الطبيعة والعلوم البيئية > الطاقات المتجددة
خمسةُ وسبعون يوماً من استخدام الطاقة النظيفة في كوستاريكا
تستحق كوستاريكا الثناء والإعجاب لتمكّنها من إنتاج احتياجاتها من الكهرباء بالاعتماد كليّاً على مصادر الطاقة المتجددة لمدة 75 يوماً، فوفقاً لمؤسسة كوستاريكا للكهرباء لم تقم كوستاريكا باستخدام الوقود الأحفوري في التزود بالكهرباء لمدة 75 يوماً متتالية في العام 2015 وهذا ما لم يتم تحقيقه من قبل أي دولةٍ حتى الآن. بالطبع لاتزال الكثير من النشاطات معتمدةً على الوقود الأحفوري في البلاد كالنقل باستخدام السيارات والوسائط الأخرى إلا أن ما تم فعله في مجال الطاقة الكهربائية يبقى جديراً بالاحترام.
كوستاريكا تلك الدولة الصغيرة التي تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 51 ألف كيلومترٍ مربع، "أكبر بقليل من ربع مساحة سورية" يبلغ عدد سكانها 4.8 مليون نسمةٍ فقط، وتعتمد في اقتصادها على قطاعات السياحة والزراعة وليس القطاع الصناعي كثيف الاستهلاك للطاقة مثل التعدين والصناعات الثقيلة.
وافقت الحكومة الكوستاريكية في منتصف العام 2014 على تبني مشروعٍ للطاقة الحرارية الأرضية تقدر كلفته بمبلغ 958 مليون دولار أمريكي ومن المتوقع أن توفر المحطة الأولى ضمن هذا المشروع نحو 55 ميغا واط بتكلفة بناء تقريبي 333 ميلون دولار، كما سيتم بناء محطتين قادرتين على توليد 50 ميغا واط من الطاقة.
وتبعاً لمؤسسة الكهرباء في كوستاريكا فقد كان عام 2015 في كوستاريكا صديقاً للبيئة بكل ما للكلمة من معنى من حيث استخدام الكهرباء ويعزى ذلك للأمطار الغزيرة التي تم تخزينها في أربعةٍ من أهم محطات الطاقة الكهرومائية. ولم يكن هناك من حاجة لاستخدام الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء حيث تم استكمال الطاقة المطلوبة هذا العام من المصادر النظيفة كطاقة الرياح والشمس والطاقة الحيوية وطاقة الحرارة الأرضيّة.
تعد كوستاريكا الدولة الثانيّة في أمريكا اللاتينية بعد أورغواي من حيث حجم البنية التحتية لشبكات الكهرباء والاتصالات حيث أن الشبكات الكهربائية تغطي 99.4% من المنازل وتؤمن الطاقة بأسعارٍ اقتصاديةٍ. وقد انخفضت أسعار الطاقة الكهربائية للمواطنين بمقدار 12% نتيجة لوفرة الطاقات المتجددة هذا العام ومن المتوقع أن تستمر هذه النسبة بالزيادة في الربع الثاني من العام وفقاً لهيرالد تريبيون وذلك بفعل مخزون الطاقة الذي تم توفيره.
تطمح كوستاريكا للتخلص كلياً من انبعاثات الكربون على أراضيها بحلول عام 2021 وذلك يبدو هدفاً سهل المنال حاليّاً آخذين بعين الاعتبار أن 94% من احتياجات البلاد الكهربائية يستند إلى الطاقات المتجددة حيث يتم تلبية 68% من محطات التوليد الكهرمائية تليها المحطات الحراريّة الأرضية والتي تساهم بدورها بـ 15% من انتاج الطاقة. إن هذا التفاني في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة إضافة للسياسات البيئية في البلاد والتي تعد الأفضل مقارنة بالدول الأخرى جعلت من كوستاريكا في مصاف الدول الخمس الأفضل عالمياً في كونها صديقة للبيئة وفقاً لصحيفة التليغراف.
لقد حققت كوستاريكا إنجازاتٍ مهمةً كثيرةً في هذا المجال وتسعى الكثير من الدول للسير على خطاها إلا أن ذلك لن يكون أمراً سهلاً فإحدى الميزات المساعدة لهذا البلد الاستوائي هي وجود سلسلة من البراكين النشطة التي تسمح بإقامة مشاريع تعتمد على طاقة الحرارة الأرضية إضافة لمعدلات الأمطار المرتفعة والطبيعة الجبلية للأراضي والتي تعد مثاليّةً لتوليد الطاقات المتجددة مقارنة مع غيرها من الدول علاوةً على قدرتها على استثمار مبالغ كبيرة في القضايا البيئية نتيجة لتخلّي البلاد عن الجيش والإنفاق العسكري عام 1948.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن اعتماد كوستاريكا على مصادر الطاقة المتجددة يستحق الثناء، إلا أن هذا النظام لديه عيوبه ويترك البلاد عرضةً لآثار تغير المناخ والجفاف على سبيل المثال التي من شأنها أن تعيق القدرة على إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة الكهرومائية، وعلاوةً على ذلك يمكن أن تحمل السدود الكهرومائية آثاراً سلبيةً على الأسماك.
ليست كوستاريكا البلد الوحيد المهيأ للاعتماد على الطاقات المتجددة فبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي كان قد حدد أهدافه لاستخدام الطاقة المتجددة لعام 2020 فقد تمكنت كلٌ من السويد وبلغاريا واستونيا من تلبية هذه الأهداف قبل الموعد المحدد بثماني سنوات. كذلك الأمر فإن الصين تستثمر أيضاً بشكلٍ كبيرٍ في مصادر الطاقة المتجددة والتي تعد عاملاً رئيسياً في حقيقة بقاء مستوى انبعاثات CO2 على حالها عالمياً. كما تمكنت بونير وهي جزيرةٌ صغيرةٌ في منطقة البحر الكاريبي من الوصول إلى انتاج كافة احتياجات الطاقة لديها تقريباً من مصادر متجددة.