الفنون البصرية > أساطير الشعوب
قدموس Cadmous
يمكنكم الاستماع للمقال عوضاً عن القراءة
قدموس ذي الأصل السوري ابن الملك أجينور Agenor ملك صور "Tyr" أو صيدا "Sidon"، أخوته فينيكس "Phonix" مؤسس الإمبراطورية الفينيقية وسيليكس"Silix"وتازوس"Thasos" وأخت وحيدة هي أوروبا "Europe" والتي أخذت القارة الأوربية اسمها منها.
اتخذت حياةُ قدموس مساراً مختلفاً منذُ أن أحبَّ الإله "زوس" أختَه الحسناءَ "أوروبا" واختطفَها، فذهب وراءها لاستعادتها هو وأخوته إلا أنّ نهاية الطريق لم تكن متوقعة.
قصة أوروبا:
أوروبا هذه شابة حسنة، كانت ذات يوم تلعب مع صديقاتِها على الشاطئ البحريّ لصور، رآها زوس "Zeus" وأعجب بها وأرادَ أن يقتربَ منها، فاتّخذ شكلَ ثورٍ بهيٍّ أبيضَ، ذي قرنين يشبهان الهلال، واقترب من أوروبا التي خافت منه في البداية، ولكن حين شعرت بهدوئه ووداعتِه اقتربت لتداعبَه وقد أعجبَها شكلُه وإذ بها في النهاية تمتطيه، وحين فعلت ذلك ركضَ بها عبر البحر إلى جزيرة كريت، وهناك أنجبت منه أوروبا ولدان رادامانت "Rhadadmante" ومينوس "Minos".
وهدية لها وخوفاً من أن تصل إليها زوجته الإلهة هيرا "Hera" الغيورة، عيّن حارساً على الجزيرة يمنع دخولَ أو خروجَ أحدٍ من أو إلى الجزيرة.
بعد خطف أوروبا ورحلة قدموس:
عندما علم أجينور والدُ أوروبا أنَّ ثوراً قد اختطفَ ابنتَه التي يحبها كثيراً، أرسلَ أبناءَه خلفها وقد أنذرهم بألّا يعودوا إليه ما لم تكن أوروبا معهم، وحين كانت الجزيرة موثّقة الحراسة لم يستطع أي منهم إيجادها، فتركوا مسقط رأسهم وتفرقوا في العالم، وبنوا مدناً لهم.
في هذا الوقت عاد قدموس إلى معبد دلفي "Delphes" ليستشير الوحي هناك ويخبره بما يفعل، فنصحه الآخر بأن يوقف البحث عن أخته، وألا يعودَ إلى أبيه، وإنّما عليه أن يتبع بقرةً يوجدُ على خاصرتيها شكلُ هلالٍ إلى حيث تذهب، وحيث ترقد يبني مدينتَه، وهكذا فعل.
وقبل أن يقوم قدموسُ ببناءِ مدينتِه أرادَ أن يقدّمَ البقرةَ كأضحيةٍ للإلهة أثينا، ولأجل تقديم هذه الأضحية احتاج ماءً، فأرسل رفاقَه ليحضروا له ماءً، فذهبوا ليبحثوا عن مكان فيه ماء، فوجدوا نبعاً ذا ماءٍ صافٍ جداً، إلّا أن هذا النبع يحرسه تنينٌ يقتل كلَّ من يقترب منه، هذا التنين هو ابن الإله آريس Ares.
وعندما لم يعد رفاقه، ذهب قدموس "Cadmous" ليرى ماذا حل بهم، وعندما رأى التنين يحرس النبع علم ما حصل، فتصارع مع التنين وقتله. حينها ظهرت له "أثينا" وأمرته بتقديم القربان لها، ثم أمرته باقتلاع أسنان التنين وذرّها في الأرض. وعندما فعل قدموس ما أمرته به الإلهة أثينا، خرج من كل سن محارب كامل العدة والسلاح، فكان أمامه آلاف المحاربين ليكونوا جنوداً له.
إلّا أنه ارتاع من منظرهم، فاختبأ وأخذ يرشق الحجار من مخبأه عليهم، فظن كلٌّ منهم أن من بجانبه هو من يرشقه بالحجارة، فبدأ القتال فيما بينهم إلى أن تبقّى خمسة منهم فقط، عندها خرج قدموس من مخبأه لمواجهتهم، إلّا أنهم حين رأوه قدموا الطاعة والخضوع له وبنوا له مدينتَه وقطنوها، ودُعيوا بالإسبارطيين "Sportes" أي المبذورين، لأنهم ولدوا من الأرض، أي مواطنين أصليين، وهم: شتونيوس "Chtonios"، أودايوس "Ouddaios"، بيليروس "Peleros"، هيبيرونور "Hyperonor" وإيشيون "Echion".
نتيجة قتل التنين:
أغضب قدموس الإله آريس "Ares" عند قتله ابنه التنين، وجزاءً له كان عليه أن يعمل لديه لمدة سبع سنوات، خلال هذه السنوات سامحه وزوّجه ابنته هرمونيا "Hermonia" من زوجته أفرودايت "Aphrodite"، وحكم المدينة التي بناها هو والأسبارطيون وسمّاها طيبة "Thebes" وعلّم أهلها الأبجدية الفينيقية. وأقام قدموس عرساً لم يُرى له مثيلٌ، دُعي فيه جميع آلهة الأولمب، الذين قدموا هداياهم للعروس، ومن بين الهدايا كان هناك عقداً صنعه الإله هيفايستوس "Hephaistos" الذي حمّل عليه لعنة لكل من حمله، امتدت أجيالاً من أبائه وأحفاده لتصل إلى أبناء الجيل الرابع ومنهم أوديب الشهير.
ختام حياة قدموس وزوجته:
وبعد حياةٍ تعيسةٍ عاشها قدموس وزوجتُه هارمونيا ممّا رأوه من معاناةِ أبنائهم واللعنة التي لم تفارقهم طلبا من الآلهة أن تحوّلهما إلى ثعبانين، وأكملا حياتهما في جحرٍ لم يعاديا الإنسان ولم ينسيا أصلَهما البشري.
المراجع:
• فراس السواح، لغز عشتار الالوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة، ط2، (سومر للدراسات والنشر والتوزيع، قبرص، نيقوسيا، 1986) ص: 330.
• سهيل عثمان وعبد الرزاق الأصفر: معجم الأساطير اليونانية والرومانية، (منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1966) ص:32-48-53-60–104-148–176–189–702–305–347–344.
• الأب فؤاد جرجي بربارة، الأسطورة اليونانية، (مطابع وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق: 1966) ص:207–212.
• جان بيير فرنان، الكون والآلهة والناس -حكايات الناس الإغريقية، تر: محمد وليد الحافظ، ط1، (الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق:2001)ص-ص: 105-117.
• اوفيد، مسخ الكائنات، تر: ثروت عكاشة، ط3، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، 1992) ص-ص: 69- 90.