الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد
الخصائص الأساسية للنظام الرأسمالي
هناك عدة أنواع مختلفة للأنظمة الاقتصاديّة التي تتبناها الدول، ولعل أكثرها شيوعاً هما النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي. غالباً ما يُشار للنظام الرأسمالي على أنه نظام السوق الحرّ، بينما تُعتبر الشيوعيّة أكثر صور الاشتراكية انتشاراً .
تُعتبر العوامل السياسيّة والاجتماعيّة بشكلٍ لا يقبل الشّك من العوامل المؤثرة على درجة نقاء النظام الاقتصادي من حيث التزامه التّام بمبادئ هذا النظام أو وجود عناصرٍ دخيلةٍ عليه، إذ يُلاحظ أن بعض الدول ذات الطابع الرأسمالي تعمل على تبنّي بعض الأوجه الاقتصاديّة التي تقترب –إلى حدّ كبير- من النظام الاشتراكي. لذلك وبرغم الاختلافات الشاسعة بين مستويات الالتزام بالرأسماليّة بين الدول التي تتبنّى هذا النظام؛ إلا أنّه هناك عدة خصال مشتركة بين كافة النظم الرأسماليّة على اختلاف درجة نقائها.
1- قوانين العرض والطلب ودورها في التسعير
إنّ مفهومي العرض والطلب يُعدّان أكثر العوامل أهميّةً في مفاهيم الاقتصاد والدعامة الأساسيّة لاقتصاد السوق . الطلب يشير إلى الكمية المطلوبة من سلعة أو خدمة ما، أي الكميات التي يستطيع المستهلكون شرائها عند سعرٍ معين أما العرض فيُشير إلى كميات السلع والخدمات المعروضة في السوق، أي الكميات التي يستطيع المنتجون و مقدمو الخدمات بيعها عند سعر معين. و لنعرف لماذا يُطلق على النظام الرأسمالي اسم " اقتصاد السوق الحر " يجب أن نفهم أن قوانين العرض والطلب وحدها التي يسمح لها في السوق بتحديد الأسعار في حالة الرأسماليّة الصرفة أو النقيّة، فـمثلاً زيادة كميات العرض (الكميات التي يرغب المنتجون في بيعها) دون أن يرافقها زيادة في الطلب سوف تؤدي لهبوط بالأسعار وبالتالي زيادة في الكميات التي يرغب المستهلكون بالحصول عليها (الطلب)، من هنا نفهم كيفيّة التسعير في نظام السوق الحرّ ، حيث لا يحدّد الأسعار إلّا العرض والطلب والقوانين الحاكمة للعلاقة بينهما، فيما قد تقوم الحكومة في دول تتبع النظام الرأسمالي بدرجةٍ أقل نقاءً بفرض تسعيرة محددة لبعض السلع أو تساهم بطرقٍ أخرى في التأثير على أسعار السلع والخدمات أو حجم العرض والطلب عليها.
2- حق الملكية وحماية الدولة له
يُعدّ بجانب " سيادة " قوانين العرض والطلب لتحديد الأسعار من أهم خصال النظام الرأسمالي والتي يتميز بها عن النظام الاشتراكي والنظم المتفرّعة عنه. تسنّ الدولة القوانين التي تُشرّع وتحمي الحق في حيازة والانتفاع ونقل ملكيّة كل ما يدخل ضمن ما يسمح القانون بامتلاكه للشخصيات الخاصة سواء الحقيقية (الأفراد) أو المعنوية (الشركات)، وتؤكد النظريات الاقتصاديّة (المؤيدة لحق الملكية) على أنَّ درجة التزام الدولة بحماية الملكيّة الشخصيّة هو عامل هام وحاسم في تأثيره على النجاح الاقتصادي المأمول به، حيث لن يسعَ الأفراد إلى تطوير ملكياتهم بهدف صنع الثروة ما لم يكونوا متأكدين من أنّ الدولة ستحمي حقوقهم وممتلكاتهم من أي اعتداءٍ ظالمٍ أو غير قانوني من أي طرف آخر. فيما قد تمنع بعض الأنظمة الاقتصاديّة الأخرى الملكيّة الخاصة لوسائل الإنتاج وتحصر حق ملكيتها في الدولة وحدها.
