الحصبة

تعد الحصبة من أكثر الأمراض المعدية، وتتميز بأعراضها التي تشبه إلى حدٍّ ما الزّكام، ولكن يُميزها عنه الطفح الجلدي أحمر اللون. تعتبر الحصبة من أمراض الطفولة في الأساس، لكنها يمكن أن تؤثر على أشخاص من جميع الأعمار. وبشكلٍ عام فقد انخفض معدل الإصابة العالمي بالحصبة والوفيات الناجمة عن المرض بنسبة 66-74% بين عامي 2000 و2010، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO).، حيث أعلنت الولايات المتحدة خلوّها من هذا المرض في عام 2000، والأمر نفسه الذي أعلنته سورية في العام 2012 وذلك بفضل اللّقاحات.

لكن للأسف يبدو أن الفيروس قد عاد مؤخراً. وفي الوقت الذي أصبحت فيه العدوى أكثر انتشاراً، لا بد من فهم طبيعة هذا المرض وكيفية الوقاية منه.

الأسباب وكيفية انتشار الحصبة:

إنّ مرض الحصبة ينجم عن فيروسٍ يعيش في مخاط الأنف والحلق عند الشخص المصاب، ويمكن أن ينتشر إلى الآخرين بسهولة عن طريق السعال أو العطاس، فإذا كنت غير ملقح ضد المرض من المحتمل جداً أن تنتقل إليك العدوى، حيث يمكن للشخص المصاب أن ينشر الفيروس قبل 4 أيام من ظهور أول طفح للحصبة ولمدة أربعة أيام بعد ظهور الطفح، كما أنّ هذا المرض مُعدٍ جداً لدرجة أن 90% من الناس الذين يقفون قرب شخصٍ مصاب سوف تنتقل إلهم العدوى. ويمكن أن تنتقل العدوى من الشّخص على بعد 50 قدماً أو حتى بالدخول إلى غرفة كان يجلس بها الشخص المصاب ولو بعد ساعتين من مغادرته الغرفة لأنّ الفيروس يعيش لمدة تصل إلى ساعتين على الأسطح أو في الهواء.

الأعراض:

تتراوح المدة التي تبدأ فيها الأعراض بالظهور بين 7 إلى 14 يوماً (10 إلى 12 يوماً كحدٍّ وسطي) بعد التعرض للفيروس.

الطور البدئي للمرض:

أول علامات المرض ارتفاع درجة الحرارة الذي يستمر عادةً بين 4 حتى 7 أيام، كما يتضمن الطور البدئي الشعور بالضيق، فقدان الشهية، الثالوث الكلاسيكي (التهاب ملتحمة العين،السعال والزكام)، بالإضافة إلى الرّهاب الضوئي photophobia ووذمة حول العينين.

الطفح الباطني:

أو ما يُسمى بقع كوبليك، وهي بقعٌ رماديةٌ مزرقةٌ قاعدتها حمراء، تظهر على مخاطية الشدق (باطن الخد) قبل يومٍ إلى يومين من ظهور الطفح الجلدي.

الطفح الجلدي:

يظهر بعد حوالي 14 يوم من التعرض للفيروس، وقد ترافقه حكةٌ خفيفةٌ، كما يكون على شكل بقعٍ مرتفعة الحواف تبدأ في الوجه (مكان منبت الشعر)، على جانبي الرقبة وخلف الأذنين. وخلال 48 ساعة تلتحم الآفات في بقعٍ ولويحاتٍ تنتشر إلى الجذع والأطراف، بما في ذلك الراحتين والأخمصين، وتكون أكثر كثافةً فوق الأكتاف، وقد تكون البقع دموية صغيرة أو كدمية في طبيعتها.

تظهر معظم علامات المرض خلال اليوم الأول أو الثاني من ظهور الطفح، الذي عادة ما يستمر لمدة 5 إلى 7 أيام قبل أن يتضاءل بشكل بقعٍ نحاسيةٍ – بنيةٍ مفرطة الصباغ، والتي تقشر لاحقاً، وقد لا يتطور الطفح عند المرضى ضعيفي المناعة.

وقد ترافق هذا المرض مضاعفاتٌ شائعةٌ كالتهاب الأذن (التهاب الأذن الوسطى)، الإسهال والتجفاف، الالتهاب الرئوي، التهاب الدماغ وحتى الموت، ففي الولايات المتحدة يموت من واحد إلى ثلاثة من كل ألف شخصٍ مصابٍ بالحصبة بسبب مضاعفات المرض، بينما في بلدان العالم الثالث يموت من اثنين إلى 15 شخص من كل مئة مصابٍ.

وكما ذكرنا سابقاً أنّ الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، فهي تقتل 100 ألف شخص سنوياً معظمهم تحت سن الخامسة، كما أن النساء الحوامل والذين لديهم ضعف في الجهاز المناعي هم أكثر عرضةً للمضاعفات الخطيرة.

العلاج:

تنويه: (إن هذا المقال لا يغني عن زيارة الطبيب، وجميع الأدوية المذكورة لا ينبغي أن تؤخذ دون استشارة طبية)

لا يوجد دواء مضاد فيروسي محدد يستخدم لعلاج الحصبة، وبدلاً من ذلك، يعتمد الأطباء على علاج الأعراض، كاستخدام خافضات الحرارة (مثل باراسيتامول) لتوفير الراحة والتحكم بالحمى، وترطيب المجرى التنفسي عند المرضى الذين يعانون من مشاكل تنفسية، وقد استخدم بعض الأطباء ريبافيرين لعلاج الالتهاب الرئوي في الحصبة الشديدة.

العلاج بفيتامين A: إن جرعة كبيرة (200 ألف وحدة دولية (IU)) من فيتامين A لمدة يومين يمكن أن تخفف من شدة المرض، حيث ثبت أن إعطاء علاج بفيتامين A يمكن أن يحد من معدل وفيات الأطفال تحت عمر العامين.

ماذا عن الإجراءات المطلوبة خلال العلاج؟

إن التعافي من المرض بالنسبة لكثيرٍ من الناس يتضمن الراحة في المنزل حتى زوال الأعراض، شرب الكثير من السوائل لتعويض تلك المفقودة أثناء الحمى أو الناجمة عن الإسهال والإقياء، وقد يكون من المفيد استخدام المرطب لتخفيف الاحتقان والابتعاد عن الأضواء الساطعة التي قد تزعج العين الحساسة. ويجب أن نذكر أنه بمجرد إصابة الشخص بهذا المرض لمرةٍ واحدةٍ، يكون قد اكتسب مناعةً ولا يصاب بالفيروس نفسه مرةً أخرى.

الوقاية خيرٌ من قنطار علاج:

يعطى لقاح الحصبة عادة ضمن لقاحٍ ثلاثي يشمل ثلاثة أمراض (الحصبة، النكاف والحصبة الألمانية) MMR (measles، mumps، and rubella)، حيث أن الطريقة الأفضل للوقاية من الحصبة هي التلقيح (التطعيم)، ومن يحصل على اللّقاحات المناسبة لا يصاب بفيروس الحصبة (وفقاً لوزارة الصحة في سان فرانسيسكو 997 من 1000 شخص حصل على اللقاح لم يصب بهذا المرض)، وينبغي تلقيح الأطفال للمرة الأولى بين عمر 12 حتى 15 شهراً، ثم مرةً أخرى في عمر 4 إلى 6 سنوات، لكن هناك بعض الحالات لا يجوز تطعيم الطفل فيها وتشمل: الحساسية لمكونات اللقاح، ضعف الجهاز المناعي أو الأطفال الصغار جداً لتلقي اللقاح.

كما أن الحصول على اللّقاحات المناسبة لا يحمي الفرد المتلقي للقاح فقط، إنما يحمي أيضاً أولئك الذين لم يتم تلقيحهم بما يسمى المناعة الجماعية Herd immunity، التي تعني أن يكون الشخص غير الملقح محمي من المرض لأن جميع الناس في مجتمعه حصلوا على اللقاح المناسب للمرض، وهي بمثابة حماية غير مباشرة للشخص.

الحصبة المعدلة ** Modified measles: بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا للفيروس ولم يتم تطعيمهم من قبل، يمكن أن يحصلوا على اللقاح خلال 72 ساعة من التعرض، وقد يمنع ذلك حدوث المرض، وحتى لو كان ذلك لا يوقف تطور المرض لكنه قد يحسن من حالة المصاب إلى حدٍّ كبير.

وهناك طريقةٌ أخرى لحماية الأفراد المعرضين لخطر الإصابة وهي حقن الغلوبولين المناعي في الدم خلال ستة أيامٍ من التعرض للفيروس، وذلك قد يمنع الإصابة أو يجعلها أقل شدة.

حواشي:

*الحميراء (German measles)

يجب عدم الخلط بين الحصبة الألمانية Rubeola والحميراء German measles أو Rubella أو حصبة الثلاثة أيام. يتشارك المرضان بعض الأعراض، مثل الطفح الجلدي الأحمر، ولكن تسببها فيروسات مختلفة، والحميراء ليست معدية أو شديدة مثل الحصبة.

المصادر:

هنا

هنا