الكيمياء والصيدلة > صيدلة
الإيبوبروفين يُطيل عمر بعض الأنواع الحية، فهل يؤثّر كذلك على الإنسان؟
الإيبوبروفين هو أحد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs)، يعمل على تخفيف الالتهاب والألم عن طريق تقليل الهرمونات المسببّة له في الجسم. فيُستخدم لخفض الحرارة وعلاج الصداع وألم الأسنان وآلام الظهر وتقلّصات الطمث والتهاب المفاصل وغيرها من الحالات. وقد تبيَّن الآن أنَّ له فوائد في إطالة الحياة لدى بعض الأنواع الحيّة.
فقد ظهر في دراسة جديدة أنَّ الإيبوبروفين يطيل من حياة العديد من أنواع الحيوانات في المخبر، ويحاول العلماء الآن معرفة فيما إذا كان له نفس التأثير على الإنسان.
حيث يبدو أنَّ السبب وراء هذا التَّأثير المطوّل للحياة يكمنُ في دور الإيبوبروفين كمضاد التهاب. فالالتهاب يسبب العديد من الأمراض المتعلقة بالسن، كما أنَّ العديد من الأمراض في الحقيقة تساهم في عملية التقدم في العمر نفسه. بالإضافة لذلك، يبدو أنَّ الأشخاص الذين يأخذون الإيبوبروفين لمدة طويلة أقل عرضةً لتطور مرضين مرتبطين بالتقدم بالسن، هما الزهايمر وداء باركنسون.
وللتَّحري عن ذلك أكثر قام فريق بقيادة العالم الكيميائي الحيوي مايكل بوليمينز على مدى ثلاث سنوات بإطعام الخمائر والديدان الحبلية وذبابات الفاكهة إيبوبروفين، وبجرعة تساوي الجرعة التي يأخذها الإنسان لإزالة صداع مؤلم أو ألم مفصل، وحسب الدراسة زاد هذا العلاج من أعمار هذه الخمائر بنسبة 17%، وهو ما يعادل 10 سنوات إضافية لعمر الشخص. وهذه الأحياء لم تعش أطول فقط وإنَّما بدت بصحة أفضل أيضاً.
إذاً ما الذي يحدث هنا؟
يقوم الإيبوبروفين عند الإنسان بحصر إنتاج أنزيمات السيكلوأوكسجيناز COX، المسؤولة عن الاستجابة الالتهابية للجسم تجاه اضطرابات معينة.
لكن لا تملك حيوانات مخبر بوليمينز هذه الأنزيمات، وبدلاً من ذلك يبدو أن الإيبوبروفين ينقص بشكل طفيف مستويات الحمض الأميني التربتوفان بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20%.
يوجد التربتوفان في كل الخلايا الحية، ويحافظ البشر على مستوياته في أجسامهم بتناول البروتين. وتبيَّن أنَّ الإيبوبروفين يُحطم البروتين الذي يسمح لخلايا أجسام حيوانات المخبر بامتصاص التربتوفان. وأدى هذا الضغط البسيط الذي سببه استنزاف مستويات التربتوفان إلى إطالة حياتها.
فقد وجَدت العديد من الدراسات أنَّه بدلاً من قتل الأحياء يمكن في الحقيقة لمقدار معتدل من الضغط (مثل جرعات معتدلة من الإشعاع أو السموم الكيميائية) أن يزيد من مدة حياتها. ويتكهَّن الباحثون أنَّ عوزاً بسيطاً للتربتوفان مُسبَّباً بالإيبوبروفين قد يعمل بنفس الآلية. ولكن لم يجزمِ الباحثون بعد لماذا يحدث ذلك، وهو ما يتطلّب المزيد من البحث.
من الجدير ذكره أنّ الإيبوبروفين قد يزيد خطر الأزمات القلبية أو السكتات الدماغية القاتلة عند الإنسان، لذلك لا يُعطى هذا الدواء قبل أو بعد الخضوع لجراحة قلبية. وإذا ما استُخدم على المدى الطويل أو بجرعاتٍ عالية، فإنّه يسبّب أمراض الكلى المزمنة مثل "التهاب الكلية الخلالي المزمن"، شأنه شأن مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية الأخرى.
كما قد يسبب الإيبوبروفين نزوفاً معدية ومعوية قد تكون قاتلة، وقد تحدث هذه النزوف دون إنذار أثناء تناوله. فالجرعة الزائدة تسبب تخرّباً في المعدة أو الأمعاء.كما قد يسبب تناول الإيبوبروفين خلال أشهر الحمل الثلاثة الأخيرة ضرراً للجنين.
لذلك يُحذّر فريق الدراسة بأنّه من المبكر جداً البدء بالوصف الذاتي لجرعات إيبوبروفين منتظمة بهدف الوصول لعمر الـ100 !
لأنَّ ما ينطبق على الخمائر لا يعني بالضرورة انطباقه على البشر، بالإضافة إلى ما قد يترتب من مخاطر استعمال الإيبوبروفين عند البشر. ومن المحتمل أن نحتاج لسنوات عديدة قبل أن نعرف أي شيء حاسم حول فيما إذا كان لها التأثيرات المطيلة للحياة نفسها على الإنسان أم لا، لكن من المؤكد أنَّه تطوّر مثير للاهتمام.
المصادر: هنا