الفنون البصرية > فنانون عالميّون
الأمومة في الفن الرومانسي
في أواخر القرن الثامن عشر بدأتْ المُعتقدات المتعلّقة بالمرأة بالتغيُّر، ودون أدنى شكّ كان لهذا الحدث دور مهمّ بالحداثة وبالإصرار الجوهريّ على التّغيير، إضافةِ إلى تأثيرهِ في سُلوكيّات النّساء أنفسهنّ ودعم هذه السلوكيات برغبةٍ في كسر القيود التي وُضعَتْ بناء على جنسهم، فغدا القرن التاسع عشر كأنه نقطة تحوُّل في تاريخ المرأة على المدى الطويل .
للأسف، بقيتْ الضغوط والمؤثرات القديمة حاضرة ومتجليّة، عن طريق اضطرار المرأة والأمّ للاختيار الدّائم، أو بمعنى آخر التّضحية، فيما بين العمل ( بالمنزل أو خارجه ) وبين العائلة، بين عالم المظاهر والمُتعة وبين امتهان العمل، بين المسلك الدِّيني بوصفِه مُمارسة روحيّة ومُنظِّما اجتماعيا وبين المسلك التّعليمي في المدارس العامة الدُّنيوية ( غير المنتسبة لأية جهة دينيّة ) .
اخترتُ لكم اليوم لوحةَ (An Interlude) ، وهي لوحةٌ جميلةٌ دافئةٌ، ومن أهمّ أعمال الفنان الأميريكيّ "ويليام كيندال William Kendall " .
"ويليام كيندال "
كيندال هو فنان أبٌ لثلاث فتياتٍ جميلات، لطالما أحبّ أن يرسمهنّ بلحظاتٍ حميميّة مع والدتهن "مارغريت"، ولطالما كُنَّ موضوعاً لأغلب أعماله.
نرى هنا في لوحة كيندال " المرحلةُ الفاصِلة " ستارة مُسدلة وكتابٌ مفتوح يوحيان بأنّ وقت "قصة ماقبل النوم" قد حان، ولكن عندما تُمعن فيها أكثر فإنك تلاحظ وجود تلميحٍ آخر وجانبٍ آخر لهذا التّصوير الفني ...
ترى مارغريت كيندال تُدير وجهها بعيداً عن زوجها لتركيز عاطفتها على ابنتها، التي تتوجّه بنظرها نحونا، بعينين واسعتين، وبتعابيرَ أقرب ما تكون إلى الحَيرة والشّرود.
أما العنوان فيوحي بلحظةٍ هادئة وسابقة، تنذر بشيءٍ ما سيحدث، ومن الممكن أن يكون هذا الشيء هو تحطم عائلة كيندال وانحلالها!
فعندما رُسمت هذه "الفترة الفاصلة"، كان ويليام كيندال قد بدأ علاقةً عاطفيّةً مع إحدى قريبات الفنان " ألبرت هيرتير " المراهقة، والتي قادته في نهاية الأمر إلى الانفصال عن زوجته مارغريت وحدوث الطّلاق، مُذعناً لمكانته الاجتماعيّة بوصفه مدرّسا للفنون الجميلة في جامعة "Yale" ، ومُتفرّغاً لربيعٍ دافئٍ في فيرجينيا بصحبة "كريستين هيرتير" .
في تلك الحقبة الزّمنية، وفي مُعظم الأعمال الفنيّة التي جسّدت النساء، وخاصة تلك التي جمعتْ بهم مع أطفالِهم، نُلاحظ أنّ الأمّ لا تنظر محدّقة إلينا على نحو مباشر، بل على خلاف ذلك، نلاحظ التّركيزَ الواقعَ على طفلها وعلى تصوير العلاقة التي تجمعُها به، فغالباً ما كانتْ هذه اللوحات تُرسم وفق المذهب الكلاسيكي الرّومنسي:
حيث تراهما (الأم وطفلها) يرتديان ملابس كلاسيكية، والمشهد يتجسّد أغلبَ الأحيانِ في منزلٍ دافئٍ ينقل لنا الإحساس بصورة مُسالمة بريئة.
لوحة " المرحلة الفاصلة " أُنجزت في عام 1907، ونجدها معروضة في متحف Smithsonian American الفنيّ، واستنسخ نسخة أخرى منها على القماش باستخدام عملية نوعيّة خاصة بالمتحف، وعُرِضت بنسختين إحداهما مُحاطة بإطار جميل والأخرى بقيت دون إضافة أيّ إطارٍ فنيٍّ لها.
• مُختارات من أعماله :
لوحة " نارسيسا Narcissa "
لوحة لزوجته وبناته "Wife and Daughters "
المصادر :