الهندسة والآليات > الروبوتات
مسابقة واحدة يمكنها إنقاذ العالم من الكوارث ... أبطالها الروبوتات
حرائق ، عواصف، سيول جارفة، أعاصير، حروب مدمرة، نزاعات محلية أو دولية، كلها تشكل حال كوكب الأرض اليوم. ومن باب التحلي بالمسؤولية والخوف على مصير البشرية، قررت وكالة أبحاث مشاريع الدفاع المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إدخال الروبوتات في عمليات مواجهة الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان، ومن أجل ذلك قامت بتنظيم مسابقة يتحدد من خلالها الروبوت المنقذ للبشرية ... تعالوا معنا لنتعرف سوية على المسابقة التي ستساهم في إنقاذ البشر من الكوارث ومساعدتهم على مواجهتها.
المهام التي يتعين على الروبوتات اجتيازها خلال منافسة تحدي روبوتات داربا
أن تبني روبوتاً فهو بحق أمرٌ رائع، ولكن أن تقوم بتنظيم تحدي لهذه الروبوتات للتنافس فيما بينها فهو أمر أكثر من رائع.
60 دقيقة أو أقل، وثمانية مهام متسلسلة هي كل ما تحتاجه روبوتات وكالة أبحاث مشاريع الدفاع المتقدمة (داربا) التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية لكي تتسابق من أجل الفوز بتحدي روبوتات داربا. في مقالنا التالي سنلقي الضوء على هذه المهام، وسنقوم بتحليل وتفصيل جميع القواعد التي يجب على الروبوتات إتباعها للفوز بالمسابقة.
ما هو تحدي روبوتات وكالة أبحاث مشاريع الدفاع المتقدمة؟
إن تحدي روبوتات داربا هو عبارة عن منافسة تقام بين أنظمة الروبوت وفرق البرمجة الخاصة بها من أجل تطوير روبوتات قادرة على مساعدة البشر في الاستجابة والتعامل مع الكوارث الطبيعية والمسببة من قبل البشر. وقد تم تصميم هذه المسابقة لتكون صعبة للغاية تحاكي الظروف الواقعية. وفي ختام هذه المسابقة، يحصل الفريق الفائز على 2 مليون دولار أمريكي.
تمثل الفرق المشاركة في المسابقة أكثر منظمات التطوير والبحث تقدماً في العالم في مجال الأنظمة الروبوتية، وعلى هذه الفرق التعاون وابتكار أنظمة روبوتية جديدة خلال فترة زمنية قصيرة جداً ويتم خلالها أيضاً تطوير العتاد الصلب والبرمجيات، والحساسات، وواجهات التحكم البشرية التي تقوم بتمكين روبوتاتهم من إكمال مهام التحدي التي تحددها وكالة أبحاث مشاريع الدفاع المتقدمة لمحاكاة وتقييم أداء هذه الروبوتات مع الكوارث.
مخطط سير المهام ضمن المنافسة، مع الإشارة إلى عامل الوقت الذي يبلغ ساعة واحدة فقط.
المضمار:
يتم تنظيم هذه المسابقة في مدرجات "فيربليكس" في منطقة بومونا بولاية كاليفورنيا. حيث يحظى كل متفرج بمتابعة كاملة لكل نشاط للربوتات ضمن المضمار. يتم إجراء المسابقات التحضيرية على أربع حلبات متطابقة يتم التمييز بينها من خلال الترميز اللوني.
في حلبة السباق النهائي لتحدي الروبوتات، يتم إحداث بعض التغييرات عن حلبات التجارب. فيتم تقليص حجم مضمار السباق بكل تفاصيله، فبدلاً من ثلاثة أبواب أصبح هناك باب واحد فقط، وبدل تلتين من التلال الوعرة التضاريس تم استبدالهما بتلة واحدة. وبدل المنحدرات الحادة الشائعة، يتم إضافة عدة منحدرات أقل انحدارا. كل هذه التغيرات هي في سبيل تمكين الروبوتات من الوصول إلى نقطة النهاية وتحقيق أكبر قدر من النقاط خلال فترة الستين دقيقة التي تمثل المدة الزمنية للتحدي. وهذا يدفع بالفرق المشاركة لتغيير استراتيجيتها مع اشتداد المنافسة وبذل أقصى جهده للحصول على النقاط الثمانية الخاصة بالمسابقة.
فرق الروبوت أثناء مراقبتها لكيفية أداء روبوتاتها للمهام الخاصة بها.
في بداية المنافسة، تكون مهمة قيادة المركبة ومن ثم مهمة الترجل من المركبة أولى مهام المسابقة. ثم تأتي مهمتي تخطي الأنقاض وصعود السلالم. أما بالنسبة للمهام الداخلية الثانوية (فتح الباب، إدارة الصمام، ثقب الجدار، والمفاجأة)، فإنه بإمكان الروبوت إكمالها وفقاً للترتيب الذي يراه مناسباً. ويمكن إيقاف أي مهمة أو تخطيها لإكمالها لاحقاً أو تركها دون الحصول على أية عقوبة.
مهمة قيادة المركبة:
مهمة القيادة التي يقوم بها الروبوت وهي أولى مهام المسابقة.
تبدأ المسابقة عندما يتم تشغيل الحارس بولاريس (X-900)، والذي يعطي الفرق المشاركة فترة خمس دقائق لإجراءات أية تعديلات طفيفة على الروبوتات من أجل تشغيل السيارة الخاصة بكل روبوت. وجعل هذه الروبوتات تمسك بقبضة السيارة قيد التشغيل.
لتشغيل السيارة، على الروبوت الضغط على دواسة البنزين والتحكم بعصا التوجيه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الفرق المشاركة تتجنب عملية الكبح للسيارة التي يقودها الروبوت عن طريق تخفيض تسارع هذه السيارات أثناء المهمة الأولى.
على الروبوتات أن تتحسس وتتجنب العوائق، وإجبار السيارة على التوجه بشكل لطيف ومتزن وأقل حدة. ويتم كسب نقطة عندما يستطيع الروبوت تجاوز جميع العوائق دون صدم أي عائق في طريقه أثناء قيادته للعربة. وأي روبوت يترجل أثناء هذه المهمة أو لا يلتزم بمضمار السباق يخسر نقطة واحدة.
مهمة الترجل من السيارة:
عملية ترجل أحد الروبوتات المشاركة من السيارة ضمن مهمة الخروج من السيارة.
الترجل والخروج من السيارة يعتبر إحدى أكثر المهام صعوبة في نهائيات تحدي روبوتات داربا، لأن على الروبوت تخليص نفسه من مقعد القيادة وفق حركة معقدة. ثم عليه توجيه ثقله وضبط توازنه إلى خارج العربة. وهنا لا بد من القول أن هذه العملية فيها الكثير من الإبداع التقني، حيث أنها المهمة الأكثر خطراً على الروبوت بسبب احتمالية سقوطه الكبيرة أثناء الخروج من السيارة. في هذه المهمة يكون من المفضل دوماً لو استطاع الروبوت ركن سيارته ضمن المكان المخصص لها للركن ضمن مضمار السباق.
مهمة فتح الباب:
مهمة فتح الباب ضمن المسابقة.
يبلغ عرض الباب حوالي 33 إنش (92 سم)، ويمتلك مقبض ذراع، ويمكن فتح الباب بعد تدوير المقبض. وهنا تجدر الإشارة إلى عدم وجود عتبة للضغط على المقبض، فحالما يتم تدويرها يتم فتح الباب.
مهمة تدوير الصمام:
مهمة تدوير الصمام التي تعتبر من المهام المتوسطة الصعوبة.
يبلغ قطر الصمام بين 10 سم و 40 سم، ويتم تدويرها بعكس عقارب الساعة، وكل عملية تدوير كاملة للصمام يحصل منها الروبوت على نقطة واحدة.
مهمة حفر الحائط:
أحد أكثر المهام صعوبة هي مهمة حفر الحائط ذو الدائرة السوداء.
في مهمة حفر الحائط، يمكن للروبوت الوصول إلى نوعين مختلفين من الحفارات موضوعين على رفين مختلفين. وهذه الحفارات تعمل بطاقة البطارية التي تكون مشحونة بشكل كامل. عملية تركيبها لا تعتبر سهلة بتاتاً بالنسبة للروبوت.
ما أن يقوم الروبوت بتركيب قبضة الحفر، يبدأ حينها بعملية الحفر. حيث يقوم الروبوت بحفر حائط جاف حتى سماكة نصف إنش (1.35 سم) ويضع بعدها دائرة سوداء على محيط الحفرة أو الثقب إن صح التعبير. الهدف من هذه المهمة هو اختبار دقة الروبوت في حفر الدائرة السوداء بالكامل دون ترك أي جزء منها على الحائط. وفي حال نجاح الروبوت بذلك يكتسب نقطة جديدة، حتى لو قام بإسقاط الحفرة ضمن الخرسانة داخل الجدار.
اختبار المفاجأة:
مهمة المفاجأة التي تختبر كيفية اختيار القرار وتأدية المهمة ضمن المسابقة.
هذه المهمة هي عبارة عن صندوق صغير مثبت إلى الحائط. ضمن هذا الصندوق يوجد شيء على الروبوت أن يقوم بالتقاطه. وهذا الشيء قد يكون زراً أو قاطع حماية أو أي شيء آخر. وفي حال قدرة الروبوت على تشغيل هذا الشيء مهما يكن نوعه فإنه يكتسب نقطة واحدة.
مهمة تخطي الأنقاض والركام:
تخطي التضاريس وجرف الركام والحطام من ضمن مهام الروبوت المشارك في المنافسة.
في مهمة التخطي على الروبوت الاختيار بين التعامل مع التضاريس أومع الحطام والأنقاض. و لكن لا يمكن للروبوت أن يكتسب أكثر من نقطة على هذه المهمة حتى لو قام بأداء هاتين المهمتين معاً. وتشير قواعد المسابقة إلى إمكانية الروبوت على تحريك وجرف الأنقاض أمامه حتى بيديه، وبالتالي زيادة الخيارات لطرق القيام بهذه المهمة.
مهمة صعود السلالم:
صعود السلالم، المهمة الأخيرة التي تحدد بعدها هوية الفائز.
يقوم الروبوت في هذه المهمة بصعود السلالم حتى الوصول إلى قمة السلم حيث يجب أن تكون كل نهايات الروبوت (أذرع، أرجل، الخ) فوق أخر عتبة من الدرج حتى يكتسب بعدها نقطة واحدة تشير إلى نهاية المسابقة.
قواعد التحدي:
- الوقت:
تمتلك الروبوتات 60 دقيقة من لحظة ركوب الروبوت للسيارة إلى لحظة صعود السلالم. وعلى كل روبوت أن يجتاز الدورة أو المسابقة مرتين، واحدة في يوم الجمعة والأخرى في يوم السبت.
- الاتصالات:
لا يوجد أي نوع أو شكل من الاتصالات بين الروبوتات والإنسان المشغل للروبوت. فكل ما على المشغل هو القيام بمراقبة كيفية أداء روبوته لمهامه. والطريق الوحيدة للروبوت لمعرفة ما يحدث في محيطه هو عن طريق الاعتماد على الحساسات الموزعة على هيكله. ففي حال كان الاتصال اللاسلكي سيئاً، فعلى الفريق العمل في حدود منطقة الروبوت لمساعدته على إعادة الاتصال بجودة مقبولة.
- السقوط:
لا يوجد أي عوامل أمان من السقوط. ففي حال سقوط الروبوت عليه أن يتعامل مع تلك الحالة بنفسه. والأهم ألا يلحق ضرراً كبيراً بهيكله أثناء النهوض.
- إعادة التعيين:
في حال سقوط الروبوت وعدم قدرته على النهوض ثانية، فإنه يمكن للفريق الخاص به طلب إعادة تشغيله. وفي حال قبول الطلب، يتجه أعضاء الفريق مزودين بالأدوات اللازمة لإعادة الروبوت إلى وضعية النهوض مجدداً مع التقيد بإخراج الروبوت خارج منطقة المهمة المحددة لضمان عدم خسارته للنقطة أثناء تأدية مهمته.
يجب التنويه هنا إلى أن عملية إعادة التشغيل التي قد تستغرق غالباً حوالي العشر دقائق تحتسب من ضمن مدة المسابقة البالغة 60 دقيقة. كما يمكن للفريق وصل الروبوت بجهاز الحاسب المحمول لتحميل أو تعديل أي برمجية مفقودة للروبوت أثناء عمله.
- التسجيل:
تعتمد عملية تسجيل النقاط أولاً على قدرة الروبوت على إنجاز المهمة، وثانياً على الزمن اللازم لإنجاز هذه المهمة. فالروبوت الذي يحقق ثمانية نقاط (مهام) خلال 59 دقيقة يحصل على نتيجة أعلى من الروبوت الذي حقق 7 مهام خلال دقيقة واحدة. وفي حال التساوي بعدد النقاط يتم اللجوء إلى مقدار الفاصل بين الزمني بين الروبوتات المتساوية في النقاط.
وفي الختام نجد أنه من الممكن أن تلعب الروبوتات في المستقبل القريب دورا كبيرا في عمليات الإنقاذ في حالات الكوارث وفي إغاثة المناطق المنكوبة. ومن هذا المنطلق نرى أنه يترتب على المهندسيين مسؤولية كبيرة في تطوير تقنيات تساهم في مساعدة البشرية على حفظ الأرواح.
المصدر: