الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية
شريحة للاختبارات الدوائية قد تريح الحيوانات من التجارب المخبرية
تخيل المستقبل الصحي للعالم مع إنتاج العديد من الخيارات الدوائية والعقاقير بسرعة أكبر، أمان أكثر للمريض، واستخدام أقل أو حتى معدوم للحيوانات في التجارب الدوائية، كم سيحسن هذا من الوضع الصحي، وكم سيريح الحيوانات ويفتح آفاق جديدة للصناعة الدوائية. تابعونا بالمقالة التالية لتتعرفوا كيف يعمل العلماء والباحثون في أشهر مخابر جامعات العالم لتحقيق ذلك.
يعتبر مفهوم "الأعضاء على رقاقة" وليد العصر، ولكنه قام بتحفيز مخيلة الباحثين وعلماء الدوائيات بشكل سريع وملموس. كمبدأ الزراعة الخلوية – عملية يتم من خلالها تنمية الخلايا تحت ظروف معينة خارج بيئتها الأصلية- تعتمد طريقة "عضو على شريحة" على علم أحياء الإنسان، وكما في الكائنات الحية تحتوي الشريحة على الآلاف من خلايا الإنسان المزروعة مع بعضها البعض ضمن بيئة اصطناعية مصغرة (الشريحة)، بحيث تمتلك هذه البيئة المصغرة أنسجة وظيفية مترابطة، و أنواع مختلفة من الخلايا التي تقوم بأدوارها المميزة ونماذج ميكانيكة بينية لتأمين القوى اللازمة لمحاكاة تدفق الدم وتبادل الهواء. وبهذه الطريقة يمكن للشريحة أن تساعد بالكشف عن تأثيرات مركب ما على النظام الحيوي بشكل كامل، مع الأخذ بعين الاعتبار استجابة الإنسان للدواء وقابلية التسمم.
يعتمد مبدأ العمل على وضع الخلايا البشرية والسوائل اللازمة على قطعة صغيرة، شفافة ومرنة من السيليكون بهدف محاكاة فيزيلوجيا الجسم البشري.
تحاكي كل شريحة أحد الأعضاء الحيوية، وتمتلك تصميماً مختلفاً عن الأخرى يعكس وظائف العضو الحيوية على أعلى مستوى مثل التنفس أو الهضم، كما أن هناك صفة ثابتة في كل الأنظمة المختلفة، حيث يوجد في كل رقاقة حجيرتين رئيسيتين، تحاكي الأولى العضو بحد ذاته، بينما تحاكي الأخرى تدفق الدم عبر ذلك العضو. تحوي كلا الحجيرتين على خلايا بشرية، ولكن من الممكن أن يوجد في حجرة الدم خلايا وظيفية مناعية أيضاً، ذات قدرة على مهاجمة البكتيريا الخارجية كما في الجسم الحي.
يفصل بين الحجيرتين غشاء مجهري مصنوع من أحد أنواع السيليكون (بوليمير عضوي) يكسى من كلا الطرفين بأحد الأنسجة البروتينية مثل الكولاجين. يعمل الغشاء بنفس طريقة عمل جدران الشعيرات الدموية بحيث يسمح بتدفق منتظم للخلايا الدموية من وإلى النسيج الحيوي لإيصال المغذيات مع المركبات التي يتم اختبارها. يعادل الحجم الكامل للنظام الممتلئ، الذي يمكن أن يستوعب عشرات الآلاف من الخلايا، تقريباً حجم الذاكرة المحمولة (فلاشة).
ومن الممكن أن يتم وصل عدة رقائق مع بعضها البعض لكي تشكل وحدة كاملة تحاكي جسم الإنسان بشكل كامل، حيث تمتلك الرقائق سائل يتدفق عبرها يسمح بتوصيلها بحيث تمثل كل وحدة عضواً من أعضاء الجسم البشري كالرئتين، الكبد، الأمعاء، الجلد، الكليتين، والعينين وبالتالي تشكل وحدة متكاملة لمحاكاة تفاعل الجسم البشري مع دواء جديد.
وفي نفس المضمار تعمل فرق من الأكاديميين في المختبرات من اختصاصات مختلفة مثل علوم الكمبيوتر وعلم الأحياء على مشاريع لزراعة قلوب بشرية مصغرة، وإيجاد نموذج من النظام البيولوجي البشري على شريحة كمبيوتر عادية، بهدف إنهاء العصر الذي كانت تتم فيه الكثير من التجارب الدوائية ليصل بالمقابل عدد ضئيل من الأدوية إلى الأسواق، وهو ما يسمى "بالعصر الجليدي للصيدلة".
فقد قام بروفيسور بالتعاون مع فريقه بإنتاج آلاف من القلوب المصغرة، بمقطع لا يتجاوز1 مم، والتي تستطيع أن تنبض 30 مرة في الدقيقة. وقد كان من الممكن، ولأول مرة، تحفيز قابلية العدوى للأمراض بينهم. فبعد أن تبدأ هذه القلوب بالنبض يقوم الباحثون باستخدام مواد كيميائية على الخلايا تعمل على زيادة حجمها ودفعها للتضخم، ومن ثم يقومون باختبار مركبات وعقاقير دوائية مختلفة عليها لمعرفة مدى إمكانية منع تضخم الخلايا أو السيطرة على الخلل الحاصل نتيجة إضافة هذه المواد.
قام فريق العمل باستخدام حساسات بيولوجية لتعقب كل جزيء ومعرفة المسبب لتضخم القلب ليقوموا بتوجيه الدواء الجديد باتجاه هذه الجزيئات فقط. وقد نتج عن ذلك نتائج مهمة فعلى سبيل المثال قاموا باختبار وتطوير دواء للسرطان وقد أشارت التجارب الأولية أنه يمكن أن يعمل على قلوب بالحجم الطبيعي أيضاً.
فيديو يوضح هذه القلوب
وفي تجارب مماثلة قامت مؤخراً مؤسسة ألمانية للبحث العلمي بتطوير ما يدعى "كائن حي صناعي على شريحة مصغرة" ليتم استخدامه في اختبار الأدوية الجديدة كمحاكاة لجسم الإنسان.
فقد قام الباحثون بزرع خلايا بشرية من أعضاء حيوية مختلفة في جيوب ضمن رقاقة، ثم قاموا بتوصيلهم إلى بعضهم البعض من خلال أقنية دقيقة.كما تم وصل مضخة مصغرة لتعمل كالقلب أيضاً ليقوم بتفعيل الدورة الحيوية بين الأعضاء المختلفة، لمحاكاة هذه الأنظمة قدر المستطاع كما في الجسم الحي.
كما يكمن أيضاً تحديد الاختلافات في حجم الجسم ووزنه بالشكل المرغوب به على مقياس 1:100،000 وبناءا على الدراسة فإن نواتج استقلاب الخلايا وتأثيراتها على الخلايا الأخرى قد تعطي نتائج أفضل من تلك الناتجة من التجارب على الحيوانات.
في الوقت الحالي لازالت تعتبر الاختبارات على الحيوانات هي المرحلة الأولى من أي بحث دوائي، ولكن الأحياء المختلفة تتفاعل بشكل مختلف مع العقاقير، وبالتأكيد طريقة تفاعل الحيوانات مع هذه العقاقير تختلف عن الإنسان. لذلك بدون وجود طريقة دقيقة للتأكد إذا ما كان الدواء مفيد أو ضار للإنسان لازال الباحثون بحاجة لإجراء التجارب على الإنسان. لتجنب ذلك يعمل العلماء لاعتماد مبدأ "عضو على شريحة" وإدخاله إلى حيز التطبيق. في الوقت الحالي تبقى هذه الشرائح تجريبية، ولكن في المستقبل ستظهر قدراتها كمؤشر دقيق لما يحدث في جسم الإنسان من تفاعلات، كمحاكاة تقريبية لنظام معقد.
فيديو يوضح ألية عمل الشريحة
المصادر:
للمزيد من التفاصيل هنا