البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
التجارب السريرية للقاح جديد ضد انفلونزا الطيور
قام فريق الباحثين من جامعة LMU في ميونخ الألمانية بقيادة البروفيسور Gerd Sutter بالتعاون مع البروفيسور Albert Osterhaus وفريقه من مركز إيراسموس الطبي في روتردام الهولندية بتطوير لقاح موجّه ضد فيروس انفلونزا الطيور H5N1.
يعتمد هذا اللقاح على استخدام النسخة المُختَبَرة والمُجَرَّبة للقاح الـ MVA (لقاح الجدري المعدّل) الذي تمّ تطويره قبل أكثر من 30 سنة ليُستَخدَم بفعالية من أجل التمنيع ضدّ فيروس الجدري. أمّا الآن فهو يُستَخدم كثيراُ كأساس لإنتاج واختبار لقاحات نوعية جديدة ضدّ العديد من الفيروسات المُمرضة والبروتينات السرطانية الخاصة.
إنّ قدرة جينوم الـ MVA على استيعاب جينات ذوات مصادر خارجية مختلفة سمح للباحثين باستخدام طُرُق البيولوجيا الجزيئية لإدخال الجينات الأجنبية والمرمّزة لبروتينات محددة وخاصة بفيروسات أخرى على سبيل المثال. بعد ذلك يتمّ استعراض هذه البروتينات على سطح الخلايا المصابة بالـ MVA فتلعب دور المستضدات، مما يدفع الجهاز المناعي إلى توليد الأجسام المضادة أو الأضداد ضدّ الفيروس الهدف، مثلاً ضد فيروس انفلونزا الطيور H5N1 كما في حالتنا هذه. بهذا الشكل يكون هدف هذا اللقاح هو تحفيز الجهاز المناعي على إنتاج الأضداد الوقائية والقادرة على منع الإنسان من الإصابة بفيروس انفلونزا الطيور.
أظهرت الاختبارات ما قبل السريرية للقاح H5N1 المُستند على MVA أنّه يتمتّع بقوة مناعية كبيرة وأمان في العديد من النماذج الحيوانية المجَرّبة. كانت الخطوة التالية هي دراسة مدى فعّالية (مناعية) وأمان هذا اللقاح بالنسبة للأشخاص الأصحاء. حيث خضع هذا اللقاح لاختبارات سريرية أُجريت على فريق يتألف من 80 متطوّعاً تتراوح أعمارهم مابين 18-28 سنة تمّ تقسيمهم إلى 8 مجموعات بشكل عشوائي وإعطاؤهم جرعة أو جرعتين على شكل حقن عضلية وخلال فواصل زمنية تعتمد على نوع اللقاح المُتلقّى، حيث حُقِن بعض المتطوعين باللقاح الحاوي على ناقل لـDNA فيروس انفلونزا الطيور"MVA-H5-sfMR"، أمّا القسم الآخر من المتطوعين فتلقّى اللقاح الخالي في تركيبه من ناقل DNA الفيروس المدروس "MVA-F6-sfMR". إنّ الأفراد الحاصلين على اللقاح من النوع الأول " MVA-H5-sfMR" كانوا مؤَهّلين للحصول على جرعة داعمة ضد فيروس انفلونزا الطيور بعد سنة من تلقّي الجرعة الأولى من التطعيم.
كان الهدف الأساسي من هذه التجارب هو التأكد من سلامة وأمان اللقاح بالنسبة للبشر، أمّا الهدف الآخر فكان تقدير المدى التمنيعي لهذا اللقاح، 79 من أصل 80 متطوّعاً تابعوا مشاركتهم في البحث حتى نهايته، وخلاله تمّ تسجيل حالات من الصداع الشديد أو الحمّى أو الدوار أو أمراض في الجهاز التنفسي والمصحوبة بأعراض الانفلونزا لدى 11 متطوعاً. كما لوحظت لدى معظم المتطوعين واحدة أو أكثر من ردود الفعل المحلية (حكة، ألم، احمرار، تورّم) والعامة (ارتفاع حرارة الجسم، صداع، ألم في العضلات والمفاصل، قشعريرة وتعب عام في الجسم) بعد الجرعتين الأولى والثانية من التطعيم، وبشكل عام لم تظهر أي أعراض سلبية خطيرة أخرى.
أظهر لقاح ال "MVA-H5-sfMR" ذو التركيز الأكبر استجابة مناعية أقوى وبشكل ملحوظ مقارنةً بنفس اللقاح لكن ذو التركيز الأقل. كما لوحظ أيضاً أنّ الجرعة الواحدة من لقاح الـ "MVA-H5-sfMR" ذو التركيز العالي تسبب استجابة قوية للأجسام المضادة وبشكل أكبر من التطعيم بجرعتين من نفس اللقاح ولكن بتراكيز أقل بـ 10 مرات.
لقد أظهر هذا اللقاح تحمّلاً جيدا وقدرة تمنيعية عالية، حيث قال البروفيسور Gerd Sutter معبّراً عن رأيه بنتائج البحث: "الزيادة الملحوظة في مستوى الأضداد الموجودة ضمن الدوران كانت أكثر مما توقعناه". نتائج الدراسة تُشير إلى أنّ هذا النوع من اللقاح المُطوَّر على أساس منصة الـMVA يفتح مستقبلا واعداً للتطوير السريع للقاحات بهدف الاستجابة الفعّالة لجائحة الانفلونزا في المستقبل. حالياً ما زال أمام الباحثين مهمة المقارنة بين القوة التمنيعية لهذا اللقاح ولقاح الـ H5N1 التقليدي ضمن دراسات سريرية إضافية.
المصدر: هنا
البحث الأصلي: هنا