الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية
الدراسة الأولى من نوعها حول تأثير فيتامين D وفقدان الوزن على المؤشرات الحيوية للالتهابات
يعتبر فيتامينD هرموناً ستيروئيدياً ذو وظائفَ متعددةٍ تتجاوز دوره المعروف في تنظيم مستويات الكالسيوم واستقلاب العظام، حيث تم العثور على مستقبلات فيتامين D في أكثر من 30 نوعاً من الخلايا، وقد تحول تركيز الأبحاث الدائرة حالياً حول هذه الفيتامين من دوره في صحة العظام إلى تأثيره على السرطان وأمراض القلب والشرايين وفقدان الوزن بالإضافة إلى بعض الأمور الصحية الأخرى.
وفي واحدة من هذه الدراسات - والتي تعتبر الأولى من نوعها حول تأثير هذا الفيتامين الداعم لدور فقدان الوزن في خفض المؤشرات الحيوية للالتهابات- وجد الباحثون من مركز Fred Hutchinson، أن فقدان الوزن المترافق مع مكملات فيتامين D كان له تأثيرٌ كبيرٌ جداً في الحد من الالتهاب المزمن مقارنة بتأثير فقدان الوزن لوحده. فمن المعروف بأن الالتهابات المزمنة تُساهم في تطور وتقدم العديد من الأمراض بما في ذلك بعض أنواع السرطانات.
حيث نُشرت نتائج هذه الدراسة على الانترنت في مجلة Cancer Prevention Research التابعة للجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان the American Association for Cancer Research، حيث شارك فيها أكثر من 200 امرأةً فوق سن الإياس تُعانين من الوزن الزائد ويتمتعن بمستوياتٍ غير كافيةٍ من فيتامين D في بداية الدراسة.
يحدث الالتهاب عادةً عندما يتعرض الجسم لمسببات المرض pathogens، مثل البكتيريا أو الفيروسات، الأمر الذي يسبب استنفاراً لجهاز المناعة الذي يعمل بنشاطٍ كبيرٍ حتى يتوقف الهجوم وتخف هذه الاستجابة الالتهابية. ولكن في حالة الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة فإن الالتهاب يتميز بكونه حالةً مزمنةً، حيث يتم دعم الاستجابة الالتهابية بشكلٍ مستمرٍ نتيجةً لاستمرار الأنسجة الدهنية بإنتاج السيتوكينات cytokines -وهي نوعٌ من البروتينات التي تلعب دوراً في نقل الإشارة بين الخلايا كما تلعب دوراً في النظام المناعي حيث تساعد في صد الميكروبات وتتواجد عادةً لفترةٍ قصيرةٍ فقط ريثما يقوم الجسم بمحاربة العدوى.
ويُعتقد أن هذه الحالة من الالتهاب المزمن هي المكوّنة للأورام، حيث تُشجع نمو الخلايا السرطانية؛ وهنالك أيضاً بعض الأدلة على أن زيادة كتلة الجسم تقلل من مستوى فيتامينD في الجسم، ربما عن طريق عزله في الأنسجة الدهنية.
إن فقدان الوزن يساعد على خفض الالتهاب، وبالتالي يحد من خطر الإصابة بالسرطان، كما أن ضمان توافر فيتامين D بمستواه الأمثل يمكن أن يخفض من الالتهاب بدرجةٍ أكبر من الدرجة التي يخفضها فقدان الوزن وحده، وهذا يمكن أن يكون إضافةً هامةً للوسائل المستخدمة حالياً للحد من خطر السرطان.
وبحسب الكاتبة المسؤولة عن الدراسة Catherine Duggan - دكتورة، ومديرة الموظفين في شعبة علوم الصحة العامة في مركز Fred Hutch- فقد بينت دراساتٌ سابقةٌ أن الناس يمكنهم التقليل من المستويات الإجمالية للالتهاب من خلال فقدان الوزن، وهناك بعض الأدلة التي تقترح بأن تناول مكملات فيتامين D يمكن أن يكون لها تأثيراً مماثلاً ومفيداً في حال كان مستوى هذا الفيتامين في الجسم غير كافٍ. ومع ذلك، لم يكن من المعروف ما إذا كان الجمع بين الاثنين - فقدان الوزن وفيتامين D- سيعمل على تعزيز هذا التأثير؛ لذا فإن هذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها لاختبار ما إذا كانت إضافة فيتامين D تزيد من تأثير فقدان الوزن على المؤشرات الحيوية للالتهابات أم لا.
لمعرفة ذلك قامت Duggan وزملاؤها بتوظيف 218 امرأةً مسنةً بصحةٍ جيدةٍ يتمتعن بمستويات فيتامين D أقل من 32 نانوغرام/مل، حيث تم إخضاعهنّ لنظامٍ غذائيٍ وتدريبيٍ لمدة 12 شهراً (يتضمن 45 دقيقة من ممارسة الرياضة تتراوح بين المتوسطة والقوية لخمسة أيامٍ في الأسبوع). وقد تم اختيار نصف المشاركات عشوائياً للحصول على 2000 وحدةٍ دوليةٍ من فيتامين D يومياً خلال فترة الاختبار التي استمرت نحو عام، بينما حصل النصف الآخر على دواءٍ وهميٍ مطابقٍ شكلياً لجرعة الفيتامين التي أخذها النصف الأول دون أن تتمتع بفعاليتها أي كجرعة فيتامينٍ وهميٍ؛ ثم تمّ قياس المؤشرات الحيوية للالتهاب في بداية ونهاية الدراسة، ثم تمت مقارنة التغيرات في هذه المستويات بين المجموعتين.
في نهاية الدراسة، وُجِد أن مستويات الالتهاب قد انخفضت عند جميع المشاركات بغضّ النظر عن تناولهن لفيتامين D، مما يُشير إلى أهمية فقدان الوزن في الحدّ من الالتهابات. مع ذلك، فإن المشاركات اللواتي أظهرن انخفاضاً أكثر أهميةً في علامات الالتهاب كانوا من اللواتي تناولن فيتامين D وخسرن 5 إلى 10 بالمئة من الوزن الأساسي. وأظهرت هؤلاء المشاركات انخفاضاً بمقدار 37% في السيتوكينات الداعمة للالتهابات والتي تسمى الانترلوكين6 interleukin-6 أو IL-6 مقارنةً مع 17.2% بالنسبة للمجموعة التي تناولت الدواء الوهمي. كما وجد الباحثون نتائج مماثلةً بين النساء في مجموعة فيتامين D واللواتي خسرن أكثر من 10 في المئة من وزنهن في بداية الدراسة - والانترلوكين6 هو نوعٌ من السيتكونات يفرز من قبل خلاياً محددةً كالخلايا الضامة macrophages والخلايا المتعادلة neutrophils وبعض أنواع خلايا T لتحفيز الاستجابة المناعية ولعب دورٍ في مكافحة العدوى، وهذا النوع من السيتكونات له أدوارٌ مختلفةٌ فبالإضافة لدوره في الالتهابات واستجابات العدوى فهو أيضاً يلعب دوراً في تنظيم الاستقلاب الغذائي، والتجدد، والعمليات العصبية. وبالرغم من وجود وظائف طبيعية لـ IL-6 في الجسم، فقد ارتبطت مستوياته المرتفعة مع زيادة خطر تطور أنواعٍ معينةٍ من السرطانات، والسكري، وربما يكون مُسبباً لحدوث الاكتئاب.
إحدى النتائج المفاجئة لهذه الدراسة أن فيتامين D آظهر تأثيراً على العلامات الحيوية للالتهاب فقط بين النساء اللواتي خسرن 5 بالمئة من وزنهن الأساسي على الأقل، مما يُشير إلى أن فيتامين D قد لا يلعب دوراً في خفض الالتهابات لوحده بل يمكن أن يزيد ويدعم تأثير فقدان الوزن على خفض الالتهاب.
لذلك تشجع Duggan النساء على الطلب من أطبائهم أو مختصي الرعاية الصحية قياس مستويات فيتامين D عندهم لتحديد الجرعة الأنسب لهن.
ولمعرفة كمية فيتامين D المنصوح بتناولها يومياً ضمن الوارد الغذائي والتي توفر المستوى الأمثل حسب العمر والجنس وكذلك الجرعات المسموح بها من مكملات هذا الفيتامين يمكنكم قراءة مقالنا السابق عن فيتامين D (هنا).
المصدر:
الدراسة المرجعية
Duggan C، de Dieu Tapsoba J، Mason C، Imayama I، Korde L، Wang CY، McTiernan A، Effect of Vitamin D3 Supplementation in Combination with Weight Loss on Inflammatory Biomarkers in Postmenopausal Women: A Randomized Controlled Trial، Cancer Prev Res (Phila). 2015 Jul;8(7):628-35. doi: 10.1158/1940-6207.CAPR-14-0449. Epub 2015 Apr 23.
تعريف interleukin-6
Jürgen Scheller، Athena Chalaris، Dirk Schmidt-Arras، Stefan Rose-John، The pro- and anti-inflammatory properties of the cytokine interleukin-6، Biochimica et Biophysica Acta (BBA) - Molecular Cell Research، Volume 1813، Issue 5، May 2011، Pages 878-888، ISSN 0167-4889، هنا.