الكيمياء والصيدلة > سلسلة تداخل الغذاء مع الدواء
تداخل الأغذية مع الوارفارين
الوارفارين Warfarin دواءٌ يوصف للمرضى الذين يعانون من خطورةٍ عالية لتشكُّل الخثرات، حيث تترافق بعض الحالات المرضية مع سهولة بتجلُّط الدَّم وتشكّل الخثرات التي قد تعيق بدورها تدفّق الدَّم إلى الدّماغ أو إلى القلب، وبالتَّالي فهي تعتبر من المشاكل الصحيّة الخطيرة.
وتتمثّل آلية عمل الوارفارين بإنقاص فعاليّة فيتامين K في إنتاج العديد من العوامل الأساسية لعملية التَّخثُّر، مطيلاً بذلك من الزَّمن اللازم لتشكّل الخثرات.
يُعدّ كل من زمن البروثرومبين PT و international normalized ratio"INR" فحوصاً مخبرية لتحديد الزَّمن اللازم لتخثّر الدَّم، فهي تعتبر أساسية للمرضى الذين يتناولون الوارفارين، حيث يقوم الطبيب عادةً بإجراء هذه الاختبارات للمريض شهريّاً للتأكّد من أن زمن التخثّر مازال ضمن الحدود المقبولة تجنّباً لأي مخاطر نزفية.
ونظراً لارتباط آلية عمل الوارفارين بفيتامين K، فإنّ الأغذية الحاوية على هذا الفيتامين من شأنها أن تقلّل من فعاليّة الوارفارين، ولكن لا داعي أن يتوقّف المريض عن تناولها بشكل كامل، بل من المهم أن يحافظ المريض على مدخولٍ ثابتٍ من فيتامين K في غذائه يومياً، لأنَّ التَّغيرات الكبيرة من شأنها أن تسبّب تأثيراً على عمل الوارفارين، مثلاً تناول كميات كبيرة جداً سيقلل فعالية الوارفارين ويزيد خطر الجلطات، بينما الانخفاض الكبير المفاجئ في المدخول اليومي من فيتامين K سيؤدي إلى زيادة في فعالية الوارفارين والتي من شأنها أن تزيد الميل للنزف التّلقائي عند المريض.
يبلغ المعدّل الطبيعي المتناول من فيتامين K يومياً عند البالغين ما يعادل 70-80 µg بينما تصل الحاجة منه إلى 80 µg.
تُعدّ الخضروات الورقية الخضراء من أهمّ مصادر فيتامين K، بالإضافة إلى كبد البقر، هذا ونستطيع تصنيف الأغذية حسب محتواها من فيتامين K إلى ثلاث مجموعات:
• أغذية غنيّة بفيتامين K:
السبانخ، البروكولي، الملفوف، أوراق الخردل الأخضر، البقدونس، السلق، الهليون، البقلة، الكرنب.
• أغذية ذات محتوى متوسّط من فيتامين K:
الخس، خس Iceburg، الأفوكادو، الشَّاي الأخضر، البازلاء، الصُّويا، الملفوف الأحمر، الخس الروماني، المايونيز، زيت الصويا، زيت الزيتون، السَّمن النباتي، زيت الكانولا، الهندباء، بذور الكتان.
• أغذية فقيرة بفيتامين K:
البصل، البطاطا، الجزر، البندورة، التُّفاح، الذرة، البرتقال، القرنبيط، البَّطيخ، الليمون، الدُّراق، القريدس، التونا، الفطر، الدهون والزيوت، باستثناء التي ذكرت سابقاً، مثل زيت السمسم، زيت دوار الشمس، زيت الذرة، زيت الفستق.
يُنصح المرضى بشكل عام بتناول حصّة واحدة من الأغذية الغنيّة بفيتامين K في اليوم وليس أكثر، ويمكن تناول 3 حصص يومياً من الأغذية متوسّطة المحتوى، لكن من واجب المريض مناقشة حميته الخاصّة مع طبيبه للحصول على النتيجة الأفضل.
بالنسبة للمتمّمات الغذائية فبعضها قد يتداخل مع الوارفارين ويغير قيم PT/INR مثل الأرنيكا، مخلب القط، عشبة سان جون، عرق السُّوس، اليانسون، البرسيم، زهرة الرَّبيع المسائية، الثُّوم، الزَّنجبيل، الكركم، الجينسنغ، الجينكو، البابايا، مخلب الشَّيطان، وزيت السَّمك.
والسّياسة الأسلم للمريض بالنسبة لهذه المتمّمات هي تجنّبها قدر الإمكان إلّا في حال موافقة الطَّبيب على استخدامها.
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ بعض مستحضرات الفيتامينات المتعددة Multivitamins قد تحتوي على فيتامين K وتأثيرها على فعالية الوارفارين يظهر بصورة أكبر لدى المرضى الذين يملكون مستويات منخفضة من فيتامين K في دمهم، كما أشارت بعض الدّراسات الحديثة إلى أنَّ فيتامين E في حال تناوله بكميّات كبيرة، فقد يقلل من سماكة الدَّم مزيداً من احتمال النَّزف، بالتالي تناول أو إيقاف أي من هذه المستحضرات يجب أن يكون بإشراف الطبيب.
بالنسبة لتناول الكحول في حال العلاج بالوارفارين، فقد ثبت أنَّ الكحول يزيد من سهولة النزف عند المريض خاصّة عند تناول أكثر من ثلاثة كؤوس يومياً، لذلك على المريض تجنّب شرب كميات كبيرة من الكحول، أمَّا الكميّات المعتدلة (كأس أو اثنين في اليوم) فمن غير المحتمل أن تؤثر على عمل الوارفارين لدى مريض يملك وظيفة كبد سليمة.
في النهاية، لابدّ من التأكيد على ضرورة التزام المريض بتعليمات الطَّبيب بدقة ومراقبة زمن التخثر لديه بشكل دوري، وأن يخبر طبيبه بكل الأدوية التي يتناولها، بما في ذلك المتمّمات الغذائية العشبية والفيتامينات، وألّا يوقف أي دواء أو يبدأ بتناول أي دواء دون استشارة الطبيب، حيث قد يكون من المهم زيادة الرقابة لزمن التخثر أو تعديل الجرعة إن كان ذلك ضرورياً، كما أنّ عليه أن يخبر الطبيب مباشرةً في حال عانى من نزف أو كدمات غير اعتيادية، إقياء، دم في البول أو البراز، صداع، دوار أو وهن.
المصادر : هنا