الطب > مقالات طبية
أهمية المخاط والحالة الطبيعية له ودلالاتها
المُخاط شيءٌ نمتلكهُ جميعنا، وعلى الرغم من أنَّ معظم الناس يرغبون في التخلص من هذا النسيج المُخاطيّ المُزعج وخاصةً في حالات الزكام التي يزداد فيها إفراز المُخاط، إلا أنّه ذو أهمية كبيرة.
المُخاط مُهمٌ جداً لأجسادنا، فهو كالزيت في مُحرّك السيارة، وبدونه يتوقف المُحرّك عن العمل.
مُهمّة المُخاط:
يوجد المُخاط في أجسادنا على شكلِ نسيجٍ يغطي كُلاً من الفم والأنف والجيوب والحنجرة والرئتين والسبيل الهضميّ. يوجد المُخاط في هذه المناطق على شكلِ غطاءٍ يحمي النُسج الأُخرى تحتهُ منَ الجفاف. وفي حال غابَ المُخاط سوف تجفُّ هذه المناطق وتتشقق. يعمل المُخاط أيضاً كمصفاة تعلَقُ بها الجزيئات غير المرغوب بها كالجراثيم والغبار وذلك قبلَ دخولها إلى أجسادنا. فمنَ المهم جداً أن نُحافظ على أعضائنا عقيمةً.
ولكنَّ المُخاط ليس مُجرّد مادة دَبِقة. فهو يحتوي على الأجسام المُضادة التي تساعد الجسم في التعرّف على الجراثيم والفيروسات، كما يحوي أنزيمات لقتلها أيضاً. إضافةً إلى احتوائهِ على بروتينات لجعله غير مُحبّب لتكاثر الجراثيم واستضافة الطُفيليات، وكذلك يوجد فيه عددٌ كبيرٌ من الخلايا.
لماذا نفرز كميّة كبيرة من المُخاط؟
يفرز الجسم كميّة كبيرة من المُخاط حتى عند خلوِّ أجسادنا من الأمراض، حيث يقوم الجسم بإفراز حوالي 1 إلى 1.5 ليتر من المُخاط يوميّاً. يُفرَز معظم هذا المُخاط في منطقة الحنجرة.
قد تُلاحظ وجود المُخاط، ليس لأنّكَ تفرز الكثير منه ولكن لأنّ قوامهُ قد تغيّرَ، وغالباً ما يتغيّر المُخاط نحو كثافة أعلى. ويمتلك بعضُ الناس مُخاطاً ذو قوام لزج ودَبِق أكثر من سواهم.
نفرز المُخاط بكمياتٍ زائدةٍ في حال الإصابة بالزكام أو الحساسية تجاه شيء ما أو في حال تعرُّضنا لموادٍ مهيّجةٍ. وعلى سبيلِ المثال، فإنَّ تناولك لطبق حارٍّ من الطعام سوف يزيدُ الإفرازات المُخاطية بشكلٍ كبيرٍ. وكذلك خلال الربيع نُصاب بالحساسية غالباً نتيجة التعرُّض لحبات الطّلع ونُلاحظ زيادة إفراز المُخاط. خلال هذه الحساسية تقوم الخلايا الكبيرة Mast Cells (وهي الخلايا المسؤولة عن ردود الأفعال عند الإصابة بالحساسية) بإفراز الهيستامين الذي يُحفّز بدوره على الحكّة والعُطاس واحتقان الأنف. يقوم النسيج المُخاطي بإفراز السوائل فيبدأ أنفك بالسيلان.
شرب الحليب قد يُحفّز لدى بعض الأشخاص إفراز المزيد من اللُعاب. ويعود سبب هذهِ الظاهرة إلى وجودِ منعكسٍ يتحفّزُ عند تناولِ الطعام. فكما يُحفّز الطعام الحارّ هذا المنعكس لإفراز المُخاط عند بعض الناس، كذلك تُحفّز بروتينات الحليب نفس منعكس الاستجابة هذا أيضاً. وعلى الرغم من أنُّكَ قد تشعُر بالمزيد من البلغم عند شُرب الحليب، لا يجب أن تقلق من خطر ازدياد سوء الزكام لديك.
لِمَ يتغيّر لون المُخاط؟
لا يمتلك المُخاط اللون نفسه دوماً، ولعلَّ معظمنا لاحظ هذا الشيء من حينٍ لآخر. حيث يتغيّر لون المُخاط من أصفر إلى أخضر أو مائل للحُمرة أو مائل للبُنيّ. فما الذي تعنيهِ هذهِ الألوان؟
هنالك فكرة سائدة بأنّه إذا كان لديك مخاط أصفر مثلاً، فإنَّ هذه إشارة إلى وجود التهاب ما في المنطقة. ولكن هذه المعلومة خاطئة لأنّه ليس للجراثيم علاقة بظهور اللون الأصفر أو الأخضر.
عندما تكون مُصاباً بالزكام فإنَّ جهازك المناعي سيُرسل كُرياّت الدم البيضاء (العدلات) إلى المنطقة، والتي تقوم بإطلاق أنزيماتها ذات اللون الأخضر. وفي حال كان عددها كبيراً فيصبح بإمكانها أن تُغيّر لون المخاطية إلى اللون الأخضر.
ولكن من الممكن أيضاً أن يكون المُخاط بلونٍ شفّافٍ تماماً وأن تكون مصاباً بالتهاب شديد في الجيوب أو في الأذن. فعند إصابتك بالالتهاب ستظهر لديك أعراض أخرى غير اللون كالاحتقان، ارتفاع درجة الحرارة أو وجود ضغط في منطقة الجيوب.
أمّا إذا كان المُخاط متعدد الألوان فإنَّ هذا يعود إلى اختلاف بالتركيز. فالمُخاط الدَبِق السميك غالباً يكون بلون أخضر.
قد يبدو المُخاط أحياناً بلونٍ مائلٍ للأحمر أو للبُنيّ، وخاصّةً في حال تعرُّض الأنف للجفاف أو للمُخرّشات الشديدة مثل فركِه بقوة أو النفخ بقوة. معظم الدم يأتي من منطقة داخل فتحة الأنف مباشرةً وهذه المنطقة غنية جداً بالأوعية الدموية.
ظهور كمية قليلة من الدم في المُخاط لا يُعدّ مشكلة كبيرة، ولكن في حال ظهور كميّات كبيرة مستمرة فعليكَ مراجعة طبيبك.
كيف يمكن التخلُّص من المُخاط؟
يرغب العديد من الأشخاص المصابين بالتهاب الجيوب الأنفيّة المزمنة بالتخلُّص من مُشكلة الإفراز الزائد من المُخاط وذلك بأن يستخدموا مُزيل الاحتقان أو مُضاد الهيستامين. يعمل مُضاد الاحتقان على تضييق الأوعية الدموية، ممّا يقلّل من تدفُّق الدم إلى المنطقة، وبالتالي يساعد على التقليل من كميّة المُخاط. تساعد مُضادات الاحتقان في حال لم يَكُن بإمكانك التنفس بسبب الزكام مثلاً. ولكنها ليست جيدة في حال كان المُخاط سميكاً. والسبب أنَّ مُضادات الاحتقان تُسبّب الجفاف فتشعُر أنّ المُخاط سميك وبالتالي تقوم بأخذ المزيد منهُ، والنتيجة هي الدخول في حلقة مُفرغة من إفراز المُخاط. ويوجد أيضاً آثار جانبيّة لمُضاد الاحتقان كالدوار وارتفاع ضغط الدم.
أمّا بالنسبة لمضاد الهيستامين فإنّهُ يوقف إفراز الهيستامين المسؤول عن رد الفعل التحسُّسي فهو يحفّز النسج في الأنف على إفراز المُخاط وبالتالي يُسبّب سيلان المُخاط في الأنف. كذلك يوجد آثار جانبيّة لمُضاد الهيستامين كالنُعاس والدوار والصُداع وجفاف الفم.
وهناك عقار آخر هو الغايفنسين Guaifenesin الطارد للبلغم. ومن أعراضه الجانبيّة المُحتملة الدوار والصداع والغثيان والإقياء.
ملاحظة هامّة: لا تقُم بأخذ الدواء دون استشارة الطبيب.
المصدر: