الفيزياء والفلك > فيزياء
في ذكرى ميلاد غابرييل فهرنهايت (1686-1736)
غابرييل فهرنهايت هو ﺻﺎﻧﻊ أدوات، و هو أول من صنع ﻣﻘﯿﺎس درﺟﺔ ﺣﺮارة ﺳﻤّﻲ باسمه فيما بعد. ولد فهرنهايت ﻓﻲ ﺑﻮﻟﻨﺪا ﻓﻲ 14 أﯾﺎر/مايو 1686، وهو اﻷﻛﺒﺮ ﺑﯿﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﺧﻮة. ﻛﺎن أﺑﻮه ﺗﺎﺟﺮاً ﺗﻨﻘّﻞ ﺑﻌﺎﺋﻠﺘﻪ ﺑﯿﻦ ﻋﺪة ﻣﺪن ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ اﻟﺜﺮوة. خسر ﻏﺎﺑﺮﯾﯿﻞ والديه ﻓﻲ اﻟﯿﻮم ذاته وذلك ﻓﻲ 14 آب/اغسطس من العام 1701. عمل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺴﺎﻋﺪاً ﻓﻲ ﻣﺘﺠﺮ ﻓﻲ أﻣﺴﺘﺮدام، وﺑﻌﺪ أن أﻛﻤﻞ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات في الدراسة هناك ﺗﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﻔﯿﺰﯾﺎء وأﺻﺒﺢ ﺻﺎﻧﻊ أدوات وﻧﺎﻓﺦ زﺟﺎج. و رغم أﻧﻪ ﻋﺎش ﻓﻲ أﻣﺴﺘﺮدام ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﯾﻠﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﺴﺎﻓﺮ ﻛﺜﯿﺮاً إﻟﻰ إﻧﻜﻠﺘﺮا و ﻛﺎن ﯾﻤﻀﻲ أوﻗاتاً ﻻ ﺑﺄس ﺑها ﻫﻨﺎك حيث أصبح ﻋﻀﻮاً ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻤﻠﻜﻲ. أﻛﻤﻞ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ أول ﺟﻬﺎزﯾﻦ ﻟﻘﯿﺎس اﻟﺤﺮارة ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻌﺎم 1714 وقد اﺣﺘﻮﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺤﻮل وﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﻤﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎً. ﻓﻲ ذلك اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻤﻘﯿﺎس اﻟﻤﺴﻤّﻰ ﺑﺎﺳﻢ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ ﻗﺪ ﺣُﺪد ﺑﻌﺪ و ﻗﺪ ﺟﺮّب اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﯾﯿﺲ ﻗﺒﻞ أن ﯾﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ أحدها.
ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻔﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة ﻗﺮر ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ اﺳﺘﺒﺪال اﻟﻜﺤﻮل ﺑﺎﻟﺰﺋﺒﻖ و أﻛﻤﻞ ﺳﻠﺴﻠﺔ دراﺳﺎت ﻣﻌﺘﻤﺪاً ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ G.Amontos واﻟﺬي ﺣﺪد ﻓﯿﻪ ﻧﻘﻄﺔ ﻏﻠﯿﺎن اﻟﻤﺎء و ﺳﻮاﺋﻞ أﺧﺮى ودرس ﺧﻮاص ﺗﻤﺪد اﻟﺰﺋﺒﻖ، وقد أوصلته نتائج ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرب ﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن ﻧﻘﻄﺔ ﻏﻠﯿﺎن اﻟﻤﺎء ﺗﺘﻐﯿﺮ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺠﻮي اﻟﻤﻄﺒﻖ. اﻛﺘﺸﻒ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ أﯾﻀﺎً ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﺒﺮﯾﺪ اﻟﺨﺎرق و اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺗﺨﻔﯿﺾ درﺟﺔ ﺣﺮارة اﻟﻤﺎء إﻟﻰ ﻣﺎ دون درﺟﺔ اﻟﺘﺠﻤﺪ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﺪون أن ﯾﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﺟﻠﯿﺪ.
بعد أخذ جميع ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺑﻌﯿﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺷﻜّﻚ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ ﻓﻲ دﻗﺔ ﻧﻘﺎط ﻏﻠﯿﺎن وﺗﺠﻤﺪ اﻟﻤﺎء و ﻗﺎم أﺧﯿﺮاً ﺑﻮﺿﻊ ﻣﻘﯿﺎس ﺣﺮارة ﯾﺘﺮاوح ﺑﯿﻦ 0 و 212 وذلك ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1724، و أﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ أﺟﻬﺰة ﻗﯿﺎس اﻟﺤﺮارة ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻟﻤﻠﻜﻲ، وﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﻣﻘﯿﺎﺳﻪ ﻗﺎﺋﻼً : "اﻟﺪرﺟﺔ 48 و اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺘﺼﻒ ﺑﯿﻦ أﺑﺮد درﺟﺔ ﺣﺮارة ﻣﻤﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻣﺨﺒﺮﯾﺎً ﻟﻤﺰﯾﺞ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء و اﻟﺠﻠﯿﺪ و ﻣﻠﺢ اﻟﻨﺸﺎدر أو ﻣﻠﺢ اﻟﺒﺤﺮ وﺑﯿﻦ درﺟﺔ اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻻﻧﺴﺎن ًاﻟﺴﻠﯿﻢ " (إن اﻗﺘﺮاحه ﺑﺄن يكون مجال القياس مساوٍ ل 96 درﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﯿﺎس ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ هو فقط ﻜﻲ يتناسب اﻟﺮﻗﻢ مع تقسيمات عمود جهاز اﻟﻤﻘﯿﺎس) و ﻫﻜﺬا وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام درﺟﺔ ﺣﺮارة اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺒﺸﺮي ودرﺟﺔ ﺣﺮارة ﺗﺠﻤّﺪ ﺳﻮاﺋﻞ اﻟﺠﺴﻢ ﻛﺜﻮاﺑﺖ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ أﺧﺬ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ اﻟﺼﻔﺮ ﻛﺪرﺟﺔ ﺣﺮارة اﻟﻤﺰﯾﺞ و 32 ﻛﺪرﺟﺔ ﺣﺮارة ﻟﻠﻤﺎء و اﻟﺠﻠﯿﺪ و 212 ﻛﻨﻘﻄﺔ ﺗﻢ اﺧﺘﯿﺎرﻫﺎ ﺑﺎﻟﺤﻆ ﻟﺘﻜﻮن ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ درﺟﺔ ﻏﻠﯿﺎن اﻟﻤﺎء.
ﻟﻘﻲ ﻣﻘﯿﺎس ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ ﺗﻘﺪﯾﺮاً ﻛﺒﯿﺮاً واﺳﺘﻄﺎع اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺰﺋﺒﻖ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﻨﯿﺘﻪ ﻓﻲ تنقيته، كما اﺳﺘﺨﺪم الانابيب اﻻﺳﻄﻮاﻧﯿﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﻜﺮوﯾﺔ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺸﺮح اﻟﻤﻔﺼّﻞ ﻟﺘﻘﻨﯿﺘﻪ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ أﺟﻬﺰة ﻗﯿﺎس اﻟﺤﺮارة ﻟﻢ ﯾُﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ 18 ﻋﺎﻣﺎً فقد ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺮاً ﺗﺠﺎرﯾﺎً. وقد قام فهرنهايت بصناعة أﺟﻬﺰة أﺧﺮى منها ﻣﻘﯿﺎس اﻟﻮزن اﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﺴﻮاﺋﻞ ﺑﺘﺼﻤﯿﻢ ﻣﻤﺘﺎز، كما صمم ﺟﻬﺎز " ضغط حراري " ﻟﻘﯿﺎس اﻟﻀﻐﻂ اﻟﺠﻮي بالاعتماد على ﻧﻘﻄﺔ ﻏﻠﯿﺎن اﻟﻤﺎء. ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﯾﺖ وﻫﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺰوج ﻓﻲ 16 ﺗﺸﺮﯾﻦ اﻷول/اكتوبر 1736 ﻓﻲ ﻫﻮﻟﻨﺪا.