الهندسة والآليات > التكنولوجيا
اضطراب طيف التوحد: نظام ألعاب مطور لمساعدة مرضى التوحد.
تُعَد التَّحية بوابة التَّفاعل الاجتماعي بين الكائنات البشرية، فَهيَ البداية والنِّهاية لكثير من المواقف الاجتماعية.
ولكن ولسوء الحظ، يواجه الأفراد الذين تمَّ تشخيصهم باضطراب طيف التَّوحد (ASD) تحديات كبيرة عند الانخراط في التَّفاعلات الاجتماعية. وقد أثبتت تدخلات السَّرد الاجتماعي فائدتها في مساعدة الأطفال الذين يعانون من التَّوحد على تعلم المهارات الاجتماعية.
ومع ذلك، يتم تقديم الرِّوايات الاجتماعية على شكل نصوص وصور ثابتة، غالباً ما تقوم على سيناريوهات وشخصيات غريبة عن القارئ. إلَّا أنَّ القُراء الصِّغار المُصابين بال ASD يعانون في كثير من الأحيان من قِصَر فترة الاهتمام لديهم.
ولهذا وجدت الأبحاث في هذا المجال أنَّه يمكن تعزيز طريقة العرض تِلك من خلال الاستفادة من منصات الألعاب الحديثة. وقد ثبت أن الألعاب التَّعليمية الرَّقمية تُحَفِز اهتمام المُتعلمين، حتَّى أنَّها تساعد الطُّلاب ذوو الفعالية الذَّاتية المُنخفضة على الانخراط مع الجو المحيط.
طَوَّرَ الباحثون من جامعة كنتاكي نموذجاً أوليّاً لِنِظام سَرد وألعاب اجتماعية يعمل على مُساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التَّوحد من أجل تحسين مهاراتهم الاجتماعية، حيث سُمِيَ هذا النِّظام ب MEBook.
يقوم نِظام MEBook بِتتبُع تعابير وجه الطّفل وحركات جسمه بالإضافة إلى الأنماط السّلوكية الأخرى، يتم ذلك من خلال كاميرا Kinect من شَرِكة مايكروسوفت موصولة بِجهاز كمبيوتر.
يستخدم النَّموذج الحالي للنظام النَّمذجة الذَّاتية عن طريق الفيديو (VSM)، وهو نهج قائم على الأدلة يسمح بِدوره للأطفال بمشاهدة مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يؤدون سلوكيات اجتماعية مختلفة بِنجاح، على غرار التَّلويح أو الابتسام، وذلك أثناء جلسات العلاج.
ومن ثمَّ تُربط لقطات فيديو لِ اللحظات الناجحة معاً، وتُستعرَض مع الطّفل بعد ذلك.
يأمل الباحثون إطلاق إصدار تحميل مجاني ل MEBook قبل نهاية هذا العام ليستخدمه آباء وأمهات المصابين في منازلهم.
ويقول "سين تشينغ سامسون تشيونغ" وهو أستاذ مشارك في كلية الهندسة الكهربائية والحاسوب في جامعة كنتاكي:
"إنَّ تأسيس نظام الألعاب يُشجع الطفل على ممارسة ما تعلمه في السَّرد الاجتماعي، وذلك من خلال مكافأة السلوكيات الصحيحة بِنقاط أو حتى بالإشادة ".
ويقود تشيونغ هذا المشروع مستوحياً عمله من اضطراب طيف التَّوحد الذي أصاب ابنه، حيث يبحث عن طرق جديدة لِمُساعدة المُصابين الآخرين بِنَفس الاضطراب.
ويُضيف: "منذ تشخيصه قبل ست سنوات، بدأت أفكر بطرق مختلفة لتطبيق بحثي لتحسين تشخيص التَّوحد وجلسات العلاج".
ويُبَين تشيونغ انَّ المُشكلة باستخدام القَصص الاجتماعية كَقِصص الرّسوم المتحركة التي توضح المواقف الاجتماعية والمُستخدمة في تعليم الأطفال المُصابين بالتوحد، تكمُن في أنَّ الأطفال المصابين بِطيف التَّوحد يَجِدون صعوبة في ربط السّلوك الاجتماعي في سيناريوهات وهمية مع تلك التي تحدث في الحياة الحقيقية.
ويعتقد الباحثون أنَّ عرض مقاطع فيديو "حقيقية" للطفل نفسه وبوصفه الشَّخصية الرَّئيسية، وهو يقوم بِأداء أنماط سلوكية مُحددة سيساعده على ربط هذه الأنماط مع الحياة الحقيقية.
ويستخدم هذا النظام الرّؤية الحاسوبية وخوارزميات معالجة الإشارات لفصل الفرد الخاضع للعلاج عن الخلفية وتحديد ظهور سلوكيات معينة. وتقوم بعض هذه الخوارزميات على الأعمال السابقة للباحثين، والتي تعتمد على نظام المراقبة بالفيديو لحماية خصوصية بعض الأفراد عن طريق كشف ومحو لقطات الفيديو التي تحتوي على صورهم.
أما الدِّراسة السَّريرية الأولية فقد انتهت وذلك باستخدام نظام النموذج الأولي مع ثلاثة أطفال مصابين بالتوحد. ويقول تشيونغ عن نتائج هذه الدِّراسة:
"إنَّ النتائج مُشجعة للغاية،فقد أظهر هؤلاء الأطفال زيادة في مهارات التَّرحيب الاجتماعية بعد استخدام هذا النِّظام ".
ويعمل الفريق الذي يتضمن أشخاصاً يعلمون في مجال التّربية، علم النَّفس والطّب، على تطوير نظام المرآة الافتراضية.
يقوم هذا النِّظام على، يتم التقاط سلوك الطفل وتعديل الصورة في الوقت الحقيقي، ومن ثم تقديمها على شاشة تشبه المرآة.
هذا البحث هو جزء من منحة NSF الممتدة على مدى أربع سنوات لتطبيق تكنولوجيا الوسائط المتعددة المتقدمة لتعزيز "النَّمذجة الذاتية والتغذية الرجعية لمرئيات المرآة " لعلاجات السُّلوك للأطفال المصابين بالتوحد.
ويُنهي تشيونع حديثه قائلاً: " هدفي، في نهاية فترة المنحة خلال اثنين أو ثلاث سنوات، هو تقديم نظام يُمكِن الوالدين من استخدامه في المنزل وبناءه وتعديله وجعله أكبر على مر السنين ليتناسب مع أنفسهم ومع الطفل ".
فهل تجد عزيزي القارئ اختراعات كهذه وسيلة لشفاء اضطرابات شكلت صعوبات دائمة على مر الزمان؟
المصدر: