البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
ريتشارد دوكينز - 75 عاماً من العطاء العلمي
يصادف البارحة 26- آذار ذكرى ميلاد أحد أشهر العلماء والمفكرين في عصرنا الحديث: البروفيسور البريطاني ريتشارد دوكينز، عالم البيولوجيا التطورية والسلوك الحيواني، الكاتب والمفكر، والذي شغل عدّة مناصب علمية مرموقة كباحثٍ ومحاضر في جامعة اوكسفورد البريطانية.
تم ترشيحه من قبل مجلة Prospects كأكثر المفكرين تأثيراً في عام 2013 متفوقاً بذلك على أربعة مرشحين ممن يحملون جائزة نوبل.
ولد دوكينز عا 1941 في نيروبي- كينيا لأبوين بريطانيين يعملان في مجال الزراعة، وبعد 8 سنواتٍ من ولادته عادت العائلة إلى بريطانيا حيث تلقى دوكينز تعليمه في جامعة أوكسفورد.
برز اسم دوكينز بداية في عام 1976 حين صدور كتابه "الجينة الأنانية" The Selfish Gene"، الذي حمل أفكاراً ثورية في مجال التطور والذي يناقش دوكينز من خلاله مركزية دور المورثات في قيادة عملية التطور وتغيير العالم والبيئة حول الكائن لمنفعته واستمراره، حيث يعتمد نجاح كلّ مجموعة مورثاتٍ واستمرارها على نجاح وازدهار الجسد الذي توجد ضمنه. لاحقاً نشر دوكينز العديد من الكتب المهمة والمثيرة للاهتمام في مجال البيولوجيا التطورية، نذكر منها:
صانع السَّاعات الأعمى The Blind Watchmaker: والذي يستعرض فيه جوانب عديدة من العملية التطورية بالانتقاء الطبيعي، ويقوم ضمنه بتفسير وتبسيط التعقيد الذي نراه في الكائنات وشرح الخطوات التي قادتها يد الطبيعة على مدى ملايين السنين لكي تصل الكائنات إلى هذا التعقيد. وبسبب اهتمام دوكينز بالبرمجة فقد قام ضمن هذا الكتاب بنشر نتائج تجربةٍ برمجية لطيفة قام بتصميمها بهدف دراسة التأثير التراكمي للطفرات على "الأشكال الحيوية" البسيطة التي صممها وزودها بمورثاتٍ افتراضية لغرض دراستها.
تسلق الجبل اللاإحتمالي Climbing Mount Improbable: ويناقش فيه فكرة الاحتمالية واللاإحتمالية في العمليات التطورية، عن طريق افتراض أنّ التطوّر هو عمليّة شديدة البطء من تسلّق جبلٍ ذي انحدارٍ بسيط خطوة بخطوة، لو وقفت على الطرف الآخر من الجبل ستجد جرفاً شديد الانحدار يستحيل تسلّقه بخطوةٍ واحدة أو بكلماتٍ أخرى إنّ تسلّقه بقفزةٍ واحدة ذو احتماليةٍ ضعيفةِ حتى تكون معدومة، بينما لو التففت حول الجبل لرأيت الطريق الحقيقيّ الذي سلكه التطور للوصول لقمّته والذي ليس مستحيلاً.
فكّ لغز قوس القزح Unweaving The Rainbow: وهو كتابٌ رائع يناقش الفكرة المطروحة بين البعض والتي تقول أنّ فهمنا للآلية الكيميائية والقوانين الطبيعية التي تنتج أقواس قزحٍ أو أيّ ظاهرةٍ عالية الجمالية في الطبيعة، قد يجعلنا نخسر شعورنا بالدهشة والروعة، أو بكلماتٍ أخرى أنّ العلم والفنّ لا يجتمعان. يحاول دوكينز في كتابه هذا مناقشة أنّ العلم والمعرفة يقدّمان لنا نوعاً جديداً مبهراً وممتعاً من التجارب المعرفية المثيرة لمشاعر الروعة والإعجاب.
العرض الأعظم على الأرض The Greatest Show On Earth: عنوانٌ ثانوي: أدلة التطور. وهو كتابٌ أبسط ما يقال عنه أنّه يأخذ القارئ في رحلة تحبس الأنفاس بين أمثلة لانهائية لجوانب تطورية لدى الكائنات المتنوّعة التي نشاهدها في كلّ مكانٍ حولنا، فهو يجعل من كلّ محطةٍ دليلاً حياً على التطوّر من خلال شرحٍ ممتعٍ بلغةٍ غير معقدةٍ على الفهم.
يجدر ذكره أيضاً أنّ إسهامات دوكينز العلميّة الواسعة تشتمل على العديد من الأبحاث والمقالات والأفلام الوثائقية والمناظرات العلميّة وغيرها.
من مقولاته التي أعجبتنا:
"أليس من المحزن أن يذهب أيٌ منا إلى قبره بدون أن يتوقّف لحظة ليتساءل لمَ وجِدَ أصلاً؟ من هو ذلك الذي بإمكانه أن يستيقظ كلّ صباحٍ بدون شعورٍ بالحماس والرغبة لمتابعة رحلة الاستكشاف تلك!"
"إنّ الشعور بالروعة الذي يمنحنا إياه العلم هو واحدٌ من أسمى الخبرات التي يمكن أن تمرّ بها النفس البشريّة، وهو شغفٌ جماليٌ عميق التأثير يجب تصنيفه جنباً إلى جنب مع أرقى ما يمكن للفن والموسيقى أن تقدّمه يوماً"
المصادر