الفنون البصرية > فنان سوري
كاظم خليل: ريشةٌ جريئة و سحرٌ متفرّد
يمكنكم الاستماع للمقال عوضاً عن القراءة
عندما تتحوّل اللوحاتُ إلى صرخةٍ إنسانيةٍ مدويّة، إلى سلاحٍ يوثّق الوجع الإنسانيّ بشكلٍ عام والسوريّ بشكلٍ خاص لا بدّ وأن يلمع اسم الفنان السوري كاظم خليل كواحدٍ من الفنّانين الذين أبدعوا فجادت ريشته بعوالم اللون الساحرة برؤيةٍ جديدة تثير الكثير من التساؤلات.
وُلد كاظم خليل في مدينة اللاذقية عام 1965، درس في كلية الهندسة الكهربائية في جامعة تشرين باللاذقية، ودرس الفنّ في معهد الشارقة للفنون الجميلة بين عامي 1997 و 2000 لينتقل بعدها إلى فرنسا ويستقرّ فيها.
هو عضو اتّحاد الفنّانين التشكيليين العرب والرابطة الدولية للفنون في اليونيسكو وعضو النقابة الوطنية للفنانين المحترفين في فرنسا.
إذا كنّا نستلذّ بطعم القهوة ورائحتها فإن الفنان كاظم خليل أضاف لها متعةً من نوعٍ آخر عندما كان أول من استخدم القهوة كمادةٍ أساسيةٍ لإنجاز لوحة متكاملة، إذ بدأ بهذا الأسلوب في عام 1983 بعد أن كان يرسم بالحبر.
قهوة:
اشتهر أسلوبه في رسم البورتريهات (وجه - رأس)، حيث ترى الوجوه التي تفيض بالتناقض، الهلع، السكينة، صراع البقاء، والتاريخ بعمقه وأبعاده وحتى تشوّهاته.
ففي هذه الصورة مثلاً نجد إعادة تصوير ورسم لوحة القزم لفيلاسكيز بريشة كاظم خليل، فنرى كيف أن الألوان وطريقة الرسم تختلف كلياً عن المفهوم السائد للبرورتريه:
تحرّضك لوحاته على طرح المزيد من التساؤلات وأحياناً ربما تجبرك على الصمت، الصمت فقط أمام هذه التفاصيل، أمام هذه العيون التي تلاحقك أينما جال نظرك.
فإذا أخذنا مثلاً لوحته (المذبح - خشبة التقطيع) وهي اللوحة التي منحته الميدالية البرونزية في صالون "باريس: فنون العاصمة"، هذه اللوحة الزيتيّة التي رسمها بطريقةٍ ربما يراها البعض استفزازية إذ أبقى على معظم اللوحة فارغة واستقرّ الرسم في الجزء الأعلى منها حيث نرى رأساً يبدو وكأنه في الأفق وحيداً، عيناه تنظران إلى الأسفل مع وجود بضع قطراتٍ من الدماء واضحة لا تستطيع إلا أن تأخذ حيّزها من اللوحة، وقد قال عن هذه اللوحة رداً على سؤالٍ حول عدم إنهاء اللوحة:
(إنّه باكتمال اللوحة تتناقص الفكرة، وسأل: هل اكتملت حياة يوحنا المعمدان؟ أو أدونيس؟ أو هيلوفرين؟ أو الحسين؟ ولم تكتمل القيم الفكرية والإنسانية التي بُنيت عليها تلك الحوامل الثقافية لهؤلاء الضحايا المقدسين ضد المفاهيم البدوية والسلطة الذكورية)
تنوّعت أساليب الرسم عنده، بالإضافة للرسم بالقهوة كانت هناك رسومات غرافيكية، وكروكيات بالحبر الصيني والأتربة المعدنية.
وللمرأة حصّتها ومكانتها في رسومات فناننا، فهي المنحدرة من سلالات الآلهة السورية القديمة، القويّة المستقلّة التي لا تطغى بوجودها على الذكر وإنما تكمّله بكل ما أوتيت من قداسة.
وكأيّ إنسانٍ عاشقٍ لوطنه، حمل كاظم خليل وجع السوريين بين ثنايا لوحاته ليصبّه ألواناً تنطق بالمأساة تارة وبالكفاح تارة أخرى، لا تخلو لوحاته من لمساتٍ إنسانيّة تجعل عينك تلمع بالدمع ربما متأثراً بهذا المزيج الذي يحلّق بك إلى عوالم من الجمال.
لا تستطيع أن تمرّ مرور الكرام على أعمال هذا الفنان المتفرّد، لا بدّ أن تلاحقك خيالات رسومه، تهزّ عرش برودك تجاه اللون، تمسك بيدك لتغوص في تفاصيلَ شيّقة صادمة جريئة.
لا أملك إلّا أن أقول ختاماً أنه أخذ اللون من شَعرِه ليضفيه على باكورة أعمالٍ حازت على العديد من الجوائز الدولية نذكر منها:
الجائزة الأولى من معرض صور في متحف الشارقة، الإمارات العربية المتحدة 1999
الجائزة الخاصة للطبعة الثامنة عشرة للمعرض السنوي للجمعية الإماراتية للفنون التشكيلية 1999
بري سينياتور "جائزة التوقيع" في المعرض السنوي عام 2002 الذي تقيمه النقابة الوطنية الفرنسية للفنانين المحترفين، والتي أصبح عضواً مقرراً في لجنتها التحكيمية للأعوام ٢٠٠٤،٢٠٠٥ ،٢٠٠٦
جائزة الرسم والنحت من معرض مينتيري إنجيه، فرنسا 2002
جائزة مسابقة "مون مارتر بريوليه" 2003
الجائزة الأولى للفنانين المحترفين (مسابقة مون مارتر بريوليه) 2004
الجائزة الأولى (الاحترافية) للأعمال الفنية لتقنيات الرسم على الورق (سان لوب)، فرنسا 2005
الجائزة الأولى لتجمع الفنانين الفرنسيين للرسم والعرض المباشر أمام الجمهور (سان مالو)، فرنسا 2006
جائزة الرسم والتصوير لعام 2010 في "الغراند باليه" تظاهرة فنون باريس العالمية
والكلمة مهما أبدعت الوصف تبقى عاجزة أمام لوحاتٍ تعصف بالمزاج وتأخذه إلى أقصاه، مهما كان هذا المزاج، لا تروّضه وإنما تطلق له العنان.
لذلك لن نختم المقال بكلماتٍ برّاقة وإنما سنكتفي بمنح القارئ بعض الفضول ليستمتع بما قدّمه لنا كاظم خليل.
ولمزيد من الإطلاع على أعمال الفنان ننصحكم بزيارة صفحته الشخصية والاستمتاع بأعماله كاملةً.
المصادر: