البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
كيف يمكن لنصف أو ربع كبد أن يقوم بوظيفة كبد كامل؟| العلماء يكتشفون كيفية قيام الكبد بتجديد خلاياه
يتميّز الكبد بخلاياه التي تملك قدرةً فريدةً على تجديد نفسها وهذا معروف علمياً، فالكبد يقوم بهذا الأمر يومياً ليعوض بشكل ملحوظ خلاياه التالفة. هذه الخاصّية الفريدة جعلت العلماء يبحثون طويلاً عن السرّ الذي يكمن وراءه.
بالتأكيد، اتجه العلماء للاعتقاد بأنّ نوعاً ما من (الخلايا الجذعية) قد يكون المسؤول عن هذه القدرة العجيبة للكبد تحديداً. ولكن قبل ذلك، دعونا نتعرف على الخلايا الجذعية:
الخلايا الجذعية باختصار هي نوعٌ مميزٌ من الخلايا التي يُمكن لها أن تكوّن أي نوع من خلايا الجسم الأخرى من خلال عملية فريدة تّدعى "التمايز"، وبالتالي تسمح بالحفاظ على تعداد الخلايا الطبيعي في أعضاء الجسم. ولكن لم يسبق للعلماء أن تمكّنوا من التعرّف على الخلايا الجذعية بشكل واضح وفعال كالعملية المميزة التي تحدث في الكبد.
افترض بعض العلماء سابقاً أنَّ الخلايا الكبدية الناضجة يمكن أن تحافظ على استمرارها عن طريق الانقسام، ولكن هذه الفكرة لم ترُق للباحثين في معهد هوارد هيوز الطبي (HHMI)، والذين توصّلوا أخيراً لاكتشاف أنَّ الخلايا الجذعية هي التي تقف وراء قدرة الكبد الأسطورية على تجديد خلاياه وليس الخلايا الكبدية القديمة.
من أجل تتبع أصل الخلايا الكبدية، اعتمد الباحثون على علامة مميِّزة وهي استجابة الخلايا للإشارات التي توصلها مجموعة من البروتينات تدعى Wnt، هذه البروتينات تعتبر المنظِّمات الأساسية في تحديد مصير الخلية الجذعية.
إحدى المورّثات التي تُدعى Axin2 كانت أكثر نشاطاً عند وجود Wnt لدى الفئران. وجد الباحثون ما يُشبه عنقوداً من الخلايا يحيط بالوريد المركزي في الكبد، هذه العملية الأخيرة تمّت باستخدام علامات مُشعّة لاقتفاء أثر الخلايا التي تحمل المورّثات المُستجيبة لـWnt .
يقول الباحثون إنّ هذه الخلايا المحيطية تعتبر السلف المبكر للخلايا الكبدية، والتي تنقسم وتتمايز فيما بعد لتشكّل خلايا كبدية ناضجة يمكن أن تحلّ مكان الخلايا في أنسجة الكبد.
بعد تتبّع الخلايا التي انحدرت من الخلايا الجذعية لمدة تزيد على العام، لاحظ الباحثون أنها قد خضعت لتغيرات جعلتها تتمتّع بجميع خصائص الخلايا الناضجة، وهذا ينطبق تماماً على تعريف الخلايا الجذعية.
تقوم الخلايا الغشائية المجاورة للوريد المركزي، وهو المكان الذي تتجمّع فيه الخلايا الجذعية الجديدة، بتحرير جزيئات بروتينية إلى داخل النسيج ما يسمح للخلايا بالاحتفاظ بهويتها الخلوية الجذعية وقدرتها على التمايز. فقد وُجد أنّ الخلايا التي ارتحلت إلى مكانٍ لا تبلغه الإشارات فقدت قدرتها على الانقسام والتمايز إلى خلايا ناضجة، وهذا يماثل الطريق الذي تسلكه الخلايا الجذعية في النسج الأخرى.
يمتلك الكبد إذاً خلايا جذعية حقيقية، كغيره من النسج التي تحتاج لاستبدال خلاياها الميتة، تنتشر وتعطي خلايا ناضجة حتى في حالات عدم الإصابة. هذا شيء رائع ومفيد علمياً وطبياً.
يقول العلماء إنَّ التحدي القادم سيكون بمعرفة كيفية تصرّف هذه الخلايا عند تعرّض الكبد للأذى، ومن المهم أيضاً معرفة فيما إذا كانت سرطانات الكبد ستنشأ في هذه الخلايا المُتضاعفة أم لا. كل هذا سيتوضح بأبحاث علمية لاحقة ومفيدة وسيكون لمعرفته فوائد كثيرة في جميع مجالات الطب الحديث.
المصادر:
البحث الأصلي: هنا