المعلوماتية > الذكاء الصنعي
كيف يمكن لألعاب الفيديو أن تساهم في تطوير الذكاء الصنعي؟
تدور الكثير من الدراسات المعاصرة حول تأثيرَ ألعاب الفيديو على الإنسان. ولكن ماذا عن تأثيرها على الحواسيب وتطبيقاتها إذا ما قامت هي نفسها باللعب؟
تعتقد بعض الشركاتِ بأن ألعابَ الفيديو يمكنُ أن تساهم في تطوير الذكاء الصنعي، ولكن كيف؟ وما هي الآفاق المستقبلية لهذه الفكرة؟
إن الذكاءَ الصنعيَّ الموجود في معظم الألعاب ليس ذكيا جداً بالفعل، فغالبًا ما يتمُّ التحكمُ بالشخصياتُ في الألعاب من خلال خوارزمياتٍ تقوم بإنتاج أنماط من السلوك مصمّمةٍ لتبدو طبيعيةً وواقعية. إلا أن هذه الشخصيات في الحقيقة جامدة ولا تملك القدرةَ على التعلم أو التأقلم.
تأملُ شركةُ "Keen Software" في جمهورية التشيك والمملكة المتحدة بالوصول إلى نموذجٍ أذكى من خلال توفير منصةٍ تتيحُ للبرمجيات تعلمَ كيفية التصرف أثناء اللعبة، سواء كان ذلك في الاستجابة لبعضِ المؤثرات الأساسية أو حتى في حالاتٍ أكثر تعقيداً. ما تأمله الشركةُ أن هذا النوع من التعلم سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور أنماطٍ سلوكية أكثرَ تعقيدًا عند شخصيات اللعبة، وإلى تحسّنِ مستوى الذكاء الصنعي على مستوى التطبيقات.
تقومُ هذه الشركة بصنع ألعابٍ تجريبية يقوم فيها اللاعبون ببناء هياكلَ وآلاتٍ افتراضية معقدة باستخدام الفيزياء والمواد الواقعيَين. وفي شهر تموز/يوليو من هذا العام قامت بتأسيس شركة "GoodAl"، وهي مبادرةٌ تهدف إلى تطوير ذكاء صنعي متطور باستخدام التعلم الآلي. وقد قام «ماريك روزا»- المديرُ التنفيذي لشركة كيين- باستثمار 10 مليون دولار من ماله الخاص في الشركة الجديدة.
أصدرت شركةُ "GoodAI" تطبيقاً مفتوحَ المصدر سمّته «المحاكي الدماغي»، والذي يمكنُ استخدامُه لتدريب سلسلة من الشبكات العصبونية الصنعية على كيفية الاستجابة للمؤثرات الصادرة عن بيئة اللعبة. من خلال التجربة والخطأ، يمكنُ لهذه الشبكات تعلمَ كيفية لعب لعبة بسيطة. كما يمكنُ ربط عدةِ شبكات لخلق سلوك أكثر تعقيداً، مما يمكّنُ البرمجياتِ من تعلّم كيفية الوصول إلى هدف يتطلب تحقيقُه عدةَ خطوات.
أظهر الباحثون في الشركة أنه يمكنُ استخدام المحاكي الدماغي لتدريب تطبيقٍ ما على لعب ألعاب بسيطة ثنائية الأبعاد. هذا يتضمن لعبةَ "Breakout"، والتي يقوم فيها اللاعب بتنطيط كرة على حائط من الطوب (والتي تختفي بمجرد ضربها بالكرة). بالإضافة إلى لعبة المتاهة، والتي تتطلب القيامَ بمجموعة من المهام المختلفة.
يقول «روزا» عن الشخصية الافتراضية في لعبة المتاهة: " سوف تبدأ بالقيامِ ببعض الأفعال العشوائية ومراقبةِ كيف تقوم الشخصية بتغيير البيئة المحيطة أو كيف تقوم البيئة بتغييرها"، ويضيف: "وبينما تقوم بتغيير البيئة، فإنها تتعلم كل هذه الروابط والأنماط".
تعدُّ عملية تعلّم هذه الروابط والأنماط الهدفَ الرئيسي للذكاء الصنعي عمومًا، ولهذا يأمل «روزا» تطويرَ أشكال من الذكاء الصنعي يمكن توظيفه في مجالات واسعة أبعدَ من الألعاب. وهذا يذكرنا بمفهوم مأخوذٍ من شركة ناشئة للذكاء صنعي تُسمى "DeepMin"، والتي قامت غوغل بشرائها العام الماضي. تستخدمُ "DeepMind" مناهجَ تعلّمِ آلة مخصصة، لتعليم البرمجيات كيفية لعب الألعاب البسيطة.
منذ زمنٍ طويل، يستخدمُ الباحثون لعبَ الألعاب كوسيلةٍ لاختبار تطبيقات الذكاء الصنعي. يقول "Roman Yampolskiy"، وهو مساعُد بروفيسور في جامعة"Louisville": "من الطاولة إلى الشطرنج إلى البوكر وغيرها، كثيرٌ من الإنجازات في أبحاث الذكاء الصنعي تم إثبات إمكانية تحققها باستخدام هذه الألعاب".
"المثيرُ للاهتمام حولَ الطرح الذي تتبناه كلًّا من "GoodAI" و"DeepMind" هو أن حواسيبَهم لا تُعطى أيّة معلومات أو فهم مبدئيٍّ لقواعد اللعبة"، يقول «يامبولسكي».
بالرغم مما سبق، لا يزال من غيرِ الواضح فيما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستكون مفيدةً في مجالات أبعد من الألعاب. يقول «يامبولسكي»، والذي اطّلع على برمجية "GoodAI"، إنه على الرغم من أنها تشكل إضافة قيّمة لهذا المجال، إلا أنه يمكن أن يكونَ من الصعب استخدامُها في مجالات أكثرَ عمومية في الذكاء الصنعي.
------------------------------
المصدر: