كتاب > روايات ومقالات
عِندَما تقع ضحيّة شخص أصابهُ... الـ
"ومن الحُبّ ما قتل"، ولكن لحظة قليلاً! روايتنا لا تتحدث عن روميو وجولييت أو قيس وليلى أو بوني وكلايد، فعن أيّ حُبّ نحنُ نتكلم؟ أهو حُبّ التملّك؟ حُبّ التعذيب؟ حُبّ الأنانية؟ أم ماذا يا ترى يجب أن نُطلق على هكذا نوعٍ من الحُبّ؟
إنه حُبّ خالٍ من ذرّة شفقة أو إنسانية واحدة، هو بالأحرى إعجاب استحواذي مَرَضي من طرف واحد لحد الهوس والجنون، ولا يندرج تحت أي صنفٍ من صنوف الحُبّ، عندما تتحول امرأة وحيدة بسيطة إلى وحشٍ كاسرٍ، تتملكها رغبة عارمة بأسر بطل روايتنا داخل منزلها الكئيب المُنعزل، وإنزال كافة أهوال الآلام المُبرحة السادية عليه، ليُعيد صياغة وترتيب أفكاره داخل رأسه، ليكتب بها مجدداً أحداث قصتها المفضلة بما يتماشى مع النهاية الأنسب التي تراها وتتمناها حسب آمالها المخبولة الخاصة.
(بؤس) هي رواية رعب نفسي تدور أحداثها حول الكاتب (بول شيلدون) الذي يقوم بكتابة سلسلة قصصية رومانسية من العصر الفيكتوري القديم، يسعفه حظه العاثر بعد إغمائه جراء حادث سيارة خلال عاصفة ثلجية عاتية أن ينجو من موتٍ محتّم، ليُنقَذ من الحطام ويحلَّ ضيفاً عزيزاً على الممرضة العاطلة عن العمل (آني ويلكس)، لترعاه وتهتم به ريثما يستعيد صحته وقواه.
تعتمد الرواية على عامل الصراع النفسي بين الشخصيتين ومخاطبة الذات بأسلوب شيّق يجعلك مشدود الانتباه، مقشعرّ البدن، ومتلهّفاً لقراءة المزيد بغية معرفة ما ستؤول إليه المجريات، تمتاز شخصية (بول) بالذكاء وسعة الحيلة وحس تهكّمي لاذع، أما (آني) فشخصيتها ماكرة وعنيفة ومراوغة لا تلوم عن فعل أي شيء مؤذٍ.
مؤلف رواية (بؤس) هو رمز أدب الرعب الأميركي (ستيفن كينج) مواليد 1947 خريج جامعة (ماين) قسم أدب إنجليزي، والذي حققت أعماله مبيعات قياسية هائلة فاقت 350 مليون نسخة حول العالم، وتُرجمت كتبه للغات عدّة، من أشهر ما خط قلمه (كاري) و(البريق) و(الميل الأخضر) والعديد من العناوين التي لا تُعد ولا تُحصى، وقد بيع من (بؤس) 900 ألف نسخة فور انتهاء طباعتها ونزولها للأسواق في عام 1987، محتلةً بذلك المركز الرابع كأفضل كتاب ذو غلاف سميك مُقوّى، وفي عام 1990 بيعت 875 ألف نسخة أُخرى، مما جعل الرواية من أشهر خمسة عشر كتاب خلال ذلك العقد ومن أكثر مؤلفات (كينج) لمعاناً ومبيعاً بين عشاقه ومتابعيه.
إذا كنت من مُدمني أدب الرعب والإثارة النفسية والحبكة المُعتمدة على التحليل والتّرقب فهذه الرواية كفيلة بتقديم كل ذلك، أجواؤها تثير في القارئ الخوف من المجهول، تارةً خوفٌ يتجلّى بالرّضوخ تحت وطأة رحمة شيطان على شاكلة امرأة لن يخطر ببال أحد أبداً إدراك دفائن وأسارير تركيبتها النفسية المضطربة، تدعي الوداعة الهادئة ولكن تخفي ورائها وجهاً غامضاً أسوداً، وتارةً أُخرى خوفٌ يتمثّل بضحية هو رجل شبه كسيح يبحث عن الخلاص وطوق النجاة بأي طريقة مُمكنة مهما بلغت درجة صعوبتها، راجياً البقاء حياً والهروب من معاناته وبؤسه من بين براثن "المعجبة رقم واحد" على حد تعبير (آني) بقولها ذلك له في سياق إحدى حواراتهم الكثيرة ضمن الأحداث الروائية.
صرّح (ستيفن كينج) أن ما دفعه لكتابة روايته (بؤس) هو حلم راوده عن امرأة مُصابة بذهان عقلي تكون معجبة بكاتب شهير، أثناء أخذه لغفوة قصيرة خلال واحدة من رحلاته الجويّة عام 1984، بعد صحوته من منامه تناول على الفور منديلاً ورقياً موضوعاً بجانب كأس عصير الفواكه، ودوّن عليه أفكاره الأوليّة بخصوص عمله القادم الذي عزم أمره على تأليفه.
تم تحويل هذا العمل الأدبي إلى الشاشة الكبيرة بفيلم سينمائي عام 1990 حيث نال استحسان النقاد وثناءهم، كما حصد وترشح للعديد من الجوائز أهمها الأوسكار عن فئة أفضل ممثلة بدور رئيسي فازت بها (كاثي بايتس) عن تأدية شخصية (آني ويلكس) بالإضافة لفوزها بجائزة الكرة الذهبية أيضاً. كما أُديت الرواية على أحد مسارح برودواي في 2005 كعمل موسيقي غنائي فني.
لمن يتوق للإثارة المميزة في أعمال (ستيفن كينج) عليه أن لا يفوّت على نفسه فرصة اقتناء وقراءة هذا الكتاب المُرعب.
الكتاب: بؤس
تأليف: ستيفن كينج
ترجمة: بسام شيحا
دار النشر: الدار العربية للعلوم - ناشرون
الترقيم الدولي: 3-81364-670-0-978
نوعية الكتاب: ورقي متوسط 398 صفحة