الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء
ماهي الأطعمة المدخنة، وهل من مخاطر صحية؟
تستعمل المواد الحافظة لإطالة فترة ثبات المواد الغذائية من خلال ضبط نمو الكائنات الحية الممرضة (جراثيم، خمائر، فطور) والتي قد تسبب تخرب الطعام والإصابة بالتسمم الغذائي. ويعتبر استعمال المواد الحافظة نوع من أنواع معالجة الأغذية والذي يتضمن أيضاً على تدخين الطعام أو تمليحه (التقديد).
منذ آلاف السنين تم استخدام وتطوير العديد من الطرق لإطالة فترة حفظ الطعام وأهمها:
• معالجة الطعام باستعمال النترات والنتريت nitrites or nitrates والتي تعمل كمواد حافظة تمنع تخرب الطعام وتحافظ على لون الحوم. لا تعتبر النترات والنتريت مواد سامة بحد ذاتها إلا أنها تتحول تحت بعض الشروط إلى مركبات النتروزو N-nitroso compounds مثل نتروزوأمين nitrosamines ونتروزوأميد nitrosamides والتي تعرف بتأثيراتها المسرطنة. يضاف في بعض الأحيان الفيتامين C مع مركبات النترات والنتريت لمنع تحولها إلى مركبات النتروزو المسرطنة.
• تدخين اللحوم والأسماك وهو عبارة عن تعريض هذه اللحوم أو الأسماك إلى دخان الخشب أو الفحم.
• كذلك تحفظ بعض أنواع اللحوم مثل السلامي والهوت دوغ في المواد الدسمة والملح، مما يسبب تناول كميات كبيرة من الصوديوم وارتفاع ضغط الدم.
الأطعمة المدخنة
لتدخين الأطعمة النيئة مثل اللحوم والأسماك، يتم الحصول على الدخان المستعمل من خلال حرق بعض أنواع الخشب أو المخلفات النباتية مما يؤدي إلى تحرر أكثر من 1000 مركب سائل وغازي تنتمي إلى مجموعات كيميائية مختلفة مثل الألدهيدات والفنولات والحموض العضوية ومركبات الكربونيل. تؤدي هذه المركبات المختلفة إلى إعطاء الطعام نكهة ولون مميزين، كما تسمح بجعل بعض أنواع اللحوم مثل النقانق قاسية.
تجري عملية التدخين بدرجات حرارة مختلفة تعتمد على طبيعة الطعام، وتضم مجموعة من المراحل والخطوات تشمل التمليح والتجفيف والتسخين والتدخين وبشكل عام نميز بين نوعين من التدخين:
- تدخين بارد cold smoking: وهي الطريقة التقليدية القديمة لتحضير اللحوم المدخنة، حيث تتم هذه العملية بدرجة حرارة لا تتجاوز 26°م. يتم إجراء التدخين البارد على عدة مراحل تستمر لعدة أيام، بحيث يتم حرق الخشب ببطء ووضع اللحوم بعيداً عن مصدر الدخان.
- تدخين ساخن hot smoking: وهو يتم بدرجات حرارة بين 60-80°م، ويستغرق بين 10 دقائق إلى بضع ساعات حسب نوع الطعام. بشكل عام فإن الاحتراق الحراري للخشب غير كافي للوصول إلى مثل هذه الدرجة من الحرارة لذا يتم استعمال مصدر حرارة إضافي في غرفة التدخين. يسمح استعمال درجة الحرارة المرتفعة بقتل كافة الطفيليات وتحطيم الجراثيم غير المتبوغة إلا أنه لا يقضي على الأبواغ الجرثومية.
ما هي المخاطر الصحية المرافقة لتناول الأغذية المدخنة؟
تعتمد الفوائد الصحية للطعام المدخن بشكل رئيسي على نوعية الطعام المدخن ومحتواه الغذائي أكثر من ارتباطه بعملية التدخين بحد ذاتها؛ أما مخاطره فترتبط بعملية التدخين، فلتناول الطعام المدخن العديد من المخاطر تبدأ بالتراكيز المرتفعة من الصوديوم الناتجة عن استعمال كميات كبيرة من ملح الطعام واحتمال الإصابة بالتسمم الغذائي الناتج عن بعض الجراثيم الخطرة بالإضافة لبعض التأثيرات المسرطنة.
ارتفاع ضغط الدم الناتج عن الصوديوم
قبل البدء بتدخين اللحوم والأسماك يتم غالباً نقعها في محاليل مرتفعة التركيز من ملح الطعام، لذا فإن أغلب هذه الأطعمة المدخنة تحوي كميات كبيرة من الصوديوم. فمثلاً تحوي كمية 85 غرام من السلمون المدخن على حوالي 571 ملغ من الصوديوم وهي تمثل حوالي 20% من الكمية القصوى المسموح تناولها من الصوديوم خلال اليوم (2300 ملغ). وبالتالي فإن تناول كميات كبيرة من الأطعمة المدخنة قد يترافق مع ارتفاع الضغط الدموي الناتج عن ارتفاع تراكيز الصوديوم وزيادة احتباس السوائل في الجسم.
التسمم الغذائي
تكون بعض الأطعمة المدخنة حساسة للتلوث الجرثومي بجراثيم الليستيريا Listeria monocytogenes والإيشيريشيا كولي Escherichia coli ، خاصة إذا ما تم حفظ الأطعمة المدخنة خارج البراد (في درجة حرارة الغرفة) لفترة طويلة. يعاني الأشخاص المصابين بالتسمم بجراثيم الإيشيريشيا كولي من الإصابة بالإسهالات الحادة مع خروج الدم مع البراز، أما الإصابة بالتسمم بالليستيريا فتؤدي إلى فقدان الشهية والإرهاق والإقياء وضيق في التنفس. وعند الإصابة بمثل هذه الأعراض يجب مراجعة الطبيب.
التأثيرات المسرطنة
بينت الدراسات وجود علاقة بين استهلاك الأطعمة المدخنة والإصابة بسرطان البروستات والكولون والمستقيم والبنكرياس والثدي وذلك وفقاً للمعهد الوطني لأبحاث السرطان National Cancer Institute. حيث بينت النتائج أن ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان عند الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة المدخنة باستمرار يعود إلى بعض المركبات الحلقية الأمينية غير المتجانسة وبعض الفحوم الهيدروجينية العطرية متعددة الحلقات والتي تنتج نتيجة تأثير الدخان على المواد الدسمة، علماً أن نفس هذه المركبات قد تنتج أيضاً أثناء شواء اللحوم.
فمثلاً بينت إحدى الدراسات أن النساء بعد سن اليأس اللواتي يستهلكن اللحوم الحمراء المشوية أو المدخنة أكثر من مرة واحدة أسبوعياً يعانين من ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 47% بالمقارنة مع النساء اللواتي يتناولن هذه اللحوم بمعدل مرة واحدة أو أقل أسبوعياً. بالمقابل بينت نفس الدراسة أن تناول الدجاج أو الأسماك المشوية أو المدخنة لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
الإصابة بداء السكري
بينت كلية الطب في جامعة هارفارد Harvard Medical School أن استهلاك الأطعمة المدخنة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بداء السكري. حيث وجد الباحثون أن تناول حصة غذائية واحدة من الأطعمة المدخنة يومياً يزيد خطر الإصابة بالداء السكري بمعدل 19% ويعود ذلك إلى التراكيز المرتفعة من الصوديوم والمواد الحافظة الأخرى المستعملة. لذا ينصح الأشخاص الذين لديهم قصة عائلية للإصابة بداء السكري بتجنب الأطعمة المدخنة.
أخيراً لابد من التنويه إلى ان استهلاك الأطعمة المدخنة باعتدال لا يترافق مع تأثيرات صحية خطيرة، وتظهر كافة التأثيرات السابقة نتيجة الاستهلاك المزمن لكميات كبيرة من هذه الأطعمة.
المصدر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا
4. هنا
5. هنا
6. هنا