كتاب > روايات ومقالات
رواية آلموت
عندما يختزلُ مكانٌ ما أسطورة الماضي وأحلام المستقبل، فإنه لا يمكن أن يكون سوى الموت «عش النسر»، قبلة الباحثين فقط عن الحقيقة المطلقة، من يعتنقون الدين الصحيح، المستعدون للدفاع عنه حتى النهاية. هذه القلة القليلة من المؤمنين التي كرَّست نفسها للدين الصحيح ستصل إلى غاية الغايات، إلى الفردوس الأزلي مكافأةً لهم على تضحيتاهم في سبيل أوامر سيدهم الأعلى وفي سبيل دينهم الحق.
ففي زمن يتخذُ فيه النزاع بين الأعراق والملوك اللباسَ الطائفي، يخرجُ أحد عباقرة ذلك الزمن ليغير مفهوم القوة، وليؤسِّـسَ نواة مملكة عظيمة قائمة على قوة الإيمان والإيمان وحده، فهو السبيل الوحيد لترسيخ دعائم مملكته المنتظرة، ولا يمكن للإيمان أن يكونَ راسخاً دون اقتناع العامَّة بأن من يقودهم ليس مجرد قائد شجاع، بل تجاوز ذلك بكثير ليصل إلى مراتب الأنبياء من يملكون مفاتيح الفردوس الأعلى.
ففي الموت لا مكان للضعفاء ولا لضعيفي الإيمان، فكلامُ السيد هو الذي يجب أن يطاع، والحور العين في فردوسه رهن إشارته، فهنَّ سلاحُه الفعال الذي سينزع أيَّ شك من قلب فدائِيِّيه الذين لن يتوانوا عن طرق أبواب الملوك العظام مقدمين أرواحهم هدية لسيدهم الأعلى.
فالسيد الحسن بن الصباح درس العلاقة المبهمة بين العقل والجسد والعاطفة، ووضع خطَطه بإحكام من خمسة فصول ليصل بمريديه إلى أعلى درجات التفاني والطاعة، فالكثرة لن تغلب شجاعة فدائييه، فهم أصبحوا أمضى سلاح في ذلك الوقت، هذا السلاح الذي نشر الرعب بين ملوك وسلاطين العالم فلا أمان لهم ما زال هناك من يدعى الحسن بن الصباح على قيد الحياة.
تُعدُّ رواية الموت من أهم الروايات التاريخية، وهي باكورة أعمال «فلاديمير بارتول» التي لاقت نجاحاً كبيراً، واستغرقت كتابتها عشرة أعوام، حيث قام بارتول في هذه الرواية بمزجِ التاريخ الواقعي والفلسفة والدين والسياسة مع الخيال الخصب المبدع له، مِمَّا جعل دروب التاريخ بوقائعه وخرافاته تتقاطعُ في الحاضر والمستقبل، فهنا لا يمكن أن تصلَ إلى ذروة الرواية، فكلَّما قرأت المزيد كان بارتول يخبئُ المزيد من التشويق والأفكار لك، مُنشئاً روايةً قابلة للحياة لمدة بعيدة...
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الرواية قد تُطابقُ الواقع في أشياء وتخالفه في كثيرها، فهي عمل أدبي يستندُ بشكل أساسي إلى خيال الكاتب، فلا يجب أن تُحاكَمَ كمصدر تاريخي لإحداث معينة جرت في تلك الفترة.
الكتاب: آلموت
تأليف: فلاديمير بارتول
ترجمة: فاطمة النظامي
دار النشر: دار التكوين . منشورات الجمل
نوعية الكتاب: 624 صفحة قطع متوسط.