الهندسة والآليات > الهندسة البحرية
أهمية شكل مقدمة السفن
هل شاهدت كيف تكون مقدمة السفن، لماذا تأخذ مقدمة السفن هذا الشكل وما تأثير شكل المقدمة على حركتها، لتعرفوا أكثر تابعوا معنا هذا المقال...
الشّيء الرّئيسي الّذي غالباً ما يلفت انتباه أي شخص ناظر لأي سفينة هو مقدّمتها بصليّة الشكل، والّتي تتوضّع بشكل عام تحت الماء، وليس هناك شكّ أنّك قد سبق لك وأن سألت نفسك لماذا وضعت المقدّمة السّفلية بهذا الشكل الغريب.. دعونا نعود بالتاريخ إلى حوالي مئة عام من الآن، ولنتذكّر سفينة التايتانيك، يفترضُ أنّك لاحظت عدم وجود هذه المقدّمة البصليّة -والّتي تشبّه بالمصباح أيضاً- فيها، ولكن حاول أن تنظر إلى السّفن الحديثة.. سفن الحاويات، ناقلات الغاز، سفن البحوث العلميّة... الخ. كلّ هذه السّفن مجهّزة بهذه المقدّمة البصليّة. وليست هذه المقدّمة مقتصرة على السّفن الكبيرة، بل اليوم أصبحت منتشرة في القوارب بدلاً من المقدّمة المستقيمة.. والآن نريد أن نعرف لماذا هذا الشّكل تحديداً ؟
عندما تكون السّفينة مبحرة، فإنّها تولّد موجاتها الخاصّة بها (تلك الموجات الّتي تشاهدها حول السّفينة عندما تبحر كما في الصورة)، ونلاحظ أن الأمواج تسافر على جانبي السّفينة. فمن أين تأتي هذه الطّاقة؟ أو بعبارة أخرى.. من ينشّط جزيئات الماء لتكوين هذه الموجات؟
إنّ هذا يحدث من كتلة السّفينة المتحرّكة، لاحظ كلمة "المتحرّكة". وحركة السفينة مقدّمة بواسطة نظام الدّفع الخاص بها، بحيث أنّ قسم من الطاقة المقدّمة من قبل المحرّك يذهب من أجل تدوير المروحة الخلفيّة.. وبالتّالي جزء من هذا الدفع الّذي يشكل الأمواج يأتي بواسطة المروحة.. فأين تذهب بقيّة الطاقة؟.. تذكّر، جزيئات الماء قد تمّ تنشيطها لنقل الأمواج؟ هذا هو جوابك. وهذا أيضاً يدعى بالموجة الّتي تسبّب مقاومة للسفينة.
الآن.. لماذا نحنُ نناقش هذا، وماذا يجب أن نفعله مع هذه المقدّمة البصليّة؟
لنأخذ بعين الاعتبار سفينة ذات مقدّمة مستقيمة (على سبيل المثال، التايتانيك).. عندما تبحر السّفينة إلى الأمام فإن جزيئات الماء تتحرّك نحو المؤخرة على طول السفينة. إن كنت تتذكّر معادلة بيرنولي، فإنّ الضغط عند نقطة الركود يكون أعلى، وبهذا فإننّا نقوم بإضاعة طاقة مولّدة من المحرّك فقط لأجل تشكيل هذه الأمواج (bow waves) ومن ثمّ مقاومتها.
كانت المهمّة الأساسية لتصميم هذه المقدّمة البصلية الحد من جعل السّفينة تُحرف بواسطة الأمواج. ولكن لم نتمكّن من إيقاف الخوض في جوانب أكثر إثارة للاهتمام كما هو مبيّن أدناه:
يمكنك أن تلاحظ طول الموجة الكبيرة والبارزة في السّفن السياحية، اليخوت، الطوّافات البحرية، وإذا لاحظت سير السّفن ناقلات البضائع، أو ناقلات النّفط.. فإنّ هيكلها لا يُظهر لك الأمواج بارزة.. لأنّ عرض الجزء الأمامي في السّفينة الموجود على خط الماء كبير جداً، وفي هذه الحالة فإن الموجة قد اصطدمت في مقدّمة السّفينة الكبيرة، قبل أن تنتقل على طول السّفينة.
ومن أهمّ الأمور الّتي يجب معرفتها أنّ أكبر مقاومة تواجهها أي سفينة في الماء تأتي على البدن الخارجي لها والّذي هو بمواجهة الماء تماماً وبشكل دائم. والأمواج الّتي تصطدم بالقسم الأمامي للسّفينة تُدفع على جانبيها بشكل أسرع من تحرّكها بعيداً، وهذا يتطلّب الكثير من الطّاقة للتغلّب على سرعة وكتلة الماء، ما يعني أنّه يقود إلى تكلفة أكبر من ناحية الوقود المبذول لعمل السّفينة.
المقدّمة بصليّة الشكل هي جزء إضافي لهيكل السّفينة من الأمام، يتوضّع تحت خط الماء غالباً يوجد له العديد من الأشكال المختلفة، ولكنّه بشكل أساسي الجزء الأمامي المدوّر والّذي يتوضّع نوعاً ما خارج السّفينة بالمقارنة مع هيكلها العام. هذه النتوءات الأمامية هي حوالي اثنين بنفس الطول والعرض في الأساس، حيث أنّ المبدأ الرئيسي لهذه المقدّمة خلق منطقة ضغط منخفض للقضاء على الأمواج الأمامية والّتي يطلق عليها (bow wave) والحد من الانحراف الناتج عن هذه الأمواج.
وبالإضافة إلى كل ما ذكرناه مسبقاً، فلهذه المقدّمة فوائد أخرى يجب ذكرها، ففي المناطق الجليدية يلعب تصميم هذه المقدّمة دوراً هاماً في جعلها قادرة على كسر الجليد لحد معيّن وبالتّالي شق طريق ذاتي للسّفينة، كما أنها تلعب دور حماية للسّفن البحرية الّتي تستخدم الترداد الصوتية العالية تحت الماء، حيث تكون بمثابة حصن يحمي مقدّمة السّفينة من أي شيء.
وكان الظهور الأول لهذا الشكل في عام 1910، فقد كان تصميم المقدّمة هذه من أكثر التصاميم إثارةً للجدل حينما صمّمها الأمريكي دافيد تايلور لصالح الولايات المتّحدة الأمريكية، ولكنّ معظم الجدال انتهى بعد عشرة سنوات حين بدأت سفن الركّاب باستثمار هذا التصميم والعمل به لزيادة سرعتها.
هياكل السّفن مع المقدّمات البصلية الشّكل أصبحت اليوم موجودة بكثرة تحت ظروف معينة، ويعدّ هذا التصميم مهم جداً لإعادة توجيه القوة الهيدروديناميكية المقاومة والانحراف الناتج عن الأمواج.
هناك العديد من المقدّمات ذات الشكل البصلي تبعاً لأشكالها المختلفة :
المصادر:
مصادر الصور: