علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
الأفانتاجيا: انعدام القدرة على التخيل!
من السّهل جداً تخيُّل تلك الصورة السّاحرة ذات الشاطئ الرملي والأمواج المتلاطمة عليه والشمس المتربّعة وراء الأفق؛ ولكن هذه القدرة على التخيل قد تكون مستحيلةً ومعدومةً عند نسبةٍ قليلةٍ من البشر وهذا ما يُدعى بالـ "أفانتاجيا" أو العجز عن التخّيل والتي وصفها الأطباء للمرة الأولى على أنها الحالة التي لا يستطيع فيها الشخص تشكيلَ الصور العقلية.
يعتقد الأطباء أنّ واحداً من ضمن كل خمسين شخصاً يعاني من هذه الحالة، وقد وَجدت بعضُ التقارير أنّ هذه الحالة تودي بهم للوحدةِ والعزلةِ، فهم لا يستطيعون رؤية الأشياء التي يراها معظم الناس ويشعرون بالأسى لعدم قدرتهم على تذكُّر وتصوّر وجوهِ أصدقائهم أو أقربائهم الراحلين، بينما اعتاد بعض الأشخاص ممن لديهم الأفانتاجيا على الحياة دون تخيل.
إنّ أولَ من وصفَ تلك الحالة هو أخصائيُّ علم الأعصاب آدم زيمان 'Adam Zeman' من جامعة إكسيتر، وقد نُشرت دراسته في مجلة (Cortex) حيث وصف الأفانتاجيا على أنّها ناتجةٌ عن تخرّبٍ كبيرٍ في الدماغ، ولكنّ هذه الظاهرة لم تلقَ انتباهاً كبيراً حتى الآن، فقرر زيمان وصفَ تجاربِ العديد من المرضى الذين التقى بهم. وأحدُ المرضى يُدعى ' توم ' من كندا لم يدركْ حالتَه حتّى أصبح في عمر (21) عاماً حيث كانت جميعُ حواسّه متأثرةً، فهو لا يستطيع تذكّرَ الصوت أو الملمس أو حتى الرائحة ويشرح حالتَه قائلاً:
" بدأتُ أشعرُ بالعزلة وعدم القدرة على فعل أيِّ شيءٍ مهمٍّ في مجال الخِبرة الإنسانية والعجز عن استرجاع الذكريات والتجارب ورائحة الزهور وأصوات من أحب؛ وقبل اكتشافي بأنّ تلك التجارب هي أحاسيسٌ بشريّةٌ طبيعيّةٌ يملكها كلّ الناس لم أكنْ أدرك مقدار الأشياء التي لا يمكنني اختبارها و تخيلها".
يعتقد العلماء أنّ التصوّر هو نتيجةُ عملِ شبكةٍ من المناطق الموجودة في جميعِ أنحاءِ الدماغ تعملُ متضافرةً لتوليد الصور على شكلِ ذكرياتٍ. وأفضلُ تخمينٍ لحالة الأفانتاجيا هو تعطّل الروابط بين تلك المناطق وهذا ما يشرحُ كيف يُمكن أنْ يكونَ سببُ هذه الحالة هو تخربٌ كبيرٌ في الدماغ.
ولكنْ للأسف؛ إنّ هذه الحالة مربكةٌ والمصابون بها لا يستطيعون تخيّل الصور بشكلٍ طوعي. ويؤكّد زيمان على أنّها حالةٌ حقيقةٌ وليست اضطراباً، وهو يخطّط للتعمّق في هذه الحالة وإجراءِ المزيدِ من البحوث.
المصدر: