آثار ألمانيا في الحرب العالمية الثانية: كيف قاوم تراث ألمانيا ضربات الحرب ؟

يتكلّم الجميع عما يحصل وعن الدمار الذي ألحقته وتلحقه الحرب بأنّهُ لا يُمكن إعادته كما كان وبأنّهُ رُكام لا فائدة منه، بِعكس ما أثبتته التجربة الألمانية في إعادة تأهيل المباني المُتضررة خِلال الحرب العالمية الثانية، فهي خير مثال لتقديم أفكار بما يُمكن فعله من آثار الحروب، فالآثار المُنتشرة للخراب والدمار في أنحاء ألمانيا حوِّلت إلى نصبٍ تذكارية تدعو للسلام وإلى بث الأمل من جديد.

1- كأسنان مُجوّفة:

رُبما من الصعب التخيّل أنّ مُعظم المدن في ألمانيا عام 1945 قد دُمرت بشكلٍ شبه كامل كما هو الحال اليوم في سوريا والعراق، وبعدما تمَّ البدء بالإعمار ظهرت بقايا الأبنية والكنائس كشاهدٍ على الحروب التي جرت.

وخير مثال على ذلك كنيسة القيصر "فيلهلم" في برلين، فهي واحِدة من الحجارة الشاهدة على الخراب.

2- جماليّة خمس أبراج:

صُمِمت الأبراج على الأسلوب المعماري النيورومانسي عام 1895 ومن بعدها تمَّ إحراق الكنيسة عقب غارة جوية للحُلفاء، ولم يتم حماية إلا 71 متراً فقط من البرج والأبراج الأربعة المُتبقية، تمَّ إعادة ترميمها وتأهيلها وافتتحوا الكنيسة عام 1961 بعد حفظ وتوثيق كُل الأجزاء القديمة.

3 - الاستفادة من الخراب:

تاريخ دير الفرنسيسكان في برلين يعود إلى عام 1250، تمَّ حل الدير وفكّه في عام 1539، وفي أبريل عام 1945 قُصِفت الكنيسة وتحوّلت إلى خراب.

بعد الدمار كانت الكنيسة بحاجة إلى الدعم السريع وأصبحت المعلم الوحيد الذي نجا من الكارثة بالرغم من الأهوال التي تعرضت لها.

ومنذ عام 2004 بعد القيام بأعمال الترميم واستخدام التقنيات الحديثة أصبح المكان مُناسباً لإقامة الحفلات والعروض المسرحية.

4 - نصب تذكاري بدون سقف!

كنيسة القدّيس ألبان في وسط كولونيا دُمِرت قبّتها بالكامل وكان من الصعب إعادتها، دُشِنت الكنيسة كنصبٍ تذكاري مفتوح، ووضِعَ تحت القبّة نصب (حداد الآباء) الذي نحت من قبل الفنان "إرنست بارلاش" للتذكير بالسلام والحياة.

5- بقايا قيّمة:

وليسَ ببعيدٍ عن كنيسة سانت ألبان نأتي لكنيسة القدّيس كولومبا، واحِدةٌ من كنائس الرعيّة في كولونيا، دُشن حجر الأساس عام 980م وخُرِبت الكنيسة عام 1943، بقي منها أجزاء من حجارة العصور الوسطى وتمثال السيدة العذراء مدفون بين الرُكام.

6 - دمج المتحف الجديد:

ومن أجل تمثال السيدة العذراء المُتبقّي في كولومبا تمَّ بِناء كنيسة جديدة في محل الكنيسة القديمة بين عامي 1947 - 1950، وهي عِبارة عن كنيسة مُربّعة صغيرة شُيدت على امتداد كنيسة كولومبا القديمة.

أما كنيسة كولومبا فقد أُدمجت مع متحف الأسقفية عام 2007.

7- أمجاد الباروك القديمة

:

كانت قلعة Zerbst في ولاية سكسوني مقرّاً لإقامة أُمراء زربست في القرن السابع عشر، المبنى عِبارة عن ثلاثة أجنحة واحدٌ منها كان مُخطط على طريقة الباروك.

زارت القلعة الملكة الروسية "ماترين" الثانية، عِندَما كانت الأميرة "صوفي فريدريك أوغست فون" صغيرة بالعمر.

8- هُناك بصيص أمل:

في نيسان عام 1945، تمَّ قصف قلعة Zerbst بالقنابل لتحترق بالكامل، كان من المُمكن إعادة إعمارها، لكن الفكرة أُلغيت لأسبابٍ سياسية، فُقِد الجزء الشرقي الذي نجا من الدمار. لكن إعادة إعمار القسم الخارجي للقلعة حسب شكله الأصلي بقيَ هدفاً مستقبلياً.

9 - كنيسة حتّى الأبد

هو ليسَ دماراً ولا نصباً تذكارياً في دوسلدروف، بل كان مخبأً صُمم ككنيسة لغرض التمويه في الحرب في بداية عام 1940، وتحوّل فيما بعد إلى كنيسة في عام 1949، وتُعتبر هذه الكنيسة هي الصرح الوحيد المحمي في تلك الفترة، أما في يومنا هذا فقد تحولت لمركزٍ للفنون البصرية أضف إلى كونها مكان للعبادة.

10- نصب تذكاري مُفعم بالحيويّة

أيضاً واحدٌ من الأقبية الضخمة التي استُخدِمت كملاجئ في هامبورغ هو Wilhelmsburg، بعد الحرب بدأت علامات التصدّع تظهر عليه. تمَّ تجديده منذُ سنوات قليلة وحوّلَ إلى مركز إنتاج للطاقة، المركز مُحاط بالألواح الشمسية والطاقة المُتجددة مع خزّان للحرارة، ومبنى واسع لتزويد البلدة بالكهرباء.

11 - الهدف الواضح

ترجع أصول الكنيسة نيكولاس في هامبورغ إلى عام 1195، وبعد حريق عام 1842، تمَّ بناء كنيسة جديدة مُماثلة للسابقة بأسلوب قوطي في عام 1874 وبأبعاد 147 متراً وارتفاع 482 قدماً، اندثر هذا النصب واحترق في عام 1943 بعد تعرّضه لغارات الحُلفاء.

12- هامبورغ وعمورة

نتيجةً للقصف لم ينجو في الكنيسة سوى البرج والقبو، وبقيت علامات الدمار حتّى يومنا هذا.

بعد الحرب قرر مجلس الشيوخ عدم إعادة بناء الكنيسة، إلى أنّ صدر قرار بتخصيص الكنيسة لضحايا الحرب والاستبداد بين عامي 1933 - 1945. أما القبو فقد تمَّ انشاء مركز للتوثيق مع معرض دائم لآثار الحرب على عمورة.

13- بعض النهايات هي بداية

تُعتبر كنيسة فرونكشين مثالاً رائعاً عن الفن الباروكي في مدينة دريسدن وتحفة معمارية مُذهلة للمُعتقدات البروتستانتية، دُمرت في عام 1945 وسقطت القبّة الحجرية. بقيت الأنقاض لفترةٍ طويلةٍ كنصبٍ تذكاريةٍ عن الحرب، فحكومة ألمانيا الشرقيّة لم تهتم بإعادة البناء.

14- رمز الأمل

بعد إعادة توحيد ألمانيا بدأت أعمال إعادة بناء الكنيسة Frauenkirche في عام 1996، وامتدت نحوَ تسعة سنوات وقد أُدرجت الحجارة القديمة في العمارة الجديدة واستُعمِلت في الترميم. وشاركت في دعم هذا المشروع الضخم لإعادة التأهيل حوالي 16 جمعية لدعم الأمان فضلاً عن الجهات المانِحة كرمز للتفاهم والأمل الدولي.

15- أنقاض لأجل بداية جديدة

تمَّ إكمال بناء كنيسة Auferstehungskirche أو كنيسة القيامة في عام 1947، وكانت أول كنيسة يُعاد بنائها داخل ألمانيا بعد انتهاء الحرب، وذلك باستخدام أنقاض المنازل المحيطة عبر 30000 ألف قطعة آجر. وأصبحت الكنيسة رمزاً لبداية جديدة ونموذجاً لـ46 كنيسة في مُختلف المدن الألمانية التي دمّرتها الحرب.

المصدر:

هنا