علم النفس > القاعدة المعرفية
ما السر وراء شعورنا بالملل؟!
ما السّر وراء الشعور بالملل؟ ما مدى صحّة التعبير " أنا لا أشعر بالملل أبداً" ؟ وهل أنت شخص ممل فعلاً لمجرد أنك تشعر بالملل؟!
يعمل البعض بجد لجعل محادثاتهم أو الحالات التي يمرُّون بها أكثر متعةً وإثارة, وإن لم يبذلوا جهداً لتحقيق ذلك سوف ينتهي بهم الأمر صامتين في غرفة يبدو وكأنّ الهواء فيها عبء عليهم, ويبدو الأمر وكأنّ عقلهم يرفض التنفُّس أو تحريك ساكن.
وفقاً لعالم الأعصاب الدكتور Irving Biederman فإنّ مادة الأفيون opioids, وهي مادة كيمائية في الدماغ والتي تتسبب لنا بالشعور بالمُتعة, لها نفس المستقبلات التي ترتبط بالمورفين والهيروئين في الدماغ وينتج عن هذا الارتباط الشعور بالبهجة والمتعة لدى المتعاطي, و التجارب الجديدة تحفز تحرير الأفيون في الدماغ, كون دماغ البشر توّاق لاكتشاف المزيد والمزيد من المتعة, حيث تُركّز العين البشريّة على نقطتين من حولها ولثوانٍ معدودة باحثةً عن مُحفّز وإن لم تجد سيحدث الشعور بالملل.
ما إن يمر الشخص بتجربة جديدة حتى تتولى بعض الخلايا العصبيّة على عاتقها مهمة الاستجابة لمجموعة البيانات الجديدة, وهذا الفعل يُحرر الخلايا العصبية المجاورة للخلايا السابقة سامحاً لها بالقيام بمهمات جديدة ومعالجة معطيات أُخرى، وإن تكرار التجربة نفسها مرتين أو ثلاث لن يتسبب بتحرير الأفيون كما حدث في المرّة الأولى، بسبب قلة عدد الخلايا العصبيّة المشاركة بإطلاق الأفيون لدى تكرار التجربة. وهذا النظام يجعلنا متلهفين للتحفيز المستمر, وكون الشخص مُعرّضاً للشعور بالملل باستمرار فهذا يدل على أنّ دماغه يحثه دوماً للبحث عن جديد. لذلك فإن الأشخاص الذين يقولون لك بأنهم لايشعرون بالملل وأنك شخص مُمِل كونك تشعر بالملل هؤلاء الأشخاص في الواقع يخبروك عن تفوقهم في هذه الناحية من حيث القدرة على خلق محفزات جديدة بينما أنت لا.
إنّ من يشعر بالملل على الدوام سوف يعيش في تخبُّط, مما قد يؤدي لتركه المدرسة أو تغيير عمله باستمرار وقد ينفصل عن شريك حياته على الرغم من علاقتهم الناجحة وذلك فقط لمجرد الشعور بالملل باستمرار. على عكس ذلك, يقول البعض أنهم يستمتعون بعمل الشيء نفسه لمرات ومرات, حيث أنّ التكرار هنا يُخفف من شعور القلق المصاحب للتجربة الأولى.
والنتيجة هنا كالتالي, لإغناء دماغك بأفيونك الداخلي هناك طريقتين, إما أن تحاول تجربة أشياء جديدة باستمرار والبحث عنها أو أن تتعمق في شيء ما أنت تعرفه جيداً وتبحث فيه عن محفزات جديدة, وبكلتا الحالتين سوف تصل للشعور بالمتعة, فالطريقة الأفضل لتجنب الشعور بالملل هي أن تفعل ما تحب فعله, وعادةً ما يكون أمراً تُجيد فعله.
أيّ الأشخاص أنت؟ هل تبحث باستمرار عن المتعة بالبحث عن تجارب جديدة؟ أم تُفضل خلق جديد في تجاربك السابقة التي تجيدها؟
المصادر:
مصدر الصورة: