الطب > مقالات طبية
إعادة برمجة الخلايا الجذعية في أوساطها الحية
اعتاد الباحثون على إنتاج و تنمية الخلايا الجذعية داخل أطباق بيتري الزجاجية التى تستخدم فى التجارب المخبرية، ولكن هذه المرة استطاع العلماء إنتاج الخلايا الجذعية داخل بيئتها الطبيعية دون الحاجة لوضعها فى طبق بتري! حيث قام الباحثون بإعادة برمجة خلايا بالغة من فأر لكى تبدو و تتصرف مثل خلايا جذعية جنينية وذلك داخل أجساد الفئران الحية. وقد أشارت الاختبارات الأوّلية إلى أنّ هذه الخلايا قادرة على التمايز واتّخاذ مجموعة متنوعة من الهويات أكثر من تلك الناتجة عن الطرق السابقة.
بدأت التجربة بهندسة الفئران وراثياً للتحكم فى عمل أربعة جينات, هذه الجينات الأربعة مسؤولة عن تحفيز الخلايا البالغة كى تبدو و تتصرّف مثل الخلايا الجذعية الجنينية. و يتم استخدام تلك الجينات الأربعة عادة فى إنتاج الخلايا الجذعية متعدّدة القدرات المحفّزة induced pluripotent stem cells فى المختبر. ووُضعت الجينات الأربعة تحت سيطرة تفاعل كيميائى لتفعيلها أو تثبيطها وذلك باستخدام الدوكسيسيكلين doxycycline، وهو نوع من الصادّات الحيوية. أدّى تفعيل عمل الجينات و التعبير عنها بمستويات عالية إلى موت الفئران سريعاً فى المرة الأولى، لكن عندما قام الباحثون بتخفيض جرعة الصاد الحيوى, وجدوا أنّ الفئران قد أصيبت بأورام غير منتظمة تضمّ أنواعاً متعددة من الخلايا, هذه الأورام تعتبر مؤشراً على إعادة برمجة الخلايا.
كما وجد الباحثون أيضا خلايا جذعية محفّزة فى دم الفئران المعدّلة وراثياً.
وبمزيد من البحث والتحليل، وبالمقارنة مع الخلايا الجذعية التى يجري إنتاجها فى المختبر, وجد الباحثون أنّ التعبير الجينى الخاص بتلك الخلايا الجذعية المحفزة التى وجدوها فى دم الفئران يشبه التعبير الجينى فى خلايا الأجنة فى مراحلها الأوّلية. كما اكتشف الباحثون أيضاً أن تلك الخلايا الجذعية المحفّزة لديها القدرة على التمايز و التشكل إلى أنواع من الخلايا لا تستطيع الخلايا الجذعية المهندسة وراثياً التشكّل إليها, مثل أنواع من خلايا المشيمة و بعض التكوينات الجنينية فى تجويف البطن. و هذا يوضّح السعة الكبيرة والقدرة على التمايز التى تتميز بها تلك الخلايا.
هذا الاكتشاف من شأنه تسريع الجهود الرامية إلى تطوير العلاجات المبنيّة على تجدّد الخلايا، وذلك عن طريق تجنّب الحاجة إلى زراعة خلايا خارج الجسم ثم إعادتها إلى مكانها الطبيعى فى الجسم مرة أخرى. يقول جورج دالي، وهو باحث فى الخلايا الجذعية في مستشفى بوسطن للأطفال في ولاية ماساشوستس، الذي لم يشارك فى الدراسة "هذا البحث هو فى مقدمة الجهود الرامية لإعادة برمجة الخلايا داخل الأنسجة الحية. فقد كان الباحثون يواجهون العديد من التحدّيات مثل محاولة تهيئة الظروف الفيزيولوجية نفسها الموجودة فى الجسم ضمن أطباق بتري، ثم نقل الخلايا مرة أخرى من أطباق بتري إلى داخل الجسم".
يقول سيرانو, رئيس فريق البحث الذى أتم الدراسة فى المركز الوطنى الإسبانى لأبحاث السرطان بمدريد, أنه و فريقه يبحثون عن مرحلة وسيطة يمكن أن تقوم فيها تلك الخلايا بالتشكل إلى خلايا أخرى ذات هويات جديدة و ذلك دون إنتاج أورام سرطانية. كما يحاول الباحثون أيضاً إظهار أنّ تلك الخلايا التى تمت إعادة برمجتها يمكن التحكم فيها و دفعها للتشكل إلى أنواع محددة من الخلايا. يقوم سيرانو و فريقه بمحاولة تحديد أى الأنواع من تلك الخلايا هى الأنسب فى التقنية ولديه آمال فى استخدامها فى تقنيات تجديد خلايا القلب وخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين. يقول سيرانو: "لقد أثبتنا إعادة البرمجة، والآن علينا أن نبرهن ونظهر عملية التجديد."
المصدر: هنا