العمارة والتشييد > التصميم المعماري
ستّة مبانٍ كلاسيكية عمرها أصغر مما تتخيل
في العصر الذهبي للقرن الماضي ، سيطر على النقاشات المعمارية مفهوم الحداثة Modernism وغيرها من المفاهيم المرتبطة بها كالمستقبلية futurism و الوظيفية functionalism. وبالنسبة للبعض فإنّ هذه الدعوة المستمرة نحو التجديد الجذري بدأت تبدو مُبتذلةً جداً. وفي الثمانينيّات من القرن الماضي نتج عن محاولة الاستلهام من الماضي ظهور أتباع المدرسة المعمارية الشهيرة بـ"ما بعد الحداثة" Postmodernists ، إلا أنّه وفي الوقت نفسه نشأت فكرة "العمارة الكلاسيكية الحديثة New Classical architecture" التي رفضت تماماً إستمرارية مفهوم "الحداثة modernism" وعادت بدلاً من ذلك إلى القواعد التقليدية. وفي السنوات اللاحقة تطورت العمارة الكلاسيكية الحديثة لتصبح عودةً لأشكال ما بعد الحداثة بمفهومٍ يتضمن التصاميم التي لم تكن تعتبر "كلاسيكية" بما في ذلك الطرز القوطية Gothic والطرز التاريخية غير الغربية non-western historicist.
ونستعرض في هذا المقال الأمثلة الأكثر إدهاشاً وإثارة للاهتمام، وذات التقنيات الحديثة في العمارة الكلاسيكية المعاصرة:
1- كلية ويتمان Whitman College ، برينستون، نيوجرسي، الولايات المتحدة الأمريكية 2002.
تم تمويلها من قبل Meg Whitman المديرة التنفيذية لموقع eBay، حيث وقع الاختيار على مبنى كلية Demetri Porphyios ليكمل الطراز القوطي لتوسع برينستون الذي تم في أواخر القرن التاسع عشر والذي أصبح يشكل الجامعة اليوم. تم إستخدام العديد من التصاميم المتنوعة ضمن تجمع الكلية، مشكلة مجتمعاً من المباني يعكس المجتمع التعليمي ضمن الجامعة. وقد وحدّت المباني بإستخدام المفردات المشتركة للقوطية الحديثة، وحدةً يرى دعاة الكلاسيكية الحديثة أنّه من الصعب تحقيقها في الاساليب المعاصرة.
2- مركز أوكسفورد للدراسات الاسلامية، أوكسفورد، المملكة المتحدة 2013
جمع مركز عبد الواحد الوكيل للدراسات الاسلامية بين الأشكال الإسلامية التقليدية والطراز التقليدي لجامعة أوكسفورد، مُثبتاً أنّ الكلاسيكية الحديثة تتعدى مجرد النظر إلى الماضي، وعاكساً بتصميمه الإرث المُشترك للدراسة الإسلامية مع جامعة أوكسفورد.
الملامح والحرف التقليدية الإسلامية التي وضعت في سياقٍ كلاسيكي غربي بشكل متناغم إلى حد كبير، تعتبر بمثابة تعبير عن مكانة الإسلام في المملكة المتحدة الحديثة، كما أنها تضرب مثالاً رائعاً للطريقة التي يمكن بها إستخدام الأشكال والقواعد الكلاسيكية لصنع شيء تقدمي أصيل.
3- مركز سِمفونية شيرميرهورن - The Schermerhorn Symphony Centerناشفيل، تينيسي، الولايات المتحدة الأمريكية 2006
إنّ تعريف مدينة ناشفيل بأنّها "أثينا الجنوب" لم يتم تأكيده إلّا بإضافة مركز السِمفونية الذي صمّمه David M. Schwarz. المركز عبارة عن قاعة حفلات موسيقية مُتطورة تقنياً بتصميم صوتي دقيق، ومرونة عالية يضمنها تصميم القاعة القابل لإعادة التشكيل بسهولة -والذي يسمح للمقاعد المتدرجة على أرضية مائلة أن تتحول إلى أرض مستوية لتسمح بإستخدامات متعددة للفراغ. إنّ التاريخ الطويل للتشكيل الكلاسيكي ومحاكاة الطراز الإغريقي في ناشفيل يقلل من التناقض ضمن القاعة، ولكن الإعتماد الكبير على تقليد قاعات الحفلات الموسيقية الأخرى من فيينا إلى أمستردام يغيّب الإحساس بالمكان الذي كان مبنى شيرميرهورن ينوي استحضاره.
4- مركز سميث Smith للفنون الإستعراضية، لاس فيغاس، الولايات المتحدة الأمريكية 2009
أول مركز للفنون الإستعراضية في الولايات المتحدة يحصل على التقييم الفضي من قبل مجلس المباني الخضراء الأمريكي US Green Building Council. إختار David M. Schwarz إنشاء مبنى مُستدام مُبتكر يحاكي سد هوفر Hoover في نيفادا كطريقة لمحاكاة تاريخ مدينة لاس فيغاس الطويل في التقليد. كما هو الحال في مبناه السابق مركز السيمفونية، إلتفّت أشكال المبنى الأنيقة وزخارفه حول هندسةٍ صوتيةٍ متقدمة للمبنى، وتجهيزات موفرة للطاقة، ومواد معادة التدوير جعلت من المبنى إنعكاساً لتاريخ مدينة لاس فيغاس الكبير وإستعراضاً لمستقبلٍ مستدام في آنٍ واحد.
5- ضفة نهر ريتشموند Richmond ، لندن، المملكة المتحدة، 1987
كان المعماري كوينلان تيري Quinlan Terry المثير للجدل من أوائل الذين مارسوا العمارة الكلاسيكية الحديثة بوصفها حركة متميزة في الثمانينيات من القرن الماضي، وأصبح من أفضل مؤسسيها في المملكة المتحدة. وقد تعرض لكلٍّ من النقد والإشادة بسبب ميله لأخذ قواعد الكلاسيكية بخفة، فضفة نهر ريتشموند هي تطور مرح وتجديد لما بقي من المباني القديمة التي إستخدمت خفة تيري لخلق صف شديد المرونة من المباني التي تستند بتثاقل وفق نوع من التناغم. إنّ معرفة تيري العميقة بالطرق التقليدية سمحت له بخرق كل تلك القواعد ومكنته من الإدراك الهائل للمادة والمقياس، مما سمح له بالقيام بتنمية اقتصادية وذات كثافة عالية قد تعجز عنها الأساليب المعاصرة.
6- بناء أرتكلاس Edificio Artklass ، بلباو، إسبانيا، 2011
منذ أن سطع نجم متحف Guggenheim بوصفه أكثر الأبنية المعمارية الموثقة تأثيراً، أصبحت بلباو Bilbao نقطة علام للأعمال المعمارية المتقدمة، لكن هذا المربع السكني من عمل Bobert Krier و Marc Breitman هو محاولة لمحاكاة الأسلوب التقليدي لمقاطعة Ensanche في بلباو، نتج عنه نكهة محلية أكبر دون التضحية بالحداثة. الشقق التي بلغ عددها 180 في المبنى ذو الواجهات الست صممت لتعطي السكان إحساساً أكبر بالمكان منه في الأبينة ذات الأسلوب المعاصر.
بعد إستعراض هذه المباني، إن كنت تعتقد أنّك قادر على تخمين عمر المبنى من الطرز المعمارية المستخدمة في شكله الخارجي، فعليك إعادة النظر في قدراتك.
لاحظنا معاً جودة العمل والإتقان الواضح في هذه الأعمال التي تخلط الأوراق عند رؤويتها للمرة الأولى، شاركونا آرائكم وإقتراحاتكم لمبانٍ أخرى تتبع الإسلوب نفسه.
المصدر:
حقوق الصور:
Reed Armstrong/Flickr
© Flickr user Joe Schlabotnik
© Geograph user Andrew Blades
© Hedrich Blessing Steve Hall
© Flickr user odonata98
© Flickr user Matt Brown
© Wikimedia user Zarateman