البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية
فن الخداع: أهمية الشكل الخارجي في جاذبية الأزهار
تعتبر العديد من أنواع نبات السحلبية (أو الأوركيد Orchid) من المُخادعات الجنسية الماهرة، حيث تقوم بخداع ذكور الحشرات لتقوم بتلقيح أزهارها عبر إنتاج مواد كيميائية تُحاكي الفيرومونات الجنسية التي تنتجها إناث تلك الحشرات. واليوم، وجد علماء البيئة أن تلك النباتات تخدع ذكور الحشرات ليس فقط عبر تقليد رائحة الإناث، بل عبر تقليد مظهرها أيضاً.
تعتبر العديد من أنواع نبات السحلبية (أو الأوركيد Orchid) من المُخادعات الجنسية الماهرة، حيث تقوم بخداع ذكور الحشرات لتقوم بتلقيح أزهارها عبر إنتاج مواد كيميائية تُحاكي الفيرومونات الجنسية التي تنتجها إناث تلك الحشرات. واليوم، وجد علماء البيئة أن تلك النباتات تخدع ذكور الحشرات ليس فقط عبر تقليد رائحة الإناث، بل عبر تقليد مظهرها أيضاً.
يعرف علماء البيئة الكثير عن الخداع الجنسي بالمحاكاة الشمية التي تقوم بها نباتات السحلبية، ولكنّ الحال ليس كذلك فيما يخص أهمية الشكل ودوره في هذا الخداع.
يقول مؤلّف هذه الدراسة، الدكتور Marinus De Jager من جامعة Stellenbosch: "منذ اكتشاف أن رائحة هذه الأزهار تحاكي الفيرمونات الجنسية الأنثوية للحشرات، تم تركيب العديد من هذه المركبات في المختبر. وعندما توضع هذه المواد على أجسامٍ لا تشبه على الإطلاق بشكلها إناث تلك الحشرات، فإن الذكور رغم ذلك تحاول التزاوج معها. وهكذا افترض الكثيرون بأنّ الرائحة هي كلّ ما يُهمّ في هذه العملية".
قرر الدكتور Marinus De Jager بالتعاون مع الدكتور Rod Peakall من الجامعة الوطنية الأسترالية، اختبار هذه الفرضية مستغلّين تجربة موجودة مسبقاً في الطبيعة.
تعتبر أستراليا موطناً لمعظم أنواع نباتات السحلبية التي تستخدم الخداع الجنسي. ومن بين هذه الأنواع يوجد نوعان مختلفان، لكنهما متقاربان، يتم تلقيح أزهارهما بنوعين مختلفين من الدبابير. وعلى الرغم من اختلاف شكل أزهار هذين النوعين، إلا أنها تنتج نفس المادة الكيميائية من أجل جذب ذكور الدبابير.
نوعي السحلبية المستخدمين في الدراسة هما سحلبية الطيور عريضة الشفاه (Chiloglottis trapeziformis) التي يتم تلقيح أزهارها عبر الدبابير من النوع (Neozeleboria cryptoides)، والنوع الثاني هو سحلبية الطيور الكبيرة (C. valida ) والذي يتم تلقيح أزهاره بواسطة الدبابير من نوع (N. monticola).
تعيش هذه النباتات الصغيرة في الغابات الرطبة في جنوب شرق أستراليا، وتملك تنوّع شكلي (مورفولوجي) مذهل وشديد التعقيد. يملك نبات سحلبية الطيور عريضة الشفاه حافّةً صغيرة ماسيّة الشكل، وفي الوسط بُنية تحاكي شكل أنثى الدبابير التي تقوم بتلقيح هذه الأزهار. أمّا النوع الثاني فيملك حافّةً قلبية الشكل مع بنية أصغر من سابقتها لمحاكاة شكل أنثى الدبّور.
ولاختبار فيما إذا كانت المظاهر الشكلية للأزهار تُساهم فعلاً في خداع ذكور الدبابير، قام الدكتور De Jager بِوضع نوعي نبات السحلبية مع كلِّ من نوعي الدبابير على حدة، أحد النوعين يقوم بتلقيح الأزهار بشكلٍ طبيعي والآخر لا يقوم بذلك. بعدها قام بتسجيل سلوك الدبابير وفيما إذا كان النوعان سيحاولان الاقتران مع نبات السحلبية أم لا.
وُجِد أنّه على الرغم من كون نوعي الأزهار ينتجان نفس المادة الكيميائية الجاذِبة، إلا أن ذكور نوعي الدبابير قد تصرفت على نحوٍ مختلفٍ تماماً تجاه كلٍّ من نوعي الأزهار. فقد حاولت الذكور في كِلا الحالتين الاقترانَ بشكلٍ أكبر مع نوع الأزهار التي تقوم بتلقيحها عادةً متجاهلة النوع الثاني.
بناءً على ذلك، يقول الدكتور De Jage: "لقد وجدنا دليلاً دامغاً على أهمية دور المظهر الشكليّ في الخداع الجنسي الذي تقوم به الأزهار. وهذه النتائج جديدةً كلّياً لكونها الدراسة الشاملة الأولى التي تحاول كشف الدور المهم للتنوع الشكلي في الخداع الجنسي".
"وهذا يعني أن الدراسات القادمة على الخداع الجنسي في تلقيح الأزهار يجب أن تنظر أيضاً إلى سلوك الحيوانات التي تساهم في تلقيح الأزهار كدافعٍ مهم في تطور صفات هذه الأزهار، حيث يمكن للتنوع المورفولوجي للأزهار أن يلعب دوراً أكبر في تلقيح هذه الأزهار وبشكلٍ أكبر مما كان يُعتقد سابقاً".
نُشرت هذه الدراسة في مجلة British Ecological Society، وهي الدراسة الأولى التي تدرس بشكلٍ تجريبي دور الشكل والحجم في الخداع الجنسي الذي تقوم به نباتات السحلبية.
المصدر: هنا