التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية
المثيولوجيا الكلاسيكية السورية، بين التأثير الفارسي والروماني ... الآلهة والمثيولوجيا المحلية التي عبدت في سوريا
نكمل ما بدأناه في الأسبوعين الماضيين في الجزء الأول هنا والجزء الثاني هنا في هذا الأسبوع سنتحدث عن الآلهة التي عُبدت في سورية وجملة من الأساطير المميزة التي وجدت صدى وشبيه لدى الأغريق والرومان والفرس وانتقلت لهم وأثرت وتأثرت بها، وهذا ما جعل سوريا في حالة من التبادل الثقافي والحضاري مع الحضارات المجاورة، نقدم لكم أجمل وأروع أجزاء هذه السلسلة.
الآلهة والمثيولوجيا المحلية التي عبدت في سوريا
أرتميس :
إلهة الصيد عند الإغريق ،ابنة زيوس و هي ملجأ النساء و حامية الطهارة و كانت تعد أيضاً آلهة للقمر و توأمها أبولون إله الشمس .
كانت أرتميس من أهم الآلهة في مدينة دورا أوروبوس ، تقابلها عند الرومان ديانا العذراء تم تمثيلها و هي تحمل الرمح ، يرافقها وعل ، و تحمل القوس و السهم ، انتشرت شعبيتها في الطبقات العامة من الشعب ، و من مهامها أيضاً حماية المعاهدات بين المدن الرومانية ، و ربط البعض بين أرتميس و نانايا التي كانت ترافق الإله حدد .
صورة في موقع الأنبا تكلا الإلهة أرتميس في روما وهي تمسك أنثى الإيل إلهة الصيد والغابات والتلال والقمر، تمثال رخامي روماني العصر الإمبراطوري ما بين القرنين الأول والثاني وجد في إيطاليا محفوظ في متحف اللوفر
أبولون :
أما أبولون فيعد من أهم الآلهة عند الإغريق ، كان إلهاً يتمتع بعدة وظائف ، فهو إله الشمس و النبوءة و الموسيقى و الرماية و غيرها ، لذك رافقته العديد من الرموز كالقوس و المزمار و القيثارة و إكليل الغار و عصى الرعاة ، إضافة الى عدد من الحيوانات المرافقة له مثل الثعبان و الغراب و الديك و البجعة و الدلفين .. إلخ . و كان مثالاً أعلى في الوسامة لدى الإغريق . عرف بإسم فوبيوس عند الرومان . و تروي الأساطير على أنه من مواليد مدينة ديلوس الواقعة في بحر إيجة .
أتراغاتيس :
آلهة الخصوبة و الأمومة و النساء عند الولادة ، تقابلها هيرا زوجة زيوس عند الإغريق و جونو زوجة جوبيتر عند الرومان ، كانت تمثل الى جوار زوجها حدد، كما تم تمثيلها و هي تحمل الصولجان بيد و المغزل بيد أخرى ، محاطة بالأسود و ترفع يدها بحركة مباركة . من حيواناتها المفضلة، الطاووس، أما الفاكهة المفضلة فهي الرمان رمز الخصوبة . تشابهت هذه الآلهة مع تايكي إلهة الحظ عند اليونان ،على اعتبار أنها جالبة للسعادة و الثروة للعباد ،كما حملت صفات العديد من الآلهة مثل اللات و نمسيس و إيزيس و غيرها . و تعد مدينة هيرابوليس ( منبج ) في شمال مدينة حلب مركزاً لعبادتها حيث ارتبطت عبادتها في هذه المدينة حصراً بعلم العرافة و التنجيم . انتشرت عبادتها في مدن المنطقة مثل أنطاكيا و تدمر . عبدت في مدينة بلعبك كإلهة قرينة لحدد بشكل خاص ، و عبدت كذلك في حوران ، حيث كانت عبادتها أهم من قرينها حدد الذين كانا من الآلهة الرئيسية التي عبدها الأنباط .
بل :
بل إله بابلي أكادي الأصل، وهو رب الأرباب، مثل جوبيتر الروماني، وزيوس اليوناني. اسمه زيوس بيلوس في بلاد ما بين النهرين. ويقابله بعلشمين لدى الكنعانيين وحدد الآرامي. وانتقل إلى البلاد المجاورة وأصبح عند الفينيقيين بعل. بُني المعبد في نيسان عام 32م على أنقاض آخر مبني بالطين. واكتمل بناؤه في القرن الثاني الميلادي. وكُرّس للإله بعل، ويرحبول رب الشمس، وعجلبول رب القمر. وكان مقرّاً لمجمع الأرباب التدمريين. وهو أقدم من معبد بعلبك بقرن كامل. المعبد الأول يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد. تهدّم في الحرب بين التدمريين والرومان عام 272م، وفي ثورة التدمريين عام 273م.
معبد بل
ميثرا و الميثولوجيا الفارسية
ميثرا:
ميثرا الإله العظيم من الأرباب المعبودة التي سبق وان عبدتها الشعوب (الهند ــ إيرانية) في موطنها الأصلي، ومنه تنبع الديانة الزرادشتية، وهو الإله الذي حملوه معهم في حلّهم وترحالهم ولقد جاء ذكره في أقدم الكتب المقدسة (ريك فيدا) باسم (ميثرا) وفي الآفستا باسم (ميثرا) بأنه اله النور حامي حمى الحقيقة وعدو الكذب والخطيئة ، وورد في (الآفستا) عن (ميثرا) بأنه يعاقب كل من حلف يمينا كذبا أو ينحرف عن الحق والصواب والنزاهة ، انه يحطم القبائل والجماعات المناهضة له، ويهب الصحة والصداقة والرجاء للذين يمجدونه ويكون حليفا مؤيدا لمن ينذرون أنفسهم له. و(ميثرا) واحد من تلك الآلهة التي ظلت عبادتها في بلاد فارس مع أن (زردشت) كان قد ألغاها وأبطلها وحوّرت كلمة (ميثرا) في بلاد فارس منذ القرن الأول بعد الميلاد إلى (مهر) فأصبحت (مهر) الشمس والعقود، وظل في العهد الإسلامي اسما للشمس ولفكرة الشفقة والمحبة.
منحوتة للاله ميثرا يضحي بالثور سوريا دورا اوربوس حوالي 170م
المصادر:
السواح ، فراس (2003) موسوعة تاريخ الأديان. دمشق: دار علاء الدين للنشر و التوزيع و الترجمة. مج(2)
العريبي، محمد (1995) الديانات الوضعية المنقرضة. بيروت: دار الفكر اللبناني.
نصحي، ابراهيم (1998) تاريخ الرومان منذ أقدم العصور وحتى عام 133. القاهرة : مكتبة الانجلوالمصرية.
عبد الكريم ،مأمون (2009) آثار بلاد الشام في العصور الكلاسيكية. دمشق: جامعة دمشق.
عثمان، سهيل . و الأصفر، عبد الرزاق (1982) معجم الأساطير الرومانية و اليونانية. دمشق: وزارة الثقافة
Hans-Peter Schmidt، Mithra (2006) Encyclopedia Iranica . New York: Iranica.com.
ديورانت، ويل (1993) قصة الحضارة. دمشق : دار طلاس للدراسات.