الموسيقا > موسيقا
هل سيكشف قلب شوبان سبب وفاته؟
وُلد شوبان بالقرب من وارسو_بولندا عام 1810 لأم بولندية وأب فرنسي مهاجر، وعاش هناك حتى عام 1830 حيث اتَّجه إلى باريس مختاراً حياة المنفى بعيداً عن القمع الوحشي الذي فرضته الامبراطورية الروسية بعد انتفاضة فاشلة.وتنفيذاً لوصيته التي نطق بها وهو في باريس على فراش الموت عام 1849 والتي محتواها إزالة قلبه بعد وفاته ودفنه في بولندا، قامت أخته بتهريب القلب إلى وارسو مخفيةً إيَّاه تحت تنورتها.منذ ذلك الحين وجثمانه يرقد بسلامٍ في مقبرة بيرلاشيه الشهيرة في باريس، بينما عانى قلبه من رحلةٍ جامحةٍ مليئةٍ بالمؤامرات والتملُّق، فبداية تمَّ وضعه في وعاءِ كحولٍ مختومٍ، يُعتقد أنُّه كان يحتوي الكونياك، وتمَّ تهريبه إلى وارسو مروراً بحرس الحدود الروسيين، وفي بلدته الأم تنقَّل بين أيدي العديد من الأقارب وتمَّ الاحتفاظ به في منزل العائلة لسنوات عديدة قبل وضعه في المكان المنشود حيث دُفن في نصبٍ تذكاري في كنيسة الصليب المقدس وسط وارسو.ظلَّ هناك حتى الحرب العالمية الثانية عندما وقع لفترة وجيزة في براثن النازيين أثناء انتفاضة وارسو عام 1944، ومع أنّهم قاموا بذبح200000 شخص بولندي انتقاماً من الانتفاضة إلَّا أنَّهم تحمَّلوا آلام الاحتفاظ ببقايا الملحن الذي كان الألمان يدَّعون أنَّه لهم في بعض الأحيان بسبب تأثير الملحنين العظماء عليه، ولكن وبعد انتهاء القتال تمّت إعادة القلب إلى الكنيسة البولندية ضمن مراسيمٍ هادفةٍ لإظهارٍ احترامهم للثقافة.لقلبِ شوبان سحرٌ عميقٌ في بولندا لا يحظى به عادةً إلَّا رفات القديسين، فبالنسبة للبولنديين إنَّ مؤلفات شوبان الملتهبة بمشاعر الحنين تُعبِّر عن روحه الوطنية، ويُنظر إلى مصير قلبه على أنَّه مرتبطٌ بعذابات وانتصارات بولندا العظيمة على مدى ما يقارب قرنين من الاحتلال الأجنبي الذي تلته الحرب ثمَّ التحرير.لقد تمّ استخراج القلب لعدة مرات وآخرها مؤخراً في عمليةٍ سريةٍ للتحقق إذا كانت الأنسجة لا تزال محفوظةً بشكلٍ جيد.يقولMichal Witt) ) وهو عالمُ وراثة كان من ضمن الذين قاموا بالفحص: "إنَّ القلب ذو قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة للبولنديين، حيث إنَّ شوبان مميَّز بشكل كبير للروح البولندية".أراد خبراء شوبان إجراء فحص جيني لتحديد فيما إذا كان هذا العبقري السقيم الذي توفي عن عمر ال39 عاماً قد مات بمرض السل أم بسبب مرض آخر، ولكن تمّ إحباطهم من قبل الكنيسة والحكومة البولندية و القيمين على القلب الذين رفضوا لسنوات عديدة طلبات القيام بأي اختبارٍ من هذا النوع، ورفضهم كان بشكل جزئي بسبب معارضة أقارب المؤلف.في العام الماضي تمّت الموافقة أخيراً على القيام بفحص سطحي بعد أن نوّه عالم أدلة جنائية أنَّه بعد سنواتٍ كثيرةٍ يمكن أن تكون الكحول قد تبخَّرت تاركةً القلب يجفُّ ويسودّ.حوالي منتصف الليل من 14 نيسان وبعد أن غادر المصلون الكنيسة، أقسم 13 شخص على السرية واجتمعوا في الحرم المظلم، وكان من بينهم رئيس أساقفة وارسو، وزير الثقافة واثنين من العلماء وغيرهم من الرسميين.في جوٍ يسوده الغموض عملوا بتركيزٍ كُلَّي وهمس، أخرجوا القلب من مكانه وقاموا بإجراء الفحص، وأخذوا أكثرَ من 1000 صورة وثمّ أضافوا الشمع الساخن لختم الوعاء ومنع التبخر.بعد ذلك تلا رئيس أساقفة وارسو الصلوات على القلب وتمّت إعادته إلى المكان المعهود، وبحلول الصباح لم يرَ الزوار أي دليل على عملية الاستخراج.قال (Tadeusz Dobosz) وهو عالمٌ في الطب الشرعي كان من ضمن الفريق: "إنَّ روح هذه الليلة كانت مهيبة جدّاً".أبقى المسؤولون البولنديون تفاصيل الفحص الذي جرى سرية لمدة 5 أشهر قبل إعلام الجماهير بالموضوع في أيلول، بدون مبرر لهذا التأخير، ولم يقوموا بنشر صور القلب مراعاة للاعتبارات الأخلاقية المحيطة بموضوع عرض الرفات البشرية، وهذا ما قاله (Artur Szklener) مدير معهد شوبان في وارسو، وهو هيئة تابعة للدولة تحافظ على إرث المؤلف الموسيقي، وقال أيضاً: "لا نريد لهذه القضية أن تُحدثَ ضجةً كبيرةً في وسائل الإعلام بإدراج صور القلب في الجرائد".ومع ذلك، ولإثبات أنَّ القلب في شكلٍ جيد، فقد أظهر صوراً فوتوغرافية للقلب لـAssociated Press) ) وكان العضو في الصور عبارةً عن كتلةٍ بيضاء مغمورة في سائل بلونٍ عنبري في وعاء كريستالي.انتقد بعض خبراء شوبان ذلك معتبرينه نقصاناً في الشفافية.الأمريكي Steven Lagerberg)) مؤلف كتاب "Chopin's Heart The Quest to identify the Myserious Illness of the World's Most Beloved Composer"، "قلب شوبان: السعي لمعرفة المرض الغامض لأكثر مؤلف موسيقي عالمي محبوب"، يعتقد أنَّه كان يجب إشتراك الخبراء العالميين في الفحص أيضاً، وقال إنَّه يتمنى أن تكون عملية استخراج الجثث تضمَّنت فحوصاً جينية على عينة صغيرة من النسيج لتحديد سبب وفاة شوبان.على الرغم من أنَّ (Lagerberg) وغيره يعتقدون أنَّ شوبان مات بسبب السل، ولكن السبب الرسمي للوفاة لم يكن واضحاً ولم يتم البت بالقضية برمتها، ويشكُّ بعض العلماء في التليف الكيسي وهو مرضٌ لم يكن معروفاً في زمن شوبان ولا حتى أمراض أخرى كثيرة غيره.يقول (Lagerberg) : "إنَّ الغموض الذي يحيطُ في مرض هذا الرجل يكمنُ في استطاعته بأن يعيشَ لهذه المدة الطويلة بوجودِ هكذا مرض مزمن وكيف استطاع تأليف مقطوعات بهذا الجمال الاستثنائي، إنَّ في ذلك لغزاً فكرياً وغموضاً طبياً وقضيةَ فضولٍ علمي كبير".وزير الثقافةBogdan Zdrogewski) ) الذي كان له دورٌ في الفحص الذي تمّ خلال شهر نيسان في العام الماضي دافع عن رفضه لإجراء الفحوص على القلب بقوله: "نحن في بولندا نقول عادةً أنَّ شوبان مات بسبب اشتياقه لوطنه، والمعلومات الإضافية التي من المحتمل الحصول عليها عن وفاته لن تكون سبباً كافياً لتعكير الصفو".ووفقاً لذلك فقد أعلن مسؤولون عن خططٍ للقيامِ بفحصٍ آخر بعد 50 عاماً من الآن.المصدر:هنا