3- نظام الطبقتين
عبر تاريخ المجتمعات الرأسماليّة كان بالإمكان التفريق بين طبقتين منفصلتين بشكل واضح، الطبقة الرأسماليّة ومعنيٌّ بها أصحاب رؤوس الأموال والذين يمتلكون وسائل الإنتاج والتوزيع، وطبقةٌ ثانيةٌ ألا وهي الطبقة العاملة، وهي الطبقة التي تقدّم عملها للطبقة الرأسمالية بمقابل راتبٍ أو أجر. يعتمد الاقتصاد على الشخصيات الحقيقيّة (الأفراد) أو المعنويّة (الشركات) والذين يمتلكون ويشغلّون الشركات ويقومون باتخاذ القرارات بهدف تسخير الموارد الطبيعية، ولكن في الوقت ذاته توجد طبقة من العمال والتي قامت من خلال التخصص "عبر حصولها على التعليم والتدريب" بتحطيم نظام الطبقتين بشكلٍ سمح لطبقةٍ ثالثة بالظهور ألا وهي (الطبقة الوسطى) والتي تتكون من أفراد من الطبقة العاملة والذين حصلوا على قدرٍ كافٍ من التعليم والتدريب.
4- الهدف هو تحقيق الأرباح
تنشئ الشركات وتمارس أعمالها بهدف تحقيق الأرباح والعمل على تحقيق رغبات العملاء ومقابلة تفضيلاتهم من السلع والخدمات. إنّ دافع جميع الشركات هو إنتاج وبيع المنتجات والخدمات من أجل الربح فقط لاغير، فالشركات لا تمارس أعمالها بهدف إشباع رغبات الناس وإسعادهم، ورغم قيام بعض المنتجات والخدمات بذلك. إلّا أنّ هؤلاء الناس مضطرون لتقديم مقابل ليحصلوا على هذه الخدمات أو المنتجات.
5- التدخل الحكومي موجود ولكن بحدّه الأدنى
تفترض الرأسماليّة أنّ الأسواق يجب أن تمارس أعمالها بعيداَ عن التدخل الحكومي، ولكن هذا الأمر غير ممكن من الناحية العمليّة، حتى في الولايات المتحدة التي تعتبر الطفل المدلل للرأسماليّة، سُنت قوانينٌ تهدف إلى تنظيم بعض الصناعات مثل قانون دود-فرانك والذي ينظّم عمل المؤسسات الماليّة. وعلى العكس تماماً من قانون دود-فرانك فإن الرأسماليّة النقيّة سوف لن تسمح لأي قوة من خارج السوق بالتّدخل، بحيث تكون وحدها قوانين العرض والطلب هي المُناط بها تحديد الأسعار للحصول على الأرباح.
6- المنافسة
الرأسماليّة الحقيقيّة بحاجة لأسواقٍ تُتاح فيها المنافسة الحرّة، فـبدون المنافسة ستظهر الأسواق الاحتكاريّة وبدل أن تقوم قوانين السوق بفرض الأسعار سيكون البائع هو من يتحكّم بها وهذا ما يتعارض مع مبادئ الرأسماليّة.
7-الرغبة في التغيير والتّطور
الخصلة الأخيرة التي تميّز الرأسماليّة هي قبول التغييرات والقيام بها، إنّ التكنولوجيا أصبحت اللاعب الأبرز في كافة المجتمعات، فقد زادت من الكفاءة الانتاجيّة في المجتمعات الاقتصاديّة المرنة التي تقبّلتها، وهنا تكمن ميزة النظام الرأسمالي في قبوله دون تردد لأيّ تغيير بنيوي بحيث يكون قادراً على زيادة الكفاءة الانتاجيّة .
المصادر: