): يقدم هذا القسم خدماته التحليلية لباحثي المعهد أو غيرهم في هذه التقنية عالية التخصصية، حيث تسمح بقياس مختلف البيانات الكمية للخلايا (التعداد الخلوي، الحجم، الكثافة، التحبب، ...إلخ). مبدأ التقنية يعتمد على تمرير الخلايا بشكل فردي ضمن مصدر ضوئي (عادة شعاع ليزر) كما يمكن وَسم الخلايا بمواد تتألق عند تعرضها لضوء بطول موجي معين ثم تتبُّع هذه الجزيئات لاحقاً لدراسة خصائص الخلية.
• دراسة الليبيدات (Lipidomics): أسس هذا القسم طرائق عديدة لتحليل أنواع عديدة من الليبيدات (الدهون) المعتدلة والفوسفوليبيدات والسفنجوليبيدات باستخدام تقانة القياس الكتلي الطيفي وغيرها.
• فكُّ التسلسل المورثي (Sequencing): يعتمد المعهد على تقنية "الجيل التالي" لفك الشيفرة الوراثية (Next Generation Sequencing) بشكل أساسي، حيث تسمح بفك التسلسل الوراثي لجينومات ضخمة خلال بضعة أيام وبتكلفة لا تتجاوز بضعة آلاف الدولارات وباستخدام جهاز واحد. كما تسمح بدراسة أي مادة وراثية تقريباً ولهذا فهي تقنية ثورية في دراسة الـmicroRNA ودراسة نسخ وتعبير المورثات والتغيرات فوق الوراثية والتنظيم الصبغي وغير ذلك.
• تقنيات التصوير الحيوي (Imaging): تعتمد بشكل رئيسي على التصوير بالفلورة الذي يمكن تطبيقه على العينات البيولوجية الحية والمثبتة مخبرياً والفائدة العظمى منها هي تحديد مكان توضع الجزيئات الحيوية وخاصة البروتينات ومعرفة الجزيئات التي تتفاعل معها. هناك عدة تقنيات للتصوير في القسم إذ تحدد طبيعة السؤال المطروح التقنية الأنسب للاستخدام.
• القياس الكتلي الطيفي (Mass spectrometry): يهدف هذا القسم بشكل رئيسي إلى فهم وظيفة البروتينات المحددة والتعديلات فوق الوراثية للـDNA حيث يُستخدم القياس الكتلي الطيفي لتحديد الجزيئات المشتركة في العمليات البيولوجية المعقدة وتوصيف بنيتها ومراقبة كيفية تغير وفرتها أو بنيتها خلال هذه العمليات بهدف فهم الآليات الجزيئية.
• وحدة الدعم البيولوجي: تهدف إلى تربية حيوانات التجارب (القوارض) الخالية من الممرضات وفق معايير وتقنيات متطورة وصارمة لاستخدامها في البرامج البحثية الأكاديمية والشركات الخاصة.
تلقى عدّة علماء من المعهد جوائز عديدة رفيعة المستوى نظراً لإنجازاتهم في المجلات آنفة الذكر، منهم البروفيسور مايكل بيريدج (Michael Berridge) الذي تلقّى جوائز عديدة لإنجازاته في بحوث الإشارات الخلوية، كجائزة جمعية الكيمياء الحيوية وجائزة شاو (والتي تُدعى جائزة نوبل الـشرق).
لماذا يكتب الباحثون السوريون عن معهد بابراهام؟
قامت إدارة المعهد بتقديم عدة مقالات علمية من موقع معهد بابراهام الإلكتروني لمبادرة الباحثون السوريون وذلك في خطوة لدعم المحتوى العلمي لموقع المبادرة إيماناً منهم في ماتقوم به المبادرة من نشر العلم باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط، تلك المقالات ستتم ترجمتها بحرية وفق منظور ورؤية مبادرة الباحثون السوريون من قبل فريق البيولوجيا والتطور، مما يعطي المبادرة موثوقية واحترافية أكبر والتي وصلت إليهما مبادرتنا معتمدين على قيمنا في اتباع المنهج العلمي، العمل المشترك، احترام الملكية والمصداقية.
المصدر: هنا