الكيمياء والصيدلة > صيدلة
رحلة رائعة مع حسّاسات صغيرة تساعد المرضى على مراقبة أدويتهم ..من الداخل!
هل أضعت يوماً طريقك في نزهة على الأقدام؟ أو ارتبكت بين الشمال والجنوب في مدينة جديدة؟
هل أنت غير متأكّد فيما إذا أخذت الحبة الخافضة للكولسترول في الليلة الماضية؟ أم أنّها كانت حبة الضغط؟ لأنهما متشابهتان!
حسناً، قد ترجعك تطبيقات تحديد المواقع إلى الطريق الصحيح في مشكلتك الأولى، لكن البقاء على المسار بالنسبة للأدوية مسألة مختلفة كلّياً، ولذلك سنقدّم لك اليوم تقنية جديدة ستساعدك وهي دون شك ممتعة بقدر فائدتها!
تابعوا معنا المقال:
بعد عمر معيّن يصبح من الصعب تذكُّر جميع الأدوية الموصوفة للمريض في مواعيدها حيث تشير الإحصائيات إلى أنَّ حوالي 50% فقط من المرضى يأخذون أدويتهم كما وصفت لهم، كما أنّ حوالي 40% من البالغين ممن هم أكبر من سن ال65 عاماً يأخذون خمس وصفات أو أكثر يومياً.
لذلك يعدّ تدبير الاضطرابات والتنافرات المحتملة أمراً مُلحّاً، فأكثر من 10 آلاف شخص يصلون لعمر ال 65 كل يوم، و 90% منهم يعانون من أمراض مزمنة، والعديد من المرضى يبتلعون اليوم كوكتيل من الأدوية الموصوفة من أخصائيين مختلفين، الأدوية المسكّنة لآلام الظهر، مضادات الاكتئاب، مثبطات مضخة البروتون (أدوية القرحة)، والفيتامينات وغيرها من المدعّمات التي تباع دون وصفة.
وقد دفع ذلك الشركات لابتكار تقنية لمراقبة الأدوية، وهي حساسات ضئيلة كال nanomeds، متضمّنة في كبسولة كاذبة تبتلعها، وخلال طريقها في جهازك الهضمي تعمل هذه الجزيئات - والتي لا تُهضم بالتماس مع اللعاب والعصارات الهاضمة - وترسل إشارة تُلتقَط بواسطة حسّاسات أخرى تشبه ضمادة الإسعافات الأولية تلبس على الصدر.
يُسجّل هذا النظام الأدوية المأخوذة، بالإضافة إلى القياسات الأخرى مثل معدّل ضربات القلب والضغط .وتظهر المعلومات على هاتفك الذكي أو اللوح عبر تقنية البلوتوث. ويمكنها أن ترسل مباشرة إلى طبيبك أو أعضاء عائلتك بإذن منك.
سُمّيت هذه التقنية "بروتيوس" على اسم الغواصة بروتيوس في فيلم الخيال العلمي الكلاسيكي "الرحلة الرائعة Fantastic Voyage" عام 1966. حيث كانت غواصة بالغة في الصغر، تُحقن وطاقمها في الدم لإصلاح خثرة دموية دماغية، وسُمّيت تيمّناً بالإله اليوناني بروتيوس، للدلالة على المفاهيم الإيجابية للمرونة والتكيف وطلاقة الحركة.
وتهدف هذه التقنية إلى وصل الأنظمة الصحية الكبرى بالمستهلكين، مما يخلق معلومات هامة يمكن استخدامها للتأكد من أنهم وأطبائهم يتخذون القرارات الإيجابية فيما يتعلق باستخدام الأدوية والخيارات الصحية الشخصية. وقد أجازت منظمة الغذاء والدواء هذا الجهاز عام 2012، لكنّه غير متوفر في السوق المفتوح بعد.
وصرّح أحد مطوّري هذه التقنية أنّ هذه التكنولوجيا سوف تلعب دوراً حاسماً بما يوصف بالـ "الصحة المرتبطة"، والتي تعتمد على التقنيات المعتمدة على الإنترنت للمساعدة في العناية بالأفراد المصابين بحالات مزمنة في المنازل، والتحرّي لكشف الاختلاطات والنوبات التي يمكن أن تؤدي إلى حالات حادّة، وإصلاح المشكلة من خلال التدريب الصحي ومراقبة العلامات الصحيّة والنشاط والسلوك.
فعلى سبيل المثال، إن كان لدى أحد المرضى ارتفاع في مستويات سكّر الدم، يمكن للفريق الطبّي أن يكشف ذلك من خلال المعلومات التي تُرسل من هاتفه الخلوي. فتصحّح المشكلة قبل أن تصبح المستويات خطيرة.
أجهزة المراقبة هذه هي فقط البداية للأدوية التي لا تُهضَم. وحسب أحد الإداريين الكبار في بروتيوس للديجيتال، سوف يتمّ قريباً زرع هذه الرقاقات الصغيرة غير المرئية تقريباً في الحبوب الحقيقية نفسها، مما سيمكّن المريض من تذكّر أخذ الحبّة المزوّدة بجهاز مراقبة، لأنّ الحبوب ترسل رسالة أنّها الآن ضمن جهاز الهضم!
يمكن لكل هذه التقنيات الصحيّة الحديثة أن تحسّن كلّاً من استخدام الأدوية والفعالية لدى المسنين في المنزل، وتساعدهم على عيش حياة أفضل. كما أنّها تقلل أو تقصي العناية الصحية الحرجة المكلفة في المشافي.
لكنها تبقينا أمام سؤالٍ هام: ما هو ثمن هذا التقدّم التكنولوجي؟!
المصدر: