الكيمياء والصيدلة > صيدلة
هل اختيار توقيت العلاج يمنع تطوّر الحالات إلى الإيدز AIDS ؟
فيروس عوز المناعة المكتسبة HIV هو العامل المسبب لمرض الايدز، وهو فيروس يصيب جهاز المناعة لدى البشر ، حيث يقوم الفيروس بمهاجمة الخلايا التائية في جهاز المناعة (تحديداً نوع CD4 ) ممّا يؤدي إلى انخفاضها بشكلٍ سريع ومؤثّر على جهاز المناعة ككل. ومع مرور الزمن وسريعاً يصل الجسم إلى مرحلة يصبح فيها غير قادرٍ على مكافحة الأمراض، فتحدث السرطانات والإلتهابات لينهار الجسم بعدها ويحدث الموت.
ما يزال فيروس HIV المسبب للمرض معضلة للعلماء والباحثين، فحتّى الآن لم يتم إيجاد دواء يقضي على الفيروس بالكامل ويصل بالمريض لمرحلة الشفاء.
والطريقة الوحيدة للتعامل مع الإصابة بفيروس عوز المناعة المكتسبة HIV هي باستخدام مجموعة من المضادات الفيروسية التي تقوم بالسيطرة على الفيروسات النشطة عن طريق تثبيط العمليات الحيوية للفيروس، مما يؤخّر مرحلة عوز المناعة AIDS لدى الشخص المصاب وقد يعيش حياة طبيعية لعشرات السنين في حال المتابعة الدائمة مع الطبيب والالتزام بالمضادات الفيروسية.
ولكن متى يجب البدء باستخدام هذه المضادات؟ وهل يشكّل هذا التوقيت فرقاً؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ، بدأت دراسة باسم START عام 2011 في 35 دولة حول العالم، وشملت 4685 مصاباً بفيروسHIV في المراحل المبكرة من الإصابة، أي أن عدد الخلايا التائية لديهم كان لايزال ضمن المعدّلات الطبيعية (أكثر من 500 خلية في المليمتر المكعب من الدم). تم تقسيم المرضى بشكلٍ عشوائي إلى قسمين:
القسم الأول : يبدأ بالمضادات الفيروسية مباشرة .
والقسم الثاني: يبدأ بها عندما ينخفض عدد الخلايا التائية إلى 350 خلية بالمليمتر المكعب ( بعد فترة وجيزة ) .
قام العلماء القائمون على هذه الدراسة بمتابعة عدة أعراض لدى المصابين على مدى ثلاث سنوات ، وشملت هذه الأعراض أمراضاً تحدث عادةً نتيجة الإصابة بفيروس HIV مثل بعض السرطانات وأمراض غير مرتبطة بفيروس HIV مثل أمراض القلب والكبد والكلى.
بعد ظهور النتائج وتحليلها، تبيّن أن خطر الوفاة أو الإصابة بأمراض خطيرة لدى المجموعة التي بدأت بالعلاج المبكر أقل من نظيرتها عند المجموعة الأخرى بنسبة 53% وهي نسبة جيدة في مثل هذه الحالات .
نتائج الدراسة كانت متسقة في جميع الدول والمناطق التي أجريت فيها، وظهرت فوائد العلاج المبكر لدى جميع المرضى في الدول ذات الدخل الإقتصادي المنخفض والمتوسط والمرتفع (معروف جيداً أن البدء المباشر بالعلاج يكلّف الدول مبالغ واقتصاد مالي مرتفع دون معرفة الفائدة العلمية أو دون وجود دراسة تؤكّد جدوى ذلك ).لكن أسلوب العلاج المبكر هذا ( بغض النظر عن تعداد الخلايا التائية CD4 وبغض النظر عن الجدوى الإقتصادية للعلاج في المراحل الأولى ) كان متبعا ً في بعض الدول منها الولايات المتحدة الأمريكية بناءً على دراسات صغيرة ونصائح من بعض الخبراء ، - وكما قلنا سابقاً - لم يكن هناك دليل قاطع يدعم هذا الأسلوب حتى ظهرت نتائج (START) وهي الدراسة الفريدة من نوعها كونها شملت مرضى مختارين بشكل عشوائي وعلى نطاق واسع في عدة دول حول العالم.
المصادر: