الهندسة والآليات > الطاقة
نظام توليد الكهرباء المستوحى من الأعشاب البحرية
دفعت التهديدات الناتجة عن تغيرات المناخ المهندسون إلى البحث عن طرقٍ جديدة لتوليد الكهرباء، إحدى هذه الطرق الحديثة مستوحاة من الطبيعة وبالتحديد من حركة أعشاب البحر الموجودة في قاع البحار والمحيطات. فآلاف الأطنان من المياه الموجودة في المحيطات هي في حالة حركة مستمرة من الارتفاع و الانخفاض والتي يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية.
تنتج أمواج المحيط بالقرب من الساحل حوالي 2 تيرا واط من الطاقة كما أن نصف سكان العالم تقريباً يعيش بالقرب من المحيطات، وهنا يبرز السؤال لماذا لايتم الاستفادة من أمواج البحار والمحيطات وتحويلها إلى كهرباء أحد مصادر الطاقة الرئيسية. فمنذ أن استطاع العلماء والمهندسون تسخير الطبيعة في توليد الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة كالشمس والرياح والحرارة الأرضية كانت توربينات الرياح ذات المحور الأفقي ثلاثي الشفرات هي النموذج الأكثر فاعلية والأفضل اقتصادياً، حيث أنه لم يتم التوصل مسبقاً إلى نظام توليد كهرباء اعتماداً على الأمواج بسعر معقول. وقد يعتقد البعض أنه لايمكن توليد الكهرباء بهذه الطريقة وبكلفة مناسبة، إلا أنه’ قد قيل ذلك من قبل عن الطائرات والخلايا الكهرضوئية والعديد من التكنولوجيا التي نستخدمها حالياً .فقد توصل الباحثون مؤخراً إلى جهاز للاستفادة من أمواج البحر يدعى bioWave وهو عبارة عن نواس مقلوب يتمايل إلى الأمام والخلف مع الأمواج تماماً مثل أعشاب البحر (الفكرة التي تعتمد بشكل أساسي على استخدام طاقة الأمواج في توليد الكهرباء).
الـBiowave يبلغ طولها 26 متراً ولديها خزانات (شفرات) قابلة للطفو توضع في الأعلى وتتمايل وفقاً لاتجاه الأمواج ثم تتصل بعدها بالمولد. وقد تم التوصل إلى هذا التصميم (الشكل الاسطواني) بعد أبحاث مطولة حتى توصل المهندسون إلى أن الشكل الاسطواني هو الأنسب للمياه متوسطة العمق و الذي لهُ القدرة على الحصول على كمية أكبر من الطاقة في ظروف التخميد الدقيقة مقارنة مع باقي التصميمات المطروحة. و في الظروف الجوية السيئة كالعواصف التي يتم كشفها بواسطة حساسات الأمواج يقوم نظام التحكم بملئ الخزانات بالماء لتنخفض و تتمدد بشكل أفقي على قاع المحيط لحمايتها من أي ضرر أثناء العاصفة. وعندما يصحو الطقس مجدداً يتم تفريغ الخزانات (الشفرات) من الماء عن طريق الهواء المضغوط (تماماً مثل نظام التوازن الخاص بالغواصات) لتعاود الـ bioWave حركتها الخطية من جديد.
الفيديو التالي يوضح حركة الـ bioWave :
ولكن كيف تقوم بتوليد التيار الكهربائي؟
بما أن التردد يتغير مع مرور الوقت لذا فإن عملية ضبطه ضرورية جداً حتى يتطابق مع تردد الشبكة أثناء توليد الكهرباء. ولتحقيق ذلك فإن الـ bioWave تستخدم وحدة O-Drive والتي هي عبارة عن محول ذاتي للطاقة، يقوم باستخدام الحركة الخطية للشفرات ذهاباً وإياباً ليضغط خزان السائل الهيدروليكي. يقوم المحرك الهيدروليكي بقيادة مولد استطاعته 250 كيلو واط، والذي ينتج بدورهِ كهرباء بتردد مطابق لتردد الشبكة. وقد تم تصميم وحدة "O-Drive " بحيث تكون قابلة للفصل عند أعمال الصيانة الدورية حيث يقوم المهندسون بفصل الوحدة وإخراجها الى السطح لإجراء الصيانة الضرورية لها.
وكما سنشاهد في الفيديو التالي فعند تحرك الشفرات بفعل الأمواج نحو الجهة اليمنى يقوم المكبس الأيمن بضغط السائل القادم من الخزان الهيدروليكي والذي تم سحبه عند تحرك الشفرات إلى الجهة اليسرى، وبالعكس فعند تحرك الشفرات نحو الجهة اليسرى يقوم المكبس الأيسر بضغط السائل القادم من الخزان الهيدروليكي والذي تم سحبه عند تحرك الشفرات إلى الجهة اليمنى وهكذا.. يتجه بعدها السائل المضغوط إلى المراكم الذي يقوم بحفظ السوائل المضغوطة ونقلها عند ضغط محدد إلى المحرك الهيدروليكي، الفرق بينه وبين المحرك الكهربائي أن المحرك الهيدروليكي لا يستمد طاقته من الكهرباء وإنما من طاقة السوائل المتدفقة إليه.
تابعوا معنا الفيديو التالي الذي يوضح طريقة عمل نظام الـ bioWave مع وحدة O-Drive:
متى سيتم تطبيق هذا النظام ؟
في الواقع فإن شركة BioPower تبحث منذ عشر سنوات في مجال طاقة الأمواج وقامت بإجراء العديد من الاختبارات على تصميمات صغيرة حتى توصلت إلى أول نموذج من الـ bioWave وباستطاعة قدرها 250 كيلو واط تم تركيبه قبالة الساحل الجنوبي لاستراليا. المشروع الذي تم تمويله من قبل وكالة الطاقة المتجددة الاسترالية "ارينا" بمبلغ 11 مليون دولار، فيما كانت التكلفة الكلية حوالي 21 مليون دولار. ويتوقع أن يُساهم هذا المشروع بمقدار 250 كيلو واط من الطاقة المتجددة لسوق الكهرباء المحلية الاسترالية.
تقول الشركة أنه سيتم تشغيل النظام في مطلع شهر تشرين الثاني من هذا العام. وبعد سنة على الأقل من الاختبارات سيقوم المهندسون بتحليل النتائج وتعديل التصميم بحيث يمكن الوصول إلى مولد باستطاعة 1 ميغا واط.
وهكذا نرى أنه لم تبقى طريقة في الطبيعة إلا واستثمرها الإنسان في توليد الطاقة الكهربائية، يبقى السؤال هل سيتم تطبيق هذه التقنية في بلادنا يوماً ما..
المصادر: