الهندسة والآليات > الروبوتات
روبوت ذو قدمين له ردود فعل بشرية: تقنية جديدة تبقي الروبوت متوازناً بتقليد ردود فعل الإنسان
في الطابق السفلي في المبنى الثالث لمعهد ماساتشوستس للتقنية(MIT) ، هناك روبوت ذو قدمين يدعى HERMES يقضي وقته في تحطيم ما حوله: لكم الحيطان الصلبة وتهشيم علب الصودا وركل سلات القمامة. لكن لا تهرعوا! في الحقيقة أفعال هذا الروبوت هي ليست من نتاج دماغه الإلكتروني.
ليس بعيدا عن هذا الروبوت، يقف طالب الدكتوراه "جو راموس" على منصة مرتديا هيكلاً يحتوي على الكثير من الأسلاك والمحركات الكهربائية. كل حركة يقوم بها "راموس" يتم نقلها لحظيا لـ HERMES ليقوم بتقليدها. عندما يقوم "راموس" بتقليد حركة اللكم على حائط صلب، يقوم HERMES بالعمل ذاته. لكن الشيء الفريد من نوعه هنا أنه عندما يقوم HERMES بضرب الجدار، يشعر "راموس" بهزة في منطقة خصره. وكردة فعل على شعوره بالهزة، يقوم "راموس" بالانحناء للخلف عكس اتجاه الهزة، مما قد يجعل الروبوت بالقيام بالمثل مما قد يؤدي إلى امتصاص قوة الضربة وتحقيق التوازن للروبوت.
هذا التمرين الذي تم توضيحه في الفقرة السابقة يعرض التقنية الفريدة لردود الفعل المتعلقة بالتوازن التي يملكها HERMES. بدون هذه التقنية، وعندما يقوم الروبوت بلكم الحائط، سوف يكمل طريقه باتجاه الحائط والاصطدام به. صلة الوصل بين "راموس" والروبوت تسمح له بالإحساس "عن بعد" بانزياح مركز ثقل الروبوت، وبالمقابل تعطيه القدرة على التفاعل مع هذا الانزياح وتحقيق التوازن. وبالنتيجة، يكون الروبوت قادراً على القيام بالمهام التي لها عطالة بثبات واتزان.
يقول "راموس" صلة الوصل بينه وبين الروبوت تجعل من الممكن الاستفادة من ردود الفعل البشرية السريعة جداً في إعطاء قدرة للروبوت على التحكم بتوازنه، بشكل يضاهي ما قد يفعله أي روبوت باستخدام ردود الفعل الإلكترونية التي تكون في العادة معتمدة على معالجة الصور القادمة من كاميراته.
"معالجة الصور القادمة من كاميرات الروبوت التقليدي تتسم بالبطء الشديد" يقول راموس من قسم الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس. "بالمقابل، يمكننا استثمار ردود الفعل البشرية والقدرة البشرية على التمركز ومعرفة المكان وتسخيرها في خدمة هذا الهدف. دعونا نأخذ حركة المشي على سبيل المثال، فهي فقط عبارة عن سقوط للأمام ومحاولة تدارك هذه السقطة عبر مد الرجل الأخرى إلى الأمام وهكذا. للإنسان العادي، هذه حركة بسيطة ولا تعطى أية أهمية، ولكن هذا يعتبر تحدي كبير لمحاولة برمجة أي إنسان آلي لفعل ذلك بشكل سلس وفعّال. لذلك، هدفنا هو اكتشاف كيفية قيام البشر بأفعالهم المعقدة ونقلها للروبوتات."
في النهاية، يريد "راموس" وزملاءه تسخير HERMES للذهاب إلى أماكن شهدت على كوارث من مختلف الأنواع، حيث أنهم سيدعوه يستكشف هذه المواقع، طبعا بمساندة مشغل بشري في مركز للتحكم عن بعد.
"هدفنا هو جعل شخص يرتدي بدلة لكامل الجسم مع نظارات ذات رؤية افتراضية، تجعل منه قادرا على الاحساس ورؤية كل ما يفعله ويتعرض له الروبوت والعكس صحيح طبعا (حيث في المقابل سيفعل الروبوت ما يفعله مشغله البشري)،" يقول "راموس". "نخطط لأن نجعل الروبوت يمشي على أربع في البداية، ومن ثم يقف على رجليه للقيام بالتحركات المعقدة مثل فتح الأبواب أو إزالة العوائق من طريقه."
ميكانيكية التوازن وردة الفعل
لإعطاء الشخص الذي يقوم بتحريك الروبوت إحساس بتوازن الروبوت، قام فريق الباحثين بإحداث طريقة لقياس موقع مركز ثقل الروبوت وتوزع الوزن على كافة جسم الروبوت، وبالتالي معرفة موقع مركز الثقل يعطي معلومة على مدى توازن الروبوت. الباحثون العاملون على HERMES والذي يزن 100 باوند تقريبا قاموا بتركيب حساسات على أرجل HERMES من الأسفل لمعرفة مقدار القوة المطبقة من كل قدم.
بالاعتماد على مقدار القوة المقاسة، تمكن الباحثون من حساب مكان مركز ثقل الروبوت، وتمكنوا أيضا من حساب اتجاه انزياح مركز ثقله، بعد ذلك، قام الباحثون برسم مساحة مضلعة (هي المساحة التي تمتد بين قدمي الروبوت)، حيث أنه إذا كان موقع مركز الثقل يقع بالقرب من حدود مساحة هذه المنطقة، فهذا يعني أن الروبوت يواجه خطر السقوط.
بعدها قام "راموس" وزميله "وانج" ببناء منصة "ردة فعل التوازن": هذه المنصة مكونة قاعدة مضلعة مزودة بمحركات كهربائية وهيكل يمكن ربطه بخصر الشخص الذي سيقوم بالتحكم بالروبوت (منطقة الخصر تمثل موقع مركز ثقل جسم الإنسان بشكل عام). باستخدام برنامج كومبيوتر، تمكن الباحثون من ترجمة تحركات مركز ثقل جسم الروبوت إلى المحركات الكهربائية المربوطة بالمنصة (حيث أنه إذا مال الروبوت إلى الأمام، فإن المحركات الكهربائية ستجعل المنصة أيضا تميل للأمام) مما يجعل تحركات مركز ثقل الروبوت مماثلة تماما لتحركات مركز ثقل جسم الشخص المتحكم.
"المنصة ستؤثر بقوة أكبر كلما اقترب مركز ثقل الروبوت من حدود المنطقة الواقعة بين قدميه" يشرح "وانج". "إذا كان الروبوت يميل بشكل كبير إلى الأمام، ستقوم المنصة أيضا بجعل جسم الشخص المتحكم يميل أيضا بشكل كبير إلى الأمام، مما يدفع الشخص المتحكم بالإحساس بخطر السقوط المحدق بالروبوت."
الانحناء
لاختبار الروبوت مع المنصة، قام "وانج" وبشكل متواصل بضرب جذع جسم الروبوت بالمطرقة من دون علم الشخص المتحكم بوقت وقع الضربة. عند وقوع الضربة، ستقوم المنصة التي يرتديها الشخص المتحكم بتطبيق هزة مماثلة للتي شعر بها الروبوت، مما يدفع بالمتحكم إلى تعديل وزنه بشكل سريع، وبالتالي تمكن الروبوت من تعديل وضعيه جسمه والمحافظة على توازنه.
يقول "وانج" أن الأهداف المستقبلية للمشروع هو إضافة وتجربة حركات أكثر صعوبة وتعقيداً كالضرب بالفأس أو كفتح باب مزود بنابض يعيده لحالة الإغلاق عندما يتم فتحه. هذه النوع من الحركات يتطلب انحناء الجسم نحو الباب لفتحه ومن بعد ذلك الانحناء بالاتجاه المعاكس للعودة لوضع التوازن.
بالنسبة للشخص الذي يتحكم بالروبوت فإن الحفاظ على التوازن أثناء التركيز على القيام بأحد المهام لا يحتاج إلى مجهود إضافي من قبل الشخص. لكن الأكثر أهمية في هذا الوقت بما أن الروبوت غير قادر على التوازن بشكل مستقل، هو جمع المعلومات والبيانات التي تسجل تفاصيل الاستراتيجيات التي يتبعها الإنسان للحفاظ على توازنه، وعن طريق تحليل هذه البيانات يمكن اكتشاف بعض الطرق البسيطة ليتمكن الروبوت في المستقبل من التوازن بشكل مستقل.
للتعرف أكثر على هذا الروبوت شاهد الفيديو: هنا
في نهاية هذا المقال هل تعتقدون أن الروبوتات ستتمكن من المشي على قدمين والقيام بمهمات معقدة في المستقبل القريب؟ وماهي التطبيقات العملية التي ستنتج عن هذه التقنية؟
المصدر: