الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
كأسان من عصير البندورة يومياً قد تقي من هشاشة العظام
تعتبر العظام نسيجاً حيوياً تتجدد بنفسها طيلة فترة حياة الإنسان، ويتم ذلك عن طريق عمليتين مهمتين: تشكّل العظام Bone formation وتتحكم به خلايا تسمى Osteoblasts، والارتشاف العظمي Bone resorption وتتحكم به خلايا تسمى Osteoclasts. وتكون هاتان العمليتان على درجة عالية من الدقة في النسيج العظمي الناضج ذي الصحة الجيدة، ويؤدي أي خلل فيهما إلى حدوث الأمراض الاستقلابية والتي تعد هشاشة العظام أكثرها شيوعاً على الإطلاق.
يعرّف مرض هشاشة العظام Osteoporosis بأنه أحد الأمراض الاستقلابية Metabolic disease التي تصيب العظام والتي تترافق بخسارة تدريجية في العظام على مدى سنين عديدة، ويتميز هذا المرض بعدم وضوح الأعراض حتى الوصول إلى مرحلة تصبح فيها العظام شديدة الهشاشة بحيث تنكسر بسهولة. ويعدّ الجهد التأكسدي Oxidative stress أهم مسببات هشاشة العظام وينتج عن عدد من العوامل كالتدخين، واستهلاك الكحول، وسوء حالة مضادات الأكسدة في الجسم، والتغذية السيئة، إلى جانب النشاط الرياضي الزائد، واستهلاك الكافئين الشديد.
بالإضافة إلى الجهد التأكسدي ومسبباته، يلعب كل من انخفاض مدخول الجسم من الكالسيوم، والانخفاض الشديد في وزن الجسم، وقلة النشاط الفيزيائي لمدة طويلة من الزمن إلى جانب بعض الأدوية دوراً في حدوث هشاشة العظام.
ونظراً لدور مجموعة الكاروتينوئيدات Carotenoids المضاد للأكسدة وقدرتها التي أصبحت معروفةً على اختزال الجذور الحرة، فكر الباحثون بدراسة تأثيرها على العظام. وقد لوحظ في أغلب الدراسات تفاوت في تأثير الكاروتينوئيدات الموجودة في الخضار والفاكهة على صحة العظام، حيث يتمتع الليكوبين Lycopene بالقدرة الأكبر على التأثير في حين يمتلك بيتا-كاروتين Beta-carotene تأثيراً ضئيلاً ومتواضعاً (قدرة الليكوبين الاختزالية تقدر بضعف قدرة البيتا-كاروتين، وعشرة أضعاف قدرة ألفا-توكوفيرول α-tocopherol)، إضافة إلى دوره المعروف مسبقاً في الوقاية من سرطان البروستات عند الرجال والحماية من أمراض القلب.
وتفيد التجارب المخبرية in vitro التي تم إجراؤها على الخلايا أن الليكوبين Lycopene يشجع على تكاثر proliferation وتمايز differentiation خلايا شبيهة بالأوستيوبلاست Osteoblasts (المسؤولة عن تشكل العظام)، في حين يثبط نشاط خلايا الأوستيوكلاست Osteoclasts (المسؤولة عن الارتشاف العظمي). وبالطبع فإن أهم مصادر الليكوبين على الإطلاق هو ثمار البندورة (الطماطم) الطازجة والمطبوخة، حيث تشكل المصدر الأساسي لدى 85% من سكان أمريكا الشمالية. علماً أن البطيخ الأحمر، والغريب فروت والجوافة تحتوي أيضاً على الليكوبين.
بناءً على ذلك، اقترح العلماء أن تناول كأسين من عصير البندورة يمكن أن يساعد في تقوية العظام والوقاية من هشاشتها. وللتحقق من ذلك طلب الباحثون في جامعة تورنتو Toronto في كندا من 60 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث Post-menopausal - تتراوح أعمارهنّ بين 50 و60- الامتناع عن تناول منتجات البندورة لمدّة شهر قبل التجربة، وقد أدّى هذا إلى ارتفاع ملحوظ في مستويات N–telopeptide في الدم، وهو مادّة كيميائية تتحرّر في مجرى الدم عند تحطم بنية العظام (أي أن الامتناع عن تناول البندورة ومنتجاتها تسبب بزيادة الارتشاف العظمي).
بعد ذلك، تمّ تقسيمهن لمجموعات وأعطيت هؤلاء النساء جرعات يوميةً إما من عصير البندورة العادي (يحوي 15 ملغ من الليكوبين)، أو عصير البندورة المدعّم بالليكوبين (يحوي 35 ملغ)، أو كبسولات دوائية لمركب الليكوبين، ولمدّة 4 أشهر. وأدّى ذلك إلى انخفاض كبير في مستويات N–telopeptide في المجموعات الثلاث المذكورة على حد سواء، مع الإشارة إلى أن العصير المباع في الأسواق كان بجودة العصير المدعّم من حيث الأثر الناتج.
وقد ذكرت المجلة الدولية لترقق العظام Osteoporosis International أن كأسين من عصير البندورة بمحتوى 15 ملغ من الليكوبين يعدّان كافيين لتقوية العظام الهشّة لدى المصابين بهذا المرض الصامت. ويمكن لهذا العصير أن يحلّ محل الدواء في الحالات البسيطة، كما أنه قادر على العمل كداعم للدواء في الحالات الشديدة.
** معلومات توضيحية:
معلومة (1): تشمل مجموعة الكاروتينوئيدات Carotenoids المركبات التالية:
α-Carotene، وβ-Carotene، وLycopene، وLutein، وβ-Cryptoxanthin.
معلومة (2): N-telopeptide واسمه الكامل N-terminal telopeptide أو Amino-terminal collagen crosslinks هو ببتيد نهائي مكون من تتابع من الأحماض الأمينية عند النهاية النتروجينية N، ويمتلك وظيفة بنائية أو تركيبية لبروتين معين، ويتم التخلص منه بعد النضج Maturity بالتحلل البروتيني Proteolysis. تكمن أهميته في عمله كواسم حيوي (دليل حيوي Biomarker) لقياس معدل تحول العظام، ويمكن تقدير كمية NTx سواء في البول أو مصل الدم لتقييم حالة العظام.
المصادر: هنا
1. Rao L.G.، Kang N.N. and Rao A.V.، Lycopene and other antioxidants in the prevention and treatment of osteoporosis in postmenopausal women. In: Preedy V.R.، editor. Aging Oxidative stress and dietary antioxidants. 1st ed. USA: Academic Press: 2014. pp 247-258.
2. Kohlmeier M.، Antioxidants and bone health. In: Anderson J.B.، Garner S.C.، Klemmer P.J.، editors. Diets، nutririon، and bone health. 1st ed. USA: CRC Press: 2012. pp 281-289.
3. Rao A.V. and Rao L.G. 2007. Carotenoids and human health. pharmacological research 55: 207-216.