الهندسة والآليات > الروبوتات
عصر الآليات الصناعية المتطورة
في مطلعِ العامِ الحالي قام مارتين فورد Martin Fordبنشر كتابه بعنوان "نهضة الروبوتات – The Rise of Robots". إذا لم يكن العنوان كافيا لتنبيه الحواس و الشعور بالسوء فعلينا قراءة العنوان الفرعي: التكنلوجيا و التهديد من البطالة. على مدى أكثر من 350 صفحة ناقش فورد فكرة أن الاعتماد على الروبوتات و الآليات في تزايد، و أن التحسينات في خوارزميات الآلات و الذكاء الصنعي تمهد الطريق لمستقبل لا مكان فيه لكثير من الناس. مع أنه من غير المرجح لذلك بأن يحصل قريبا، أشار فورد إلى أن الروبوتات تتحسن في أداء وظائفها و تنتشر بشكل متزايد.
كذلك قام الاتحاد العالمي للروبوتات (IFR) بنشر إحصائية عن الارتفاع المتزايد على شراء الروبوتات. و تشير الإحصائية إلى أن مبيعات الروبوتات قد سجلت أعلى رقم لها في تاريخها في عام 2013. ففي عام 2013 ارتفعت مبيعات الروبوتات الصناعية بنسبة 12% لتسجل 178،132 وحدة، و يعتبر هذا أعلى رقم تم تسجيله خلال عام واحد فقط. حيث أن مبيعات الروبوتات الصناعية تتزايد بشكل مستمر لكل من قطاعات صناعة السيارات، الصناعات الكيميائية، صناعة المطاط و البلاستيك و بالإضافة للصناعة الغذائية. كذلك زاد قطاع الصناعات الكهربائية و الالكترونية أعداد الروبوتات المستخدمة في الإنتاج في عام 2013. حوالي 70% من مبيعات الروبوتات كانت في اليابان، الصين، الولايات المتحدة، كوريا و ألمانيا. ما بين عامي 2008 و 2013 كان معدل زيادة مبيعات الروبوتات حوالي 9.5 مع حصة سوقية للصين وهي الأكبر تتعدى 20%.
يبين الجدول التالي إحصائية تقديرية للشحنات السنوية للروبوتات الصناعية حول العالم:
لكن قبل أن يتوحد عمال العالم و يعملوا على إزالة تهديد الروبوتات لوظائفهم دعونا نلقي نظرة على التقدم و التطويرات في تكنلوجيا الروبوتات الصناعية.
- قريبة بما يكفي لحدوث احتكاك معها: بدأت الروبوتات الصناعية الحديثة العمل ضمن أماكن التصنيع منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي. معظمها كانت مبينة وفق شكل يحاكي ذراع الإنسان. على الرغم من أن هذه الآليات الميكانيكية مفيدة و غير ضارة إلى حد كبير، و لكن يجب على العاملين بجوار هذه الروبوتات أن يكونوا حذرين من حركة و سرعة و قوة هذه الروبوتات، في حال كان من المسموح لهم العمل بالقرب منهم. . أو قد يعانوا من إصابات خطيرة. - استخدام الروبوتات الأكثر أمنا: في الوقت الحالي تسيطر الروبوتات الضخمة السريعة على صالات المصانع في عدة قطاعات صناعية، و لكن من الممكن لروبوتات أكثر أمانا أن تجد طريقها لهذه المصانع. بطول 6 أقدام (183 cm)، تقريبا، يعتبر "باكستر" من أوائل الروبوتات الصناعية في العالم، التي تم تصنيعها وفق بيئة عمل خالية من الحواجز بين البشر و الروبوت. لإنجاز هذا العمل تم تجهيز "باكستر" بمجموعة من الحساسات التي تتحكم بحركة ذراعيه و يديه، و التي تتيح له أن يتأقلم ديناميكيا مع البيئة المحيطة. بالإضافة لذلك المستوى من الإدراك، يتميز "باكستر" بردود فعل لحظية تمكنه من التوقف السريع عن الحركة لتفادي الإصابات البشرية.
بالإضافة إلى أنه تم صنع "باكستر" مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل الأمان و السلامة، هنالك ميزة أخرى به تعتبر تقدما كبيرا في علوم الروبوتات و هي قدرته على التعلم من خلال ما يدعى بالاقتراحات الحركية. حيث يستطيع "باكستر" تعلم الوظائف الحركية التي يقوم بها العاملين معه، فيقوم "باكستر" بنسخ الحركة و تحويلها إلى برنامج الذي يقوم بدوره بتكرار الحركة.
- الإسراع إلى الفضاء: لطالما عرفت ناسا بصناعة بعض الأنظمة الأكثر تعقيدا و المصممة بدقة عالية. في الواقع، يتم في مركز أبحاث Langley التابع لوكالة ناسا في ولاية فيرجينيا تصميم و تحليل بعض مفاهيم المواد المركبة المتطورة. و لكن المركز لم يكن قادراً على بناء هياكل معقدة و كبيرة من المواد المركبة، على الرغم من أنه اعتبر كمركز للإبداع و التقنيات الهندسية المتطورة. لتجاوز هذا العائق الكبير للتقدم نحو التطوير، قامت ناسا بوضع ثقتها و الاستثمار في مشروع ISAAC (التجميع الإنشائي المتكامل للمواد المركبة المتطورة).
يوجد فقط ثلاث ماكينات من هذا النوع حول العالم و يعد ISAAC أحدها، و قد تم تصنيع الروبوت الخاص بوكالة ناسا لأداء وظيفة واحدة و هي إنتاج هياكل معقدة من المواد المركبة (مواد مصنوعة من البوليميرات و ألياف الكربون تتميز بخفة الوزن و الخواص ميكانيكية العالية تستخدم لصناعة المركبات الفضائية). لإنجاز هذه المهمة تم تجهيز ISAAC الذي كان في بادئ الأمر عبارة روبوت KUKA عملاق (شركة ألمانية لإنتاج الروبوتات الضخمة) برأس على شكل قرص يحتوي على أكثر من 16 بكرة من الشرائط متفاوتة النسبة لألياف الكربون. لبناء هيكل المركبة الفضاء، يقوم الروبوت بوضع أنماط مختلفة من ألياف الكربون و يبدل بين بكراته العديدة ليمنح المنتج عدد كبير من الخواص ميكانيكية عالية.
مع هذه القدرة سيتمكن القسم الهندسي في وكالة ناسا من إيجاد نماذج أولية لتصاميم جديدة، تطبيق محاكاة دقيقة للدفق الهوائي (Wind-Tunnel) و تسريع الزمن المستغرق لبناء و تحضير الحمولات و مكونات الصاروخ اللازمين للبعثات إلى المريخ و غيره ذلك. أيضا، و بالنظر إلى حجم ISAAC، إذا تم تجميع عدة روبوتات من نفس النوع فمن المحتمل أن يتم صنع هياكل هندسية عملاقة بسرعة. و بذلك من وجهة نظر معمارية، و وجهة نظر فضائية، فإنه من الممكن لروبوتات من نوعية ISAAC أن تكون عمال البناء المستقبلية.
- خطوة صغيرة نحو روبوتات ذاتية التحكم: خلال الثلاث سنوات السابقة عملت وكالة مشاريع بحوث الدفاع المتقدم (DARPA) على بذل الجهود في مشروع (DRC) أو تحدي DARPA للروبوتات. و كان الهدف من هذه المنافسة متعددة السنوات بناء روبوت على شكل إنسان بتحكم نصف ذاتي قادر على تنفيذ عمليات إنقاذ صعبة للبشر ضمن بيئات هندسة مخربة. و قد تم التقييم على أساس عدة سيناريوهات واقعية، حيث تحصل الروبوتات على نقطة على كل سيناريو تتجاوزه. و قد تضمنت الدورة ثمان سيناريوهات و هي: 1- قيادة سيارة ضمن مسار معين خلال 5 دقائق.
2- الخروج من السيارة و المشي باتجاه الهدف. 3- فتح و العبور من خلال باب.
4- فتح صمام 360 درجة.
5- قص شكل محدد مسبقا باستخدام مثقاب لا سلكي من جدار جبسي بسماكة نصف إنش. 6- التحكم بعنصر المفاجأة علما أنه تم الكشف عنه للفريق في يوم الاختبار.
7- المشي خلال حقل من الحطام أو الأرض الوعرة.
8- النزول من سلالم طائرة.
في نهاية الدورة فاز الفريق KAIST من جنوب كوريا على معهد فلوريدا من خلال العبور من عقباته خلال 6 دقائق فقط. و لكن ما هو سبب سرعة هذا الروبوت؟ لقد كان روبوت الفريق الكوري متميز لامتلاكه سيقان و عجلات مما جعله أكثر رشاقة عند عبور الأرض الوعرة.
روبوتات الوقت الحالي لا تزال لا تستطيع القيام بالحركة على طرفين. في حين نجد آلات تستطيع الركض على أربع أطراف مثل كلب بوسكن الديناميكي أو فهد معهد MIT لذلك لا يزال خبراء الروبوتات يعملون على تطوير خوارزميات لإبقاء الآلات متوازنة عند قيامها بحركة رشيقة كالمشي. بغض النظر عن ضرورتها، أشارت معضلة المشي إلى صعوبة بث الحياة في الآلة، حتى من خلال أبسط المهام. و لكن الروبوتات بتطور مستمر لتكون مستقلة و ذاتية الحركة.
إن الروبوتات الصناعية تتطور بشكل كبير بدون أي شك بذلك. فهي تصبح أكثر قدرة و ذكاءً يوماً بعد يوم. و لكن لا زلت حتى أبرع الروبوتات غير قادرة على مضاهاة البشر في معظم المكاتب بين أرض المعمل و مجلس الإدارة. لذلك من المستحيل النظر لفكرة فورد على أنها واقع على المدى القريب، و من غير المحتمل أن تصبح واقعا في المستقبل القريب. لذلك من المستبعد أن يصبح العديد من البشر بلا عمل في أي وقت قريب، على أقل ليس مع تكلفة زميل هيدروليكي.
المصدر: