الغذاء والتغذية > تغذية الأطفال
دور حليب اﻷم في الوقاية من اﻷمراض المعوية الشديدة عند الخدج
يعتبر الباحثون أن هنالك حاجة ماسة ﻹيجاد علاجات جديدة لمرض NEC ﻷن العلاجات الحالية المتوفرة تعتمد على الاستئصال الجراحي للمناطق الميتة أو الملتهبة من أمعاء الخدج المصابين. وبالرغم من أن الحلول الجراحية المتاحة تضمن الوقاية من استمرار الالتهاب وبالتالي تنقذ الأطفال الخدج إلا أن اقتطاع جزء من اﻷمعاء سوف يعرض الأطفال إلى أخطار وتداخلات كثيرة في المستقبل مثل متلازمة الأمعاء القصيرة short bowel syndrome والتي تتطلب تغذية داعمة مستمرة مدى الحياة نظراً لانخفاض قدرة اﻷمعاء على امتصاص المواد المغذية.
نشرت نتائج هذا البحث في مجلة Mucosal Immunology في 22 نيسان الجاري وبينت أن أحد المواد الموجودة في حليب اﻷم عند اﻹنسان والحيوانات الثدية والتي تعرف باسم عامل النمو الأدمي (EGF) epidermal growth factor يساعد على تثبيط عمل نوع من البروتينات المسؤولة عن تحفيز الاضطراب المناعي المخرب والذي يؤدي إلى اﻹصابة بمرضNEC. يسبب هذا المرض إماتة غير قابلة للرجوع في الأنسجة المعوية ويعتبر من أكثر الأمراض صعبة العلاج عند الخدج والتي تشكل تحدياً كبيراً للأطباء.
جاءت هذه الدراسة استكمالاً لدراسة سابقة قام بها فريق الباحث David Hackam - وهو طبيب جراحة أطفال- والتي بينت أن البروتين المعروف باسم TLR4 هو أحد أهم البروتينات المسؤولة عن التخرب المعوي المشاهد في مرض NEC. في الحالة الطبيعية يقوم هذا البروتين بتنظيم استجابة الجسم المناعية إلى الجراثيم، أما بروتين TLR4غير كامل النضج الموجود في أمعاء الخدج فإنه يعيق وصول الأكسجين إلى اﻷمعاء مسبباً موت الخلايا المميز لداء NEC.
الدراسة
تم خلال هذه الدراسة تعريض الخلايا المعوية غير الناضجة المستخلصة من أمعاء حيوانات التجربة الخدج إلى الجراثيم المسؤولة عن تنشيط بروتين TLR4.فبينت النتائج أن فعالية بروتين TLR4 قد تم تثبيطها في الخلايا المعوية المعالجة مسبقاً بحليب اﻷم. وعندما تم تسخين حليب اﻷم قبل استعماله لمعالجة الخلايا فإنه فقد دوره وفعاليته الوقائية مما يؤكد أن المواد المسؤولة عن هذه الفعالية ذات طبيعة بروتينية حساسة للحرارة.
من خلال هذه التجربة وضع الباحثون قائمة من البروتينات التي تحقق هذه الميزات حيث كان أهمها بروتين EGF نظراً لوجوده بكميات كبيرة في حليب اﻷم ودوره المعروف في تحفيز نمو وتطور الخلايا في العديد من اﻷنسجة. للتأكد من ذلك قام الباحثون بتحضير خلايا معوية معدلة وراثياً لتصبح خالية من مستقبلات بروتينEGF وتمت بعدها معالجتها بحليب اﻷم، فبينت النتائج أن الحليب في هذه الحالة لم يكن قادراً على الوقاية من الإماتة الخلوية في خلايا الأمعاء المعدلة. لم يتوقف الباحثون عند هذا الحد بل قاموا أيضاً بالتخلص من بروتين EGF الموجود في حليب اﻷم وتمت تجربته فتبين أن هذا الحليب لم يملك تأثيراً واقياً، وعندما تمت إعادة هذا البروتين إلى الحليب مجدداً، استعاد الحليب قدرته الوقائية في تثبيط فعاليةTLR4 وبالتالي الحد من الإماتة الخلوية.
في الخطوة التالية قام الباحثون بإعطاء مجموعة من الفئران الخدج حليب اﻷم ومجموعة أخرى ماء مملح، ثم تم حقن كل الفئران بجراثيم قادرة على تنشيط بروتينTLR4 لتحفيز سلسلة التفاعلات التي من شأنها أن توقف نمو الخلايا المعوية وتسبب موتها. بينت التحاليل أن أمعاء الفئران الخدج التي تمت تغذيتها على حليب اﻷم قبل تعريضها للجراثيم احتوت نسبة منخفضة من بروتينTLR4 ونسبة منخفضة أيضاً من المواد الكيميائية المناعية التي تحفز على ظهور الالتهاب، كما أن عدد الخلايا المعوية الميتة عند هذه الفئران كان قليلاً بعد التعرض للإنتان الجرثومي بالمقارنة مع الفئران التي تمت تغذيتها باستعمال الماء المملح. كما أن الخلايا المعوية استمرت بالنمو والتمايز عند الفئران التي تمت تغذيتها بحليب الأم.
للتأكد من أن اﻵلية الدقيقة لهذا التأثير تعود إلى بروتين EGF الموجود في حليب اﻷم، قام الباحثون بإعطاء الفئران الخدج دواء قادر على تثبيط مستقبلات هذا البروتين بشكل نوعي مما يمنع دخوله إلى الخلايا المعوية. فبينت النتائج أن هذه الفئران أصيبت بمرضNEC رغم تغذيتها على حليب اﻷم، وكذلك اﻷمر عند الفئران التي تمت تغذيتها على حليب أم خال من بروتين EGF.
أخيراُ حاول الباحثون التأكد فيما إذا كان استعمال حليب اﻷم يصلح أن يكون علاجاً للتخفيف من شدة مرض NECعند الفئران المصابة به مسبقاً. وبالفعل كانت النتيجة إيجابية، حيث أن شدة اﻹصابة كانت أقل عند صغار الفئران التي تمت تغذيتها باستعمال حليب اﻷم كما أن عدد الخلايا المعوية المتموتة كان منخفضاً.
بالنتيجة يؤكد الباحثون أنه فيما إذا تم التدقيق في نتائج هذا البحث يمكن القول أن بروتين EGF قد يعتبر المكون اﻷساسي في حليب الأم المسؤول عن الوقاية من مرض NEC وذلك وفق آليتين، تستند الأولى إلى قدرة هذا البروتين على الوقاية من الإماتة الخلوية لخلايا اﻷمعاء وفي نفس الوقت قدرته على تحفيز النمو الخلوي الذي يساعد في شفاء الخلايا الملتهبة.
في الختام يؤكد البحث على ضرورة إعطاء حليب اﻷم للأطفال الخدج للوقاية من هذا المرض المميت، وتعتبر هذه النتائج ذات قيمة كبيرة ﻷنها تفتح المجال نحو إيجاد سبل جديدة للعلاج بديلة عن التدخل الجراحي مما يسمح بإنقاذ حياة عدد كبير جداً من اﻷطفال المعرضين للإصابة سنوياً بهذا المرض.
المصدر:
المقال المرجعي:
M Good، C P Sodhi، C E Egan، A Afrazi، H Jia، Y Yamaguchi، P Lu، M F Branca، C Ma، T Prindle، S Mielo، A Pompa، Z Hodzic، J A Ozolek، D J Hackam. Breast milk protects against the development of necrotizing enterocolitis through inhibition of Toll-like receptor 4 in the intestinal epithelium via activation of the epidermal growth factor receptor. Mucosal Immunology، 2015; DOI: 10.1038/mi.2015.30