الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
خمسون ألف كيلو متر مربع تذوب سنوياً من القطبين
وجدت دراسة جديدة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا أن التزايد في مساحة الجليد ضمن القطب الجنوبي لم يعد قادراً على تعويض تناقصه في القطب الشمالي.
يعاني كوكبنا بالمجمل من خسارةٍ سنويةٍ في مساحة الجليد القطبي تقارب الـ 35000 كم2 منذ العام 1979 (أكثر قليلاً من مساحة محافظة دير الزور السورية) إلا أن هذه الخسارة ازدادت مؤخراً وهي تكاد تصل إلى ضعف هذا الرقم. بالرغم من وصول الزيادة في مساحة الجليد في القطب الجنوبي إلى مستوى قياسيٍ مؤخراً في شهر أيلول الأخير، إلّا أن مساحة الجليد العالمي ككل تستمر بالانخفاض، وذلك نتيجةً للتفاوت بين معدل التناقص في مساحة الجليد بالقطب الشمالي وتزايده في القطب الجنوبي.
استخدم الباحثون بيانات الأمواج القصيرة التي جمعت من الأقمار الصناعية الخاصة بناسا ووزارة الدفاع الأمريكية وقامت بعمل موازنةٍ شهريةٍ للجليد في القطبين منذ العام 1978 وحتى العام 2013. وقد أفضى تحليل هذه البيانات خلال 35 عاماً إلى استنتاج أن المساحة الكلية للجليد استمرت بالانخفاض في جميع أشهر السنة حتى في تلك التي يفترض أن تشهد زيادة في مساحة الجليد القطبي.
إضافةً لذلك فإن التناقص في مساحة الجليد الكلي يكتسب زخماً متزايداً فخلال النصف الأول من الإطار الزمني للدراسة 1979-1996 بلغ التناقص في حجم الجليد نحو 21500 كم2 ليصل إلى 50500 كم2 خلال النصف الثاني 1996-2013 (أي إلى ما يفوق مساحة محافظة حمص أكبر المحافظات السورية). لا يمكن لهذا التسارع في خسارة المساحات الجليدية أن يستمر، فعندما نخسر القطب الشمالي بأكمله لن يبقى هناك جليد للذوبان.
أظهرت الدراسة كذلك أن الدورة السنوية للجليد في العالم كله أكثر شبها بالدورة السنوية للجليد في القطب الجنوبي؛ حيث تبلغ مساحة الجليد العالمية أدنى قيمة لها في شهر شباط سنوياً كما هو الحال في القطب المتجمد الجنوبي بينما تقع القيمة الشهرية العظمى لمساحة الجليد العالمي في شهر تشرين الأول أو الثاني بفرق شهر أو شهرين عن القيمة العظمى للجليد التي يشهدها القطب المتجمد الجنوبي .أما القطب المتجمد الشمالي فيشهد المساحة الصغرى من الجليد في شهر أيلول والعظمى في شهر شباط.
وتبعاً للدراسة فإن المساحة الكلية للجليد في العالم تتراوح بين القيمة الصغرى 18 مليون كم2 في شهر شباط والقيمة العظمى 26.6 مليون كم2 في تشرين الثاني.
حسناً، ما أهمية مساحة الجليد على المستوى العالمي؟
إن أحد أهم الأسباب التي تدفعنا للاهتمام بمساحة الجليد على كوكبنا هو كونه عاكساً لأشعة الشمس مقارنةً بماء البحار والمحيطات التي تمتصّ طاقة أشعة الشمس وبالتالي فإن تناقص مساحة الجليد يقلل كمية الأشعة الشمسية المرتدة إلى الفضاء ويعني ذلك زمناً أطول تقضيه هذه الطاقة في أنظمة الأرض وتزايداً في درجات الحرارة.
لا يعتقد الباحثون أن الجليد القطبي الجنوبي سيستمر بالتوسع ليعوض الجليد الذي تخسره الأرض في قطبها الشمالي، بل إن الظن أن هذا التزايد سيتوقف لتبدأ بعدها مساحة الجليد القطبي الجنوبي بالتناقص. كان نشر نتائج هذه الدراسة مهماً بعد تداول الأنباء التي تحدثت عن تزايد مساحة الجليد البحري في القطب المتجمد الجنوبي حيث ساد الظن بأن هذه الزيادة ستلغي التأثيرات السلبية لخسارة الجليد البحري في القطب الشمالي.
إذا صادفتم بعد اليوم أحد المشككين بالتغير المناخي –بالرغم من تساقطهم المستمر–، وادعى أن التزايد في مساحة الجليد في القطب الجنوبي يعوض النقص في هذه المساحة في القطب الشمالي، يمكنكم الرد وبكل ثقة "لا ... أنت على خطأ".
اقرأ عن علاقة ذوبان جليد القارة القطبية الجنوبية بتغيرات حقل الجاذبية الأرضي من هنا وعن كيفية تغيّر كيمياء هواء القطب الشّمالي مع فقدان جليد البحر من هنا. أما عن تساقط منكري التغير المناخي فمن هنا
المصدر: