الطبيعة والعلوم البيئية > علم الأرض
بايكال البحيرة الأعمق والأقدم
تتميّز بحيرة بايكال* بميزاتٍ فريدةٍ من بين بحيرات العالم، فهي أقدم وأعمق بحيرة معروفة، وتحوي 20% من احتياطي المياه العذبة (غير المتجمدة)، وبلا شك فإنّ عمر البحيرة الضارب في تاريخ الأرض وانعزالها أوجدا غطاءً نباتيّاً وحيوانيّاً يُعدّ الأغنى والأكثر نُدرةً في العالم لبيئة المياه العذبة والذي يشكل قيمة علمية استثنائية للعلم التطوري.
تقع البحيرة في قارة آسيا وتحديداً جنوب شرق سيبيريا شمال الحدود المنغولية. ويبلغ عمقها التقريبيّ الـ 1700م وعمرها التقريبيّ يقرب من الـ 20 – 25 مليون عام كما يبلغ مخزونها من المياه العذبة حوالي 23.000 كم3 من الماء العذب؛ ما يعني أنَّ 1/5 المياه العذبة على الكوكب تتواجد في هذه البحيرة.
تغطي البحيرة مساحة قدرها 31500 كيلو متر مربع بطول يبلغ 640 كم ومتوسط عرض 48 كم (79 كم في أوسع منطقة) الأمر الذي جعل الروس دعوتها بـ "بحر بايكال" أحياناً نظراً لحجمها الكبير، وهي من أكثر بحيرات العالم صفاءً ونقاوة، هذا يعود إلى مجموعة كبيرة من شعاب الاسفنجيّات الحيّة التي تعيشُ فيها وتقوم بتصفية مياهها من البكتريا والطّحالب المعكِّرة لصفو الماء. من شدة نقاوة الماء يمكن في يومٍ صافٍ وجميل أن نكشف حتى 40 م من المياه.
تمتد بحيرة بايكال في منطقة انشقاق (تباعد) حيث يبدو أن قارة آسيا آخذةً بالانقسام هنا مفسحةً المجال لتشكّل محيط مستقبلي جديد، ويعتقد العلماء أن بحيرة بايكال تشكلت منذ 20 – 25 مليون سنة خلال العصر الجيولوجي الثاني (الميزوزويك Mesozoic). أما التراكيب الجيولوجية لحوض البحيرة فتعود إلى عدّة عصور جيولوجية: الأول (الباليوزويك Paleozoic) والثاني (الميزوزويك Mesozoic) والثالث (السينوزويك Cenozoic) والجدير بالذكر أن النشاط التكتوني ما زال مستمراً حتى الآن (تباعد 2 سم بالسنة) ويشهد على ذلك المنافث الحرارية في أعماق البحيرة.
تتميّز هذه البحيرة بتشكيلة بارزة من النباتات والحيوانات المستوطنة؛ فقمات بايكال Baikal Seals وهي فقمات المياه العذبة تعتبر الوحيدة في العالم، كما أن أكثر من نصف الأحياء التي تشاهد فيها هي أحياء فريدة وتشكّل معلماً طبيعيّاً لهذا المكان. تعتبر البحيرة ملجأً لأكثر من 1340 نوع حيواني 745 منها مستوطنة وينتمي إليها 147 نوع من الحلزون، 255 نوع من الروبيان، 80 نوع من دودة المياه السطحية و570 نوع نباتي (منها 150 مستوطن).
إنّ هذا التنوع الكبير للنباتات في حوض البحيرة يعود إلى اللاتناظر المُناخي، حيث تشغل السهول الجبلية والغابات الصنوبرية الجزء الغربي من الحوض، بينما تحتل الغابات الصنوبرية الكثيفة الجزء الشرقي منه والغابات النفضية (ذات الأشجار متساقطة الأوراق) شمال الحوض.
في البحيرة 26 جزيرة أكثرها غير مسكون وأكبرها جزيرتي أولكون (Olkhon) بمساحة 700 كم2 وهي جزيرة عشبية مع غابات جميلة تنتشر فيها قطعان الغزلان والدببة البنّية وأنواع كثيرة من الطيور.
وجزيرة أوشكاني الكبرى (Great Ushkany) بمساحة 9.4 كم2 فقط وهي جزيرة صخرية وتنتشر بها فقمات بايكال.
ولأنّ الماء يحتفظ بالحرارة لوقت أطول من اليابسة، فإن درجة الحرارة حول البحيرة غالباً ما تكون أكثر اعتدالاً من المناطق الأخرى في جنوب سيبيريا، مع العلم أنَّ البحيرة تتجمد من كانون الثاني إلى أيار - حزيران وفي شهر آب تصل درجة حرارة سطح البحيرة إلى ما بين 10 – 12 درجة مئوية كأكبر درجة حرارة في العام.
يبلغ طول ساحل البحيرة 2100 كم، ويصب فيها أكثر من 300 مجرى نهري ولكن نصف كمية الماء التي ترفدها تأتي من نهر سيلينغا(Slenga) من الجنوب الشرقي، أما بالنسبة لتصريف المياه فيوجد نهر واحد يصرف المياه أنغارا (Angara) من الجنوب الغربي. تُحاط البحيرة بالجبال المغطاة بالثلوج فتمتد جبال بايكال في الغرب وجبال زاباكالسكي (Zabaikalskie) في الشرق، مع غطاء من الغابات النفضية والتي تشكل ملجأ للحيوانات وللسكان الذين ينتشرون على هيئة تجمعات بشرية صغيرة ومتقهقرة ومنعزلة.
يوجد في منطقة بايكال حوالي 1200 نصب تذكاري تاريخي وثقافي وآثري؛ 1000 منهم تحت الحماية وعدد منها يعتبر مقدساً، كما تتمازج الحضارات مع التاريخ الإنساني بشكل مثير.
تحدق تهديدات خطرة بالمجتمعات الحية والنظام البيئي الفريد في البحيرة اليوم، وقد اتخذت خطوات كثيرة من أجل معالجة قضايا سلامة البحيرة من قبل السلطات والشعب والروسي. تشكل هذه المنطقة ككل مركز جذب سياحي فريد من نوعه، وتتمتع بميزة استثنائية وهي طول فترة الإشعاع الشمسي والتي تعد الأطول في كل روسيا، ما يجعلها منطقة استقطاب سياحي محلي وعالمي ويعد شهر تموز أفضل وقت للزيارة والسياحة حيث تكون درجة الحرارة والرياح مناسبة للجميع.
للتوضيح:
(*) بايكال: أول ذكر لاسم البحيرة كان في الكتابات الصينية 110 ق.م حيث ذكرت كـ (Beihai) البحر الشمالي، وذكرت المصادر الروسية البحيرة لأول مرة عام 1640م، وفي 1997م أدرجت بحيرة بايكال في قائمة تراث منظمة اليونسكو UNESCO
يمكنك مشاهدة المزيد من الصور
مصادر المقال: