الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء
كيف يتحايل هذا الكتكوت على مفترسيه؟
وجد العلماء بعد دراسات وأبحاث حقلية مطولة عدداً كبيراً من الحيوانات التي تستخدم المحاكاة كوسيلة لحماية نفسها من الأخطار، سواء من الحشرات، الزواحف، البرمائيات وغيرها، لكن هذه الآليات لم تلاحظ لدى الطيور (ماعدا أحدها الذي يقوم باصدار صوت كالأفعى الجرسية). لكن ذلك تغيّر مؤخراً بعد أن تمكن فريق من الباحثين بالعثور على صغار أحد الطيور الذي يدعى ب cinereous mourner والموجود في الأمازون.
في عام 1982 افتُرِض أن المظهر الزّغِب للكتاكيت والذي يعطيها شكل ثمار فاكهه مغطاة بأشنة غير مستساغة من قبل المفترس؛ هو الذي يساعد في حمايتها. لكن بعد تعمّق الدراسات وزيادة المعلومات المتوفرة عن غابات الأمازون، اقترح فريق آخر عام 2012 أن هذا الشكل أقرب مايكون لشكل يرقات سامة تعيش في المنطة منه لثمار الفاكهة مما يدفع المفترسين للإبتعاد عنها.
للطيور البالغة منها ريش رمادي اللون مع بعض البقع بنية اللون على الأكتاف، أما صغار هذه الطيور تولد بلون برتقالي فاقع يشبه إلى حد كبير إحدى اليرقات السامة المتواجدة في تلك الغابات، فإضافة للون الفراخ البرتقالي الفاقع والمخطط بحافات سوداء وأطراف بيضاء والذي يلعب دوراً كبيراً في التمويه، فإن طول الفرخ تقريباً حوالي 14سم وطول اليرقة 12سم وهما حجمان قريبان جداً، ليس ذلك فحسب، كذلك تقوم الفراخ بالتمايل كما تفعل اليرقات عند الزحف وتخفي أجزاء أجسامها التي لاتشبه اليرقة، فعند اقتحام أي أحد للعش تقوم الفراخ بهز رؤوسها جيئة وذهاباً. وذلك يعد أمراً غريباً بما يتعلق بفراخِ الطيور ولكنه شيء نمطي بما يتعلق باليرقة السامة، تستمر بالتمويه إلى أن تقوم الأم بإعطاء اشارة خاصة لتعلن عن استتباب الأمن وبأن بإمكان الفراخ العودة للظهور بشكلها الحقيقي.
بعد مراقبة مطولة لعش هذا الطائر في البيرو وتصوير الفراخ، تم دعم فكرة استخدام هذا الطائر للمحاكاة كوسيلة حماية. وهذا ماعرضه لوندونو وزملائه في تقريرهم لمجلة عالم الطبيعة الأمريكية (the January American Naturalist).
يقترح الباحثون أن سبب تطور هذه التقنية النادرة عند هذا النوع من الطيور هو انخفاض إمكانية بقائها على قيد الحياة واستمرارها خصوصاً في غابات الأمازون، حيث أن هذه الطيور الضعيفة تعشعش في أعشاش تشبه الكأس المفتوح في مناطق محاطة بالأشجار. وبسبب ألوانها الحيوية فإنها تلفت النظر مما يجعلها عرضة للخطر. بالإضافة إلى أن الكتاكيت تحتاج إلى ثلاث أسابيع لتطور قدرتها على الطيران وهذا يعد نقطة ضعف خطيرة.. مما دفعها لإبتكار تقنية المحاكاة والتي ساهمت بشكل ملحوظ بزيادة قدرة الفراخ على البقاء في الأمازون.
وبذلك فإن هذه أول حالة تسجل لقيام الطيور باستخدام التقليد والمحاكاة للبقاء على قيد الحياة.
مصادر